يتابع التجار الغزيون وأصحاب المحال المنتشرة في الأسواق الفلسطينية بالقطاع، الساعات القلائل التي تسبق الفطر السعيد في مسعى منهم لـ «سحب أرجل الزبائن» عبر طرب آذانهم بمعسول الكلام، وما جد من البضائع التي تواكب «الموضة»، على أمل إنفاد ما تكدس في المواسم السابقة. ومَــن يتجول في الأسواق ويطيل النظر فيها، يرقب حركة نشطة من الزبائن والزوار، لكن في الوقت ذاته، تبقى الحركة الشرائية طريحة الفراش، لا أمل في تجدد نشاطها أو تحريك الدم في أوردتها، وكعادتهم، لا يملك التجار سوى التفاؤل بموسم شرائي «عال العال»، بعدما تنفسوا الصعداء قليلاً، لاستلام الموظفين في الحكومتين «رام الله وغزة» رواتبهم، وإن كانت لا تشفي غليلهم..
فبلا شك الحركة الشرائية تختلف من متجر إلى آخر، بيد أن رواتب العاملين في القطاع الحكومي ساهمت في زيادتها. لا يكف الباعة عن الترويج لبضاعتهم، وسط عيون وأيدي الزبائن الممتدة للتسوق في رمضان، تجار السوق يعرضون بضاعة تفتح شهية الصائمين، ويتسابقون في جذب المشترين نحو متاجرهم. الوطن تجولت في سوق الزاوية بغزة، ورصدت حركة التسوق، والتقت العديد من المواطنين الذين قدموا من مختلف المحافظات للتسوق والتبضع من سوقهم المفضل. الموظف الحكومي أبو أمجد، اعتاد على شراء حاجياته من سوق الزاوية نظراً لأسعاره المنخفضة مقارنة بالأسواق الأخرى في باقي المحافظات، لم يخفِ تأثير تأخر صرف الرواتب على مقدرته الشرائية، مؤكداً أنه قرر التبضع ببعض الحاجيات الرمضانية التي أجلها بالإضافة لمستلزمات العيد بعدما تلقى راتبه.
وأثناء تجوله بين أزقة وزوايا سوق الزاوية قال لـ الوطن: «بعد أن تلقيت راتبي قررت النزول بجرأة للسوق لشراء باقي احتياجاتي الرمضانية من أطعمة ومشروبات مختلفة، وكذلك تجهيز مستلزمات العيد وكسوة الأطفال». أما المواطنة سعاد الحسن، فقد اكتفت بشراء الحاجيات الأساسية التي تلزم بيتها، نظراً لقلة حيلتها وسوء وضع عائلتها الاقتصادي. وقالت لـ الوطن: «أشتري بعض المتطلبات الضرورية للمنزل، لا حاجة للإكثار من الأطعمة والأشربة، رمضان شهر عبادة وتقوى أكثر منه طعام وشراب».. وأضافت بخجل: «العين بصيرة والإيد قصيرة.. نأمل أن يتحسن الحال على جميع الناس». لكن مشاعر الأمل اختلطت بعض الشيء بمشاعر السعادة وفرحة استقبال رمضان لدى الغزية السيد، قائلة: «رغم مرارة وقسوة الحصار إلا أنني عازمة على إدخال الفرحة والسرور على قلوب أبنائي الصغار ليسعدوا كباقي أطفال المسلمين بقدوم هذا الشهر.. وأهل الخير كتار وربنا ما بينسى عباده». ويرى التاجر أبو رباح أن حركة الشراء أصبحت نشطة هذه الأيام، لاسيما بعد تلقي الموظفين رواتبهم، حيث انهمك عددٌ كبيرٌ من المواطنين في التسوق والتبضع. وقال لـالوطن: «الوضع التجاري تحسن نوعاً ما، خاصة مع نزول رواتب موظفي حكومة رام الله، ونأمل أن تسير الأمور في تحسن الوضع الاقتصادي للمواطن والتاجر على حد سواء».
إلا أن الحركة الشرائية التي شهدتها أسواق غزة لم تستحوذ على رضا التاجر صباح حسونة، حيث قال لـ الوطن: «الحركة الشرائية ضئيلة بالنسبة لنا كتجار، الأوضاع الاقتصادية للمواطنين متردية جداً.. الحصار مازال مفروضاً، ومعدلات البطالة في ارتفاع». وأوضح حسونة أن جميع البضائع متواجدة في السوق بكافة أنواعها وأشكالها، وبأسعار متدنية جداً– حسب قوله– لكن إقبال المواطنين على الشراء بشكل عام محدود للغاية. واعتاد آلاف الغزيين التسوق في رمضان من سوق الزاوية؛ لجودة واعتدال الأسعار في محلاته، وتتميز شوارعه برائحة التوابل والفواكه ومؤخراً تصدّرت بضاعة رمضان من تمور ومُربي وعصائر ناصية الدكاكين.
وتشهد هذه الأيام القليلة التي تسبق عيد الفطر السعيد حركة شرائية نشطة في أسواق قطاع غزة، فالجميع يهم للاستعداد للعيد وتجهيز الحلوى والضيافة وكسوة أبنائه من ملابس وهدايا. رمضان في قطاع غزة.. لا يقتصر على التبضع فقط، فالأجواء الروحانية تشهدها المساجد والشوارع والساحات ابتهاجاً بالشهر الفضيل كبقية البلاد الإسلامية، فالتزود في رمضان يجب أن يكون بالتقوى في الأساس، وأن يُــحضِّر الصائم نفسه جيداً من الداخل، ليحظى في أوله بالرحمة، وفي أوسطه ينال المغفرة، وفي آخره يفوز بعتق من النار.
