التكامل الاقتصادي ووحدة النقد لا شك في أنهما ظاهرة جيدة كمفهوم عام بالرغم من تلك الايجابيات الضخمة فإن هناك سلبيات قد يغفل عنها البعض.. فعندما يصاب احد أعضاء الجسم فكل الأعضاء تتفاعل معه.. وهناك قول لطيف إذا ما عطس احدهم فالآخرون «خاصة المقربين» سيصابون بالزكام.. فالدول الغربية أو ما يسمى دول اليورو في موقف حرج.. فالدول القوية اقتصاديا بإمكانها انتشال من هو اضعف منها على الأقل لمدة محدودة.
فأخلاقيات التعاون الغربي تفرض التزامات قد تكون غير مستحبة من شعوبها ولكن أخلاقيا يجب انتشال الضعيف من المصاعب المالية.. فاليونان والبرتغال واسبانيا وايطاليا وغيرها من الدول التي ستطولها الأزمة في حاجة إلى الدعم الاقتصادي .. قبل أن تعلن الإفلاس.. فإفلاسها سيكون كارثة لكل دول اليورو.. التي لا تخفي صراعها مع أمريكا.. وكذلك الأخيرة لا تخفي صراعها مع الاقتصاد الأوروبي. وهناك طرف ثالث في المعادلة الاقتصادية هو الصين..
ففي الآونة الأخيرة ظهرت حروب من نوع جديد هي ما تعرف بحرب العملات بين الدولار الأمريكي واليورو الأوروبي واليوان الصيني وهناك إشكالية اقتصادية تتمثل في المديونيات فقد بلغت مديونية الولايات المتحدة الأمريكية 14,5 تريليون دولار.. ثلثا الديون تخص عامة الشعب الأمريكي بالإضافة إلى رجال الأعمال والمؤسسات التجارية والحكومات الأجنبية.. كما ان الصين وحدها تمتلك 1