المحادثات المباشرة" ليست عصا سحرية لحل مشكلة الشرق الاوسط

تاريخ النشر: 13 أغسطس 2010 - 01:13 GMT
المحادثات غير المباشرة هي البديل الافضل في الوقت الحالي
المحادثات غير المباشرة هي البديل الافضل في الوقت الحالي

قال ارون ديفيد ميلر مستشار الشرق الاوسط السابق بوزارة الخارجية الاميركية إن الانتقال من المحادثات غير المباشرة إلى المحادثات المباشرة قد لا يتمخض عن تقدم يذكر ما لم يكن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو يخفي في جعبته مفاجأة.

وأضاف ميلر قائلا لرويترز "سيكون خطأ له أبعاد شديدة أن نخلص الى أننا وصلنا الآن إلى نقطة تحول أساسية ستسفر عن تقدم سريع او سهل ناهيك عن النتائج."

ومضى ميلر يقول انه ما لم يكن الرئيس الامريكي باراك أوباما قد سمع في أحاديث خاصة من نتنياهو وهو يميني عن تغير كبير فانه سيكون من الافضل "ترك" المسألة الى ما بعد انتخابات التجديد النصفي في الكونغرس التي تبدأ في تشرين الثاني / نوفمبر بالولايات المتحدة بدلا من أن يجازف "بمعركة أخرى مع الاسرائيليين."

وكان ميلر يناقش تقارير أفادت بأن الفلسطينيين ربما يكونون على وشك قبول دعوة نتنياهو المتكررة لاجراء محادثات وجها لوجه بدلا من المحادثات غير المباشرة.

وصرح بأنه ربما يكون نتنياهو يرغب في التعامل مع الفلسطينيين دون وجود أمريكيين. لكن تغيير شكل المفاوضات لا يعني الكثير وقد يأتي بنتائج عكسية لاوباما الذي يضغط لاجراء محادثات مباشرة.

وقال مارك ريغيف المتحدث باسم نتنياهو "في نهاية المطاف أعتقد أن علينا جميعا أن نفهم أنه لا يمكن تحقيق السلام بين الشعبين سوى من خلال المحادثات المباشرة."

وقال ميلر ان هذا يبدو صحيحا من الناحية النظرية. لكن عمليا يظهر تاريخ المفاوضات في الشرق الاوسط العكس وهو أن المحادثات غير المباشرة كانت اكثر نجاحا في معظم الاحيان.

وأضاف ميلر الذي يعمل الان محللا سياسيا بمركز وودرو ويلسون في واشنطن "قبل أن أترك الحكومة بدأت المحادثات المباشرة بشأن قضايا الوضع الدائم (بالشرق الاوسط) بين عامي 1993 و2003 عشر مرات."

وتكمن المشكلة في أنه حتى اذا استطاع الجانبان الاتفاق الان على الجلوس وجها لوجه في نفس الغرفة فان التباعد بينهما كبير ويتركز حول القضايا الرئيسية بحيث لا يوجد امل يذكر في الا تفشل مثلما فشل غيرها من قبلها.

والقضايا الكبرى هي مطالبة كل من الجانبين بأن تكون القدس عاصمة دولته وتسوية عادلة للاجئين الفلسطينيين ومصير المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وما اذا كانت اسرائيل سيحق لها القيام بدوريات عند الحدود الدولية للدولة الفلسطينية المستقبلية.

كان ميلر مستشارا لستة وزراء للخارجية الاميركية لم ينجح اي منهم في تحقيق السلام بالشرق الاوسط.

وقال "الواقع أن المفاوضات المباشرة لم تكن عنصرا ضروريا قط." وباستثناء اتفاق السلام الذي وقع عام 1994 بين اسرائيل والاردن يظهر السجل أن المحادثات المباشرة "هي بكل وضوح ليست كافية للتوصل الى اتفاق."

وتصيغ القوى الكبرى المنخرطة في دبلوماسية الشرق الاوسط وهي واشنطن وموسكو فضلا عن الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي بيانا سيستخدم كمرجعية للمحادثات المباشرة اذا وافق الجانبان عليه في الاسبوع القادم.

وقال ميلر إن العناصر التي تحدد ما اذا كانت هناك فرصة لنجاح المحادثات هي "هل يرغب اي من الجانبين في اتخاذ قرارات تدفع هذه المحادثات قدما؟ هل هناك مرجعيات لا نعلم بها او ضمانات قدمت؟ وما هي حسابات امريكا لدورها؟"

وأضاف ميلر أن هذه المؤشرات "اهم بكثير مما اذا كانت المحادثات ستكون مباشرة" بل يمكن القول ان المحادثات غير المباشرة "هي البديل الافضل في الوقت الحالي وليس الضغط على الفلسطينيين او الاسرائيليين لخوض محادثات لم يستعد الجانبان لها."

وتساءل ميلر لماذا سيقامر أوباما على خلاف اخر مع نتنياهو قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس التي تجري في نوفمبر في الوقت الذي يواجه فيه تحديات صعبة في افغانستان والعراق الى جانب اقتصاد متعثر.

وقال ميلر "هناك احتمال واحد هو أن يكون أوباما "سمع شيئا من نتنياهو يتجاوز ما سمعوه (الاميركيون) من قبل" وان يكون اعتقد أن عباس سيسر بما سيسمعه من الاسرائيليين في المحادثات المباشرة.

وقد يكون هناك دافع اكثر تشاؤما وهو أن أوباما يحرص على تجنب حدوث أزمة بالشرق الاوسط "في سبتمبر أثناء انعقاد الجمعية العامة للامم المتحدة" اذا استأنفت اسرائيل بناء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة.

وفي 26 ايلول / سبتمبر ينتهي رسميا تجميد جزئي لبناء المستوطنات الذي حدده نتنياهو بعشرة اشهر على الاراضي المفترض أن تقام عليها الدولة الفلسطينية في المستقبل.

وقال ميلر إن المحادثات المباشرة "ستتفق اكثر كثيرا مع احتياجات نتنياهو اكثر من عباس." لكن بالنسبة لاوباما سيكون المسار الاكثر حكمة هو "ترك هذه المسألة في الوقت الحالي والسماح للجانبين بخوض مفاوضات لفترة طويلة."

وأضاف "الطريقة المضمونة لاحداث أزمة هي الضغط من اجل هذه المحادثات المباشرة."

ومضى يقول انها قد تنهار وسط "وعود لن يوفى بها وانعدام الثقة وتصرفات اسرائيل على الارض على سبيل المثال في القدس او الفجوات الفاصلة الكبيرة التي لا يمكن تجاوزها."