احتدام الجدل في لبنان حول المحكمة الدولية والشهود ومخاوف من انهيار التهدئة

تاريخ النشر: 19 سبتمبر 2010 - 09:41 GMT
اللواء جميل السيد، وسط ، علي الحاج وزوجة الاخير سمر الحاج في مطار بيروت بعد وصوله من باريس/أ.ف.ب
اللواء جميل السيد، وسط ، علي الحاج وزوجة الاخير سمر الحاج في مطار بيروت بعد وصوله من باريس/أ.ف.ب

احتدم الجدل في لبنان حول ملف المحكمة الدولية وشهود "الزور" وتراشق اطارف المعارضة والمولاة الاتهامات المتبادلة وسط تحذيرات من انهيار اتفاق الدوحة والتهدئة.

النائب كبارة يشن هجوما على حزب الله

شن النائب محمد كبارة الاحد حملة عنيفة على حزب الله مؤكدا ان من يعتبر المحكمة الخاصة بلبنان "عدوة له فنحن نعتبره عدوا لنا"، ودعا رئيس الوزراء سعد الحريري الى "الدفاع عن كرامة الطائفة السنية".

وقال كبارة الذي ينتمي الى كتلة "تيار المستقبل" النيابية بزعامة الحريري ان: "اعداء الحقيقة والعدالة، اي حزب ايران وملحقاته، اسقطوا الدولة اللبنانية تمهيدا لاسقاط المحكمة الدولية".

واعتبر في مؤتمر صحافي عقده في طرابلس (شمال) في حضور عدد من رجال الدين السنة ان "كل من يعتبر المحكمة عدوة له فنحن نعتبره عدوا لنا (...) ومن هو ضد الدولة فليغادر الحكومة كائنا من كان".

واكد ان "الحرب بدأت على الدولة والسلطة والشعب الحر فاستعدوا لمواجهتها بالوحدة".

ويطغى التشنج السياسي مجددا على الوضع اللبناني على خلفية تصعيد حزب الله المتحالف مع سوريا حملته الهادفة الى تعطيل المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، ووسط تحذيرات من "فتنة" واحداث امنية في البلاد.

وحذر النائب حسن فضل الله المنتمي الى حزب الله السبت من "فتنة ربما لم يشهدها لبنان من قبل" وذلك على خلفية استدعاء القضاء جميل السيد للتحقيق معه.

وكان الامين العام لحزب الله حسن نصر الله اعلن في تموز(يوليو) انه يتوقع ان توجه المحكمة الدولية الاتهام بمقتل الحريري الى عناصر من حزبه. وبدأ الحزب منذ ذلك الحين حملة تدرجت صعودا ضد المحكمة متهما اياها بانها مسيسة.

واضاف كبارة ان: "من يتعرض لزعيم السنة او مقام رئاسة مجلس الوزراء بالتهديد سترد عليه الطائفة السنية بتهذيب لسانه ولن يكون التهذيب بيدها حتما (...) ندعو دولة الرئيس سعد الحريري الى تبني هذا النهج علنا دفاعا عن الشرف الوطني وعن كرامة الطائفة السنية".

ويشير كبارة في كلامه الى المدير العام السابق للامن العام اللواء جميل السيد الذي كان هاجم الحريري في مؤتمر صحافي الاحد الماضي، طلب بعده وزير العدل اللبناني من النيابة العامة تحريك دعوى الحق العام في حق السيد بسبب "تهديده" الحريري "وامن الدولة".

تحذيرات من سقوط اتفاق الدوحة

ووسط تحذيرات من سقوط اتفاق الدوحة، دعا وزير النقل والاشغال العامة اللبناني غازي العريضي الى "خفض نسبة الاحتقان" السائد في بلاده، مؤكدا أن "القلق كبير جدا".

وقال العريضي لصحيفة "النهار" اللبنانية في عددها الصادر اليوم الاحد: "يجب أن يبقى الجميع تحت سقف المؤسسات ، في النهاية هي المرجعية وإلا الى أين نذهب".

ولفت العريضي الى أهمية ما يمكن انجازه في مجلس الوزراء فأعطى مثلا قضية شهود الزور قائلا: "لقد ناقشها المجلس بكل جدية واحترام وقال رئيس الحكومة سعد الحريري كلاما متقدما جدا ومريحا وانتهينا الى قرار بالاجماع بتكليف وزير العدل ابرهيم نجار اعداد دراسة،ونحن في أول جلسة سنسأله عما انجزه على هذا الصعيد".

واعتبر أن "مظلة الامان" التي أقامتها القمة الثنائية السورية ­ السعودية ثم الثلاثية في قصر بعبدا "لا تزال قائمة"، مستدركا: "لكن تحت السقف اذا لم تدعمه يستطيع ايا كان ان يدخل ويلعب".

ولفت العريضي الى مخاطر استخدام لبنان بين جولة وجولة اخرى من "المفاوضات التي تتم بالشروط الاسرائيلية لخلق مشاكل وانقسامات ، لقد آن لنا ان نتعلم الدرس مما حصل في الماضي".

واستقبل نواب ومسؤولون من حزب الله جميل السيد لدى وصوله إلى مطار بيروت الدولي أمس ورافقوه إلى منزله وسط إجراءات أمنية مشددة للحيلولة دون إلقاء القبض عليه.

وقد توترت الأجواء في العاصمة اللبنانية بيروت اليوم، في الوقت الذي ينتظر فيه الجميع رد الحكومة على الخطوات التي اتخذها حزب الله، وما إذا كان ذلك سيعجل بنشوب قتال.

