الشرق والغرب.. و تبني الروح الإنسانية

تاريخ النشر: 28 أغسطس 2011 - 05:55 GMT
ان(هشاشة الوضع البشري)الذي يعيشه الانسان في الغرب والذي بدأ يتكشف تحت ضغط تراكمات الاحداث يؤكد أن البشر هناك أمامهم خياران لا ثالث لهما، فإما أن يكونوا ضحية ووقودا لماكينة النظام الرأسمالي السائد، وإما الانتحار
ان(هشاشة الوضع البشري)الذي يعيشه الانسان في الغرب والذي بدأ يتكشف تحت ضغط تراكمات الاحداث يؤكد أن البشر هناك أمامهم خياران لا ثالث لهما، فإما أن يكونوا ضحية ووقودا لماكينة النظام الرأسمالي السائد، وإما الانتحار

" الغرب الرأسمالي يضغط وبشكل وحشي لانتصار كل ماديات الحياة على روحية الصداقة لمعنى الإنسانية داخل مجتمعاتهم ."

قبل فترة ليست بطويلة نشر موقع (مرايه ألمانية) تقريراً متضمنا معلومات دقيقة عن نسبة البطالة في 27 دولة أوروبية، موضحا أن تفاقم البطالة دافع رئيسي لبدء تظاهرات اتسمت في بعض البلدان بالعنف، وجاء في التقرير المذكور أن أسبانيا على رأس قائمة الدول الاوروبية التي تعاني من مشكلة البطالة، حيث وصلت النسبة إلى 46% وتأتي بعدها اليونان بنسبة 33,5%. وخطورة هذه المشكلة، كما يؤشر التقرير إلى أن فئة الشباب في مقدمة الفئات التي تنتشر بينها البطالة . وقبل نشر هذه المعلومات أشار أكثر من مصدر للمعلومات الغربية إلى أن ظاهرة خطيرة أخرى بين الشباب في اوروبا وهي ظاهرة الانتحار نتيجة البطالة والأزمات الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها البلدان الاوروبية بدأت تتفشى، حيث جاء من ضمن هذه المعلومات أنه وفي اليونان مثلاَ وفي عام 2009 ازدادت نسبة الانتحار بين الشباب من 13% إلى 17% بذلك تؤكد التقارير أن الجيل الاوروبي الشاب اصطدم بخيبة امل كبيرة لانه أكثر المتضررين من ظاهرة الانكماش الاقتصادي مما يدفعهم إلى الانتحار .

نؤشر تحت هذه الارقام ومحتوى بعض التقارير المتعلقة بوضع الشباب في الغرب لنتوقف قليلاَ عند مقولة ( الشرق ..شرق، والغرب ...غرب) وهي مقولة فيها نسبة من الصحة لتقييم طرفي ارض الله الواسعة . نسبة الانتحار17% بين الشباب في بلد وفي قارة ظاهرها عند الناس : الوعي والحضارة، والإدعاء بأنها منبع لتحقيق حقوق الإنسان والادعاء أن فيها بناء الإنسان حسب متطلبات العصر.. ومع ذلك لن يحدث أي تغيير. ومن بين كل تلك الادعات التي أشرنا إليها مسألة فيها أكثر من نظر، خصوصاً وأمام البشرية وفي هذا العصر نموذج مغاير لهذه النتيجة في التأثير على القيم الإنسانية من أجل التغيير، ليس بنيان النظام فقط، بل المجتمع برمته ، وهو انتحار شاب تونسي حرقاَ وهو ابن الشرق والعالم الذي يسميه الغرب بـ(الجنوب) المرادف عندهم للتخلف ....!! 

قيل لنا او هكذا فهمونا : إن الوعي في أي مجتمع يتناسب طرديا مع الخصائص الايجابية الموجودة في ذلك المجتمع وعكسيا مع الخصائص السلبية؛ أي كلما توسعت الخصائص الايجابية في المجتمع توسع معه الوعي العام فيه والعكس صحيح! وفهمنا كذلك(من الخبراء!) أن المجتمع الواعي يتجه لبناء نظام سياسي متحضر يتناسب مع وعيه، وبذلك يبدأ مسيرته نحو تحقيق الرؤى والامل في التطور. بغض النظر عن نيات مروجي هذه الاوصاف المثالية لمعنى وتأثير الوعي ودوره في بناء البشر والمجتمع والدولة.

