حالة الترقب المرافقة لكل اجتماع وزاري خليجي وما يتبعه من حالة سجال بين وزراء الخارجية الخليجيين وردود وزير خارجيتنا، التي تظهرنا وكأننا نستجدي الانضمام إلى التعاون الخليجي باتت مزعجة، ولا تحدث تقدما لا بل تولد ردود فعل غاية في التوتر عن مجاميع اجتماعية اردنية، بالرغم من أن وزيرنا يقوم بواجبه، ليس إلا.
وإذا ما كان السؤال اليوم عن الانضمام للتعاون الخليجي من باب الجدوى او الظرف أو مدى تلقائية الضم أو الحاجة فيه للأردن في مواجهة مقبلة على امن الخليج، فكلنا يعرف أن توحيد الثقافة خطوة أولى للوحدة العامة. وللتاريخ، فثقافة شعوب الخليج الخاصة ونمط الانتاج وشكل الدولة وتطور مسارها مختلف عنه في حالة الأردن والمغرب العربي وإن كانت هذه الدول ملكيات عربية. لكن مسار التطور للبنى الاجتماعية وحركة القوى السياسية وتشكل النخب مختلف ومتقدم عنه في المسار الخليجي، لذلك سيبقى هناك بون شاسع في هذا المجال مما سيجعل ملف الضم غير متحقق شعبيا ونخبويا وإن كانت هناك رغائب عليا تحفّ به.
ما يحتاجه الأردن من الخليج فرص عمل، علما أن اليد العاملة الأردنية من معلمين وأطباء وغيرهم يجب ان لا ينظر إلى تشغيلهم بأنهم حالات انسانية، بل هم على درجة عالية من التدريب مقارنة بعمالة العرب والاسيويين الذي يلفون المدن الخليجية بأخطار ومشكلات عدة، ومنها قيم العمل والاتقان وخطر الهوية واللغة وخطر الدمج الاجتماعي وحقوق الإنسان. وباب التعاون في الاقتصاد بين الاردن ودول الخليج العربي يمكن ان يفتح الباب لاوجه التعاون الأخرى في التنمية والاجتماع والتعليم والثقافة.
صحيح ان المجموعة الخليجية لا تنظر بعين واحدة للأردن، ورمانة الميزان في مسألة ضم الأردن هي المملكة العربية السعودية، والسبب لطبيعة العلاقة بين البلدين، فالمملكة العربية السعودية تنظر بأهمية كبيرة لأمن واستقرار شمالها كما كانت تنظر وتدعم استقرار الجنوب في حالة اليمن، وإلى جانب ذلك لخادم الحرمين رؤية خاصة وعلاقة مودة كبيرة مع الأردن، وقد عبر عنها في غير مرة، لكن حتى داخل العقل السياسي السعودي المحيط بالملك هناك عدة وجهات نظر بالنسبة للأردن، وقد تنتصر فكرة الدعم عوضا عن الضم الكامل.
ولعل المهم في مسألة الضم، هي ان يوضح لنا وزير خارجيتنا الملفات الأساسية الخفية التي يجري التفاوض عليها، والتخوف منها جراء ضم الأردن، فعندما يقف وزير خارجية سلطنة عمان معبرا بصراحة ويتبعه وزير خارجية الإمارات بذات الموقف ولو بصيغة مخالفة، فمعنى هذا ان ثمة شيئا يُحدث حالة تخوف وتحفظ على ضم الأردن، وهذا ما يريد جُل الأردنيين أن يفهموه ويعرفوا أسبابه، فدولتنا ليس عاجزة او مترهلة او تريد بناء مستشفيات او مدارس، حتى يعطف علينا بضمها، كما ان المسألة في قبول الضم يجب ان تطرح عبر استفتاء شعبي أو يصوت عليها مجلس النواب، فذلك ما يعزز موقفنا ويخرج أمر الضم والموقف منه بشكل أكثر لياقة.