ولم تستبعد مصادر حصول اتصالات سورية ­سعودية لمعالجة هذا الإنفلات في لبنان، مرجحة قيام الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز مستشار العاهل السعودي بزيارة الى سوريا خلال الإيام القليلة المقبلة.

وقالت صحيفة "الديار" اللبنانية إنه في خضم هذه التوترات، علم أن رئيس الحكومة سعد الحريري سيعود اليوم الاحد من المملكة السعودية، حيث أجرى اتصالات مكثفة حول ما يجري على الساحة الداخلية.

وحسب الصحيفة، يعقد مجلس الوزراءاللبناني جلسة يوم الثلاثاء المقبل يغيب عنها وزير العدل اللبناني ابراهيم نجار، حيث علم انه سيجري عملية في يده، وبالتالي ما يعني بأن ملف شهود الزور لن يطرح خلال الجلسة، لأن الوزير نجار هو المكلف من قبل مجلس الوزراء بإعداد اقتراحات وتصور حول هذا الملف.

اللواء السابق جميل السيد  يعتبر قرار محكمة دولية حكما على سعد الحريري

وجاء هذا التراشق بعد ان اعتبر المدير العام السابق للامن العام اللواء جميل السيد السبت ان قرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ان لديها الولاية القضائية التي تسمح لها بسماع دفوع السيد هي حكم على رئيس وزارء لبنان سعد الحريري.

وكان جميل السيد واحدا من أربعة ضباط لبنانيين كبار مؤيدين لسوريا سجنوا في اطار تحقيق دولي في اغتيال رئيس وزراء لبنان الاسبق رفيق الحريري عام 2005 لكن المحكمة الخاصة للبنان امرت بالافراج عنه في نيسان / ابريل 2009 لعدم كفاية الادلة.

وفي تموز / يوليو مثل امام المحكمة في أول جلسة علنية تعقدها وطلب منحه الحق في الحصول على معلومات من المحكمة لدعم قضية يعتزم رفعها ضد من اتهموه في قضية الاغتيال للحصول على تعويض عن تشويه سمعته.

وجادل ممثلو الادعاء بأن المحكمة ليس لديها الاختصاص القضائي لسماع طلب السيد حيث ان تفويضها يقتصر على متابعة القضايا المتعلقة باغتيال الحريري. وقالوا ايضا ان جميل السيد ليست لديه الصفة القانونية للمثول امام المحكمة لانه لم يتهم بأي جرائم امامها.

لكن القاضي دانييل فرانسين أقر الجمعة بأن من مصلحة العدالة السماح بالمضي قدما في طلب السيد. واضاف انه نظرا لان عملية الافراج عن السيد عام 2009 صيغت بحيث تسمح بامكانية توجيه اتهامات له في المستقبل فان من حقه المثول أمام المحكمة.

وقال السيد في مؤتمر صحفي عقده في مطار بيروت الدولي قادما من باريس حيث كان يتابع قضية ما اصبح متعارفا على تسميته "الشهود الزور" ان "قرار فرانسين هو حكم عليك يا سعد الحريري هو حكم عليك يا سعيد ميرزا (المدعي العام التمييزي )

...انتم حوكمتم البارحة من قبل المحكمة الدولية التابعة لكم"

واكد اللواء السيد انه "أمس أخذنا حقنا من المحكمة الدولية... قاضي الاجراءات التمهيدية في المحكمة الدولية دانيال فرانسين لم يقل ليس هناك شهود زور وهذه محاكمة لكم."

وخاطب السيد رئيس حكومة لبنان قائلا "شيخ سعد القضية لن تنتهي الا عندما تكشفوا الحقيقة للناس وتقولوا لماذا فعلتم ذلك والا عندما تحاسبوا المجرمين الموجودين بحمايتك وعندك."

ويعتبر السيد ان الحريري محاطا بمجموعة من "شهود الزور" لفقوا التهم للسيد والضباط الاخرين وزجوهم في السجن اربع سنوات من دون ادلة.

وطلب وزير العدل اللبناني ابراهيم نجار يوم الخميس من النيابة العامة تحريك دعوى الحق العام في حق السيد بسبب ما اعتبرته تهديدا لرئيس الحكومة سعد الحريري وامن الدولة بعدما قال الاحد الماضي "اقسم يا سعد الحريري اذا لم تعطني حقي سآخذ حقي بيدي."

لكن السيد وصل الى المطار من دون توقيفه حيث كان محاطا بمسؤولين من حزب الله الذي كان قد اصدر يوم الجمعة بيانا اعتبر فيه ان "القرار الصادر قرارا سياسيا بامتياز وعنوانا للقمع والترهيب لكل مظلوم يصرح بالحقيقة في هذه المرحلة نرفضه بشدة وندعو الى التراجع عنه بسرعة"

وأدى اغتيال الحريري الى اغراق لبنان في أسوأ ازمة يشهدها منذ الحرب الاهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990 وتزايدت التوترات حول المحكمة وتفويضها.

وقال السيد "المعادلة بسيطة وهي المعادلة بالقانون والقانون فقط وكلما قمتم ومنعتم القانون سنحاسبهم من الشارع" مضيفا ان " القوانين جعلت لكي لا يستوفي احد حقه بيده. انت يا سعد الحريري تدفعنا لنأخذ حقنا بيدنا بعد ما فعلته بنا."

واللواء السيد هو احد الضباط الاربعة الذين سجنوا في آب /  أغسطس  2005 في إطار التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري الذي قتل فيه كذلك 22 شخصا في تفجير شاحنة مفخخة في بيروت في 14 شباط / فبراير  2005.

وافرج عن الضباط الاربعة في نيسان / ابريل  2009 بقرار من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي التي تنظر في اغتيال الحريري بسبب عدم وجود "عناصر اثبات كافية".