من يتعمق في حال الدنيا والبشرية ليس أمامه الا ان يصاب بالصدمة من ارباك الاشياء وتناقض الوصف مع ما تعيشه البشرية مما يدفعه لكثير من التساؤلات: هذا الطرف الغربي الذي يقوده النظام المادي ماذا قدم للروح البشرية غير الادعاء ؟ بدليل أن (هشاشة الوضع البشري) الذي يعيشه الانسان هناك والذي بدأ يتكشف تحت ضغط تراكمات الاحداث يؤكد أن البشر هناك أمامهم خياران لا ثالث لهما، فإما أن يكونوا ضحية ووقودا لماكينة النظام الرأسمالي السائد، وإما الانتحار ...!! صفحة تعريفية للشخصية الاوروبية اللامعة (خافيير سولانا) يقول : إنه شاب كان يقود المظاهرات ضد التصرفات العدوانية لحلف (الناتو) سيء الصيت، وضد دخول بلده في هذا الحلف العدواني، وبعد مرور سنوات العمر رأى نفسه عاملاً منفذا لكل عدوانية هذا الحلف ....!! . وشخصية أخرى كان أسمها (روجية دوبري) الفرنسي ذهب إلى الأدغال وعاش مراحل الروح الثورية (لجيفارا ) وأصدر كتبا متحدثاً عن روح الثورة لدى مناضلي عالم الجنوب، وبعد مرور العمر رأى نفسه مستشارا في قصر الأليزيه لخدمة تأريخ التصرف الاستعماري لفرنسا ومستشاراَ منفذا للعمل بهذالاتجاه .

فيلم امريكي بعنوان(سيد الحرب) يتحدث عن ظاهرة تجارة السلاح، ودور من يقوم بها في اشعال نار الحروب، واستمرار النزاعات طالما هي بيد المتنازعين على تجارة السلاح، فالشاطر في هذا الفيلم (وهو مواطن من كرواتيا) عندما كانت بلاده ضمن فلك الاتحاد السوفييتي ما كان له حول ولاقوة ويصبح بعد ذلك من الاغنياء غير الاعتياديين بعد(حملة الحواسم) التي حصلت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، ويستقر في جنة امريكا، ويفلت عددا من المرات من العدالة الامريكية ! المحاربة لهذه التجارة!! ولكن اخيرا يقع بين يدي الشرطة، واثناء التحقيق وبعد مواجهته بالدلائل يقول له المحقق الاحسن له ان يعترف ولكنه يقول للمحقق: (بعد قليل يأتي احدهم ويدق الباب وانت تذهب لترى مسؤولا واقفا أمام الباب ليبلغك بنقلك الى موقع اعلى ويطلب منك اعتبار قضيتي مغلقة! ) والمحقق يستهزئ من كلام التاجر ويضغط عليه ليعترف ولكنه رجل ذو خبرة ومجرب يقول له : ان مهنتي هي مهنة رؤساء كثير من الدول الذين لا يستطيعون الاستغناء عن خدماتي وخبرتي بدءا برئيس ليبيريا ومنتهيا برئيسنا في البيت الابيض، وينتهي الفيلم كما توقع التاجر وهو يخرج مزهو بالحرية مع(الحصانة) .....فلنقيس تسلسل او هرمية مسيري العالم الذي نعتقد او هكذا المفروض(انه في مستوى الوعي) الذي يضمن له البناء والحرية ويحارب التخلف فهو سبب الهلاك والحروب و ميلاد الديكتاتوريات............الخ .

سؤال أزلي: كيف نستطيع فرز الصالح من الطالح في العلاقات البشرية؟ بحيث نضمن ارتفاع كفة الصالح الى حد لا يستطيع الطالح معه ان يكون سيد الموقف لمنع البشرية من السير على طريق الصعود ويكون الصالح سيد الموقف في الحياة لتنمو العدالة في المجتمع؟! إن قراءة دقيقة ونظرة عميقة لصوره تظهر لنا أن الغرب الرأسمالي يضغط وبشكل وحشي لانتصار كل ماديات الحياة على روحية الصداقة لمعنى الإنسانية داخل مجتمعاتهم يدفعون البشرية لاختيارين كلاهما لصالح المحرقة الرأسمالية . فإما التخلي عن الروح من أجل الخدمة المادية .. وإما توديع الروح والحياة بالانتحار، والعمل الدؤوب لابقاء تخلف فرض سيطرته على الشرق عن طريق إنهاء قدراتهم، ونطرح نموذجا من الشرق يسمونه الآن بـ (الفوضى الخلاقة ) نبتعد عن نموذج نظرة الغرب ..باتجاة العالم الاسلامي ونأتي بنموذج آخر من الشرق ... في الهند النموذج المتميز للديمقراطية في شرق الكرة الارضية والوعي القيادي في ذلك البلد الذي اوصلها الى النادي النووي العالمي ليكون في صف الاقوياء في العالم، مع ذلك ولحد الآن لا يستطيعون اقناع ملايين من مواطنيهم من الذين يؤمنون ان الزوجة عليها إنهاء حياتها عندما يودع زوجها الدنيا!! 

مع ان هذه الظاهرة نموذجا صارخا لتخلف لا يليق بمكانة ذلك البلد الحضاري العريق، ومع ذلك لا نرى مبادرة من الغرب لمساعدة (اعرق نموذج للديمقراطية في الشرق) من اجل التوعية العصرية المنظمة والخلاص من هذه الظاهرة التي ترفضها القيم السماوية والوضعية الانسانية ولكن نرى ونسمع و تروج وسائل الاعلام الغربية وعلى نطاق واسع للنزاعات العرقية والاثنية هناك.

عبدالله عباس