قال رئيس الحكومة العراقية المنتهية ولايته نوري المالكي انه جزء من المشكلة التي تعيق عملية تشكيل الحكومة الجديدة، لكنه تحدى في الوقت ذاته حلفاءه وخصومه السياسيين على السواء في ايجاد مرشح آخر بديل أفضل منه لرئاسة الحكومة.
ورغم مرور خمسة أشهر على إجراء الانتخابات البرلمانية التي كان يأمل من خلالها العراقيون أن تؤدي إلى مزيد من الاستقرار في الحكم في العراق، الا أن المالكي قال في مقابلة مع رويترز الجمعة إن الأمن في العراق ما زال مستقرا، مؤكدا ان ثقة المستثمرين لم تتأثر باطالة أمد المفاوضات التي لم تثمر حتى الآن عن أي تحالف قد يفضي إلى تشكيل الحكومة.
وقال المالكي: نعم نحن كشخص وككتلة جزء من المشكلة لاننا نمتلك القناعة والتصور ونريد النجاح، ولا يمكن لنا وتحت الضغط الذي يروج له الاعلام ان نتخلى عن مسؤوليتنا... قناعتنا ينبغي أن تحترم كما تحترم قناعة الآخرين.
واضاف: أنا لم أصنع المشكلة.. أنا أريد أن أحل المشكلة.
وتحدى المالكي خصومه في حل الأزمة بعيدا عنه بالقول: ماذا لو اني تخليت عن هذه القضية هل يستطيعون حلها بالشكل الذي يجعل العملية السياسية تستمر؟. ومضى يقول: أنا ساكون مسرورا بهذا الإجراء.
وحذر المالكي من محاولات خصومه السعي إلى اضعاف صلاحيات منصب رئيس الوزراء وقال ان هذا الإجراء سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار وفسح المجال أمام عودة تنظيم القاعدة والجماعات المسلحة والميليشيات التي كانت السبب في إغراق العراق في بحر من الدماء نتيجة الصراع الطائفي الذي بلغ ذروته عامي 2006 و2007.
ولم تفرز الانتخابات البرلمانية التي جرت في السابع من مارس اذار عن فوز صريح لكتلة بامكانها تشكيل الحكومة بمفردها وهو ما أدى إلى تفاقم الصراع بين الغريمين إياد علاوي الذي يترأس القائمة العراقية والمالكي. وحلت القائمة العراقية في المركز الأول بالانتخابات بفارق مقعدين عن ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي.
ولم تتمكن أي من الكتلتين حتى الان من تشكيل تحالف تستطيع المضي به الى البرلمان لتشكيل الحكومة من خلال تحقيق الاغلبية داخله. ويواجه كل من المالكي وعلاوي صعوبة في اقناع الكتل للانضمام الى تكتليهما لتشكيل الحكومة.
وكان التحالف الذي شكل بين قائمة المالكي ذات الصبغة الشيعية وقائمة الائتلاف الوطني الذي يضم غالبية الاحزاب الشيعية قد وصل قبل ايام معدودة الى طريق مسدود عندما اعلن قادة الائتلاف الوطني رسميا عن وقف مباحثاتهم مع قائمة المالكي بسبب اصرارها على استمرار ترشيحه كمرشح وحيد لرئاسة الوزراء.
وطالب قادة الائتلاف الوطني قائمة ائتلاف دولة القانون بتقديم مرشح اخر غيره وهو مطلب قوبل بالرفض الشديد من القائمة والمالكي.
وقال المالكي: أنا أعرف أن هناك أناسا أقوياء ولكن أعرف انهم لا يمتلكون المقبولية. هم يقولون إن هناك اعتراضات واسعة على المالكي، لكن اعرف أن هناك اعتراضات أوسع على مرشحين يعملون من أجلهم.
وتحدى المالكي خصومه وشركاءه على السواء أن يتمكنوا من الاتفاق على مرشح واحد وقال: أنا قلتها في السابق وأقول اعتبروا المالكي غير موجود في العملية السياسية.. أنا منسحب.. اعتبروني مجمد لترشيحي.. اتفقوا على مرشح انتم والعراقية والتحالف الكردستاني ونشوف (لنرى)... لكن لا يستطيعون.
ورغم توقف المباحثات بين الحليفين التقليدين وهما قائمة المالكي وقائمة الائتلاف الوطني الذي جاء ثالثا بالانتخابات، الا أن المالكي قال انه لن يمانع بانضمام الائتلاف الوطني للمباحثات التي قال انها تجري الان بين قائمته وقائمة علاوي بمشاركة الاكراد وقائمة التوافق. ووصف المالكي هذه المباحثات بأنها جادة وقوية.
وقال المالكي: نعم توقف الحوار مع الائتلاف الوطني ولا نريد ان يتوقف للاخير لاننا لا ننوي استبعادهم من تشكيل الحكومة. ايضا لابد وان ياتوا وياخذوا حصتهم ودورهم اذا تكلمنا بلغة الحصص والمحاصصة في تشكيل الحكومة.
واستبعد أن يكون لأزمة تشكيل الحكومة أي تاثير على الاستثمار في العراق وقال ان هناك مشاريع ما زالت تعمل بكامل طاقتها.
وقال: أقول بصراحة ليس هناك متاعب للعملية الاقتصادية... الاستثمار في العراق لم يتاثر ابدا ولن يتغير لان الاتفاق على الاستثمار ليس لدينا فيه مشكلة لانه لا يحتاج في الغالب الى (مصادقة مجلس النواب).
ويخشى كثيرون ان تؤدي عملية تاخير تشكيل الحكومة الى عودة العنف مرة اخرى الى العراق. ورغم انخفاض العنف في العراق مؤخرا مقارنة بالسنوات الماضية الا ان شهر يوليو تموز شهد ارتفاعا ملحوظا في عدد ضحايا العنف من القتلى والجرحى مقارنة بالاشهر التي سبقته.
ورغم استمرار عمليات القتل والاغتيالات واستهداف عناصر حكومية وامنية بالقنابل الا ان المالكي اشاد كثيرا بالقوات الامنية العراقية وقلل من شأن التقارير التي تتحدث عن تدهور الوضع الامني بسبب الازمة الحالية التي ترافق تشكيل الحكومة.
وقال: أنا متأكد اذا ياتي رئيس وزراء ضعيف وغير مدعوم من قبل غالبية القوى والكتل السياسية والبرلمانيين فان الخطر سيكون كبيرا على وحدة العراق وعلى الوضع الامني وستعود الميليشيات والعصابات وستعود القاعدة من جديد وتبدأ النزاعات.
واضاف: نحتاج الى رجل يعرف حقيقة خريطة التحديات الموجودة سواء كانت دبلوماسية أو على مستوى العلاقات الخارجية أو الداخلية.
وسيواجه العراق قريبا التزامات بجداول زمنية عسكرية تتمثل في سحب الولايات المتحدة قواتها القتالية من العراق نهاية الشهر الجاري مع الابقاء على 50 ألف جندي لاغراض التدريب والمساعدة بحسب الاتفاقية الامنية التي وقعت بين العراق والولايات المتحدة بنهاية عام 2008 . وبحسب الاتفاقية فان الولايات المتحدة ستسحب كامل قواتها بنهاية عام 2011.
وستواجه القوات العراقية والتي ما زالت حديثة النشأة والتجهيز والتدريب تحدي ملء الفراغ الامني والعسكري الذي سيخلفه انسحاب القوات الاميركية من العراق.
وفي سؤال فيما اذا كان العراق سيسمح ببقاء قواعد عسكرية أمريكية في العراق لما بعد الانسحاب قال المالكي "هذا موضوع متروك لرئيس الوزراء القادم وموافقة البرلمان... لا يمكن الابقاء على قواعد أمريكية الا اذا اختار البرلمان ذلك.
واضاف: لا نريد الحديث عن هذه القضية ونستبق الاحداث مازال أمامنا سنة وخمسة اشهر وان شاء الله الامور تتغير وقد يكون رئيس الوزراء (القادم) بغير حاجة إلى مثل هذا الطلب.
وجدد المالكي دعوته إلى الدول الاقليمية والدولية بعدم التدخل في الشأن العراقي وخاصة في مسالة تشكيل الحكومة وقال: تدخلهم هو من عقد المشكلة.
واضاف: أنا اعتقد ان الاطالة التي تحصل في تشكيل الحكومة هي رسالة للدول ان لا تتدخلوا. ومضى يقول: ما لم يتوقف هذا (التدخل) فلن تتشكل الحكومة.
وكانت مصادر حكومية عراقية قد وجهت اتهامات الى الولايات المتحدة ودول مجاورة للعراق مثل ايران والسعودية وسوريا وتركيا تتهمها بالتدخل في الشأن العراقي.
وقال المالكي: العراق ليس بلدا مجهريا او صغيرا حتى يرسم له خارطته الذين يتخوفون من النفوذ الشيعي ويربطون النفوذ الشيعي بايران. هؤلاء يخطئون لانهم لا يعرفون شيعة العراق.
واضاف المالكي وهو شيعي: هم (الشيعة) أناس ليسوا طائفيين هم وطنيون ملتصقون ببلدهم ويدافعون عنه... واذا اخطأ البعض منهم في هذا المسار فانهم لا يمثلون شيعة العراق.