الأردن: الترويج لمكافحة الفساد هل يخرجنا من الأزمة الاقتصادية؟

تاريخ النشر: 16 فبراير 2012 - 12:22 GMT
ان الخروج من عنق زجاجة الأزمات يتطلب رؤى جديدة
ان الخروج من عنق زجاجة الأزمات يتطلب رؤى جديدة

جهود كبيرة تبذل على مستويات مختلفة من مجلس النواب والقضاء وهيئة مكافحة الفساد وصحافة ومؤسسات المجتمع للتصدي للفساد وملاحقة الفاسدين والمفسدين، ويصل الامر حد الترويج لمكافحة الفساد وظهور الاتهامات في مهدها على وسائل الاعلام وكانه انجاز كبير، علما بان معالجة الفساد تحتاج الى تحريات وتحقيقات وتدقيق واستماع للمتورطين والشهود والمتضررين وغير ذلك، وهنا نخشى ان نصل الى مرحلة تحويل التصدي للفساد الى حملات تسويقية ترويجية تلحق الاقتصاد بقطاعاته المختلفة اضرارا بليغة، وتقلص جاذبية الاردن امام المستثمرين المحليين والعرب والاجانب، وهنا يطرح سؤال طبيعي واكثر،هل سيؤدي مكافحة الفساد الى معالجة الاختلالات في الاقتصاد؟ وهل نستطيع حل معضلة ضيق القاعدة الاقتصادية وتنوعها؟ وهل نعالج ضعف خدمات التعليم والخدمات الصحية والطبية المقدمة للمواطنين؟ وهل نعالج التشوهات القاسية المتمثلة في ضعف توزيع التنمية، وجسر الفجوة المتفاقمة بين الاغنياء والفقراء؟ وغير ذلك من الاسئلة.

يوصف الأردن بأنه من الدول التي تخصص اموالا سخية على قطاعي التعليم والصحة تضاهي الدول المقدمة نسبة الى عدد السكان وحجم الموازنة العامة للدولة، الا ان مخرجات التعليم ومستويات الخدمات الصحية ضعيفة، وهنا المشكلة ليس في حجم النفقات وانما في كيفية انفاقها، ولمزيد من الايضاح لدينا موازنة للدولة للعام 2012 مثقلة بالعجز الذي يتجاوز مليار دينار ونحو مليار دولار متوقع لتوليد الطاقة الكهربائية في ضوء ارتفاع مدخلات الانتاج، ومديونية عامة تصل الى عشرين مليار دولار، ومع ذلك تخرج علينا تصريحات لمسؤولين حكوميين يؤكدون ان الموازنة تعاني هدرا يصل الى 20%، وهذا يطرح بقوة مسألة الرقابة الداخلية والمؤسسات المعنية.

ليس بالحديث ونشر غسيل الفاسدين والمفسدين قبل صدور احكام قضائية قطعية يعالج هذا الملف الحيوي الذي يهفو اليه العامة، والسبب في ذلك الهوى تغيب مساهمة الشارع الاردني والقوى السياسية وبيوت البحث والخبرة في صناعة القرار على سنوات وعقود مضت، وتهميش القطاع الخاص الشريك الحاضر الغائب في اتخاذ القرارات المالية والاقتصادية الحيوية، وان مرحلة الاصلاح والتحديث والتغير التي نشهدها تتطلب تمكين وسائل الاعلام من حق الوصول الى المعلومات والارقام، والابتعاد عن قبض المسؤول الاول وزيرا او مديرا بيديه على زمام الامور من معلومات ويحد من التفاعل مع الاعلاميين، والمطلوب ارساء نمط عادل في التصرف بالمعلومات والمقابلات والتقارير لخدمة الصالح العام.

الحاكمية الرشيدة و / او الحكم الصالح يتطلب دستور وقوانين وانظمة وتعليمات تسن من قبل سلطة تشريعية تستمد قوتها من الشعب، وسلطة تنفيذية مسؤولة امام السلطة التشريعية، وسلطة قضائية مستقلة نزيهة كفوءة، واعلام يضع على رأس الاولويات خدمة المجتمع وجسر علاقة بين جميع السلطات وتساهم في اطلاق حوار ايجابي لاسوداوي، ومؤسسات مجتمع مدني حقيقية لاتلتفت فقط للمكاسب والدعم الاجنبي المشروط،،،، ان الخروج من عنق زجاجة الازمات يتطلب رؤى جديدة تراعي ما ورد اعلاه وهذا ما نحتاجه في هذه الايام.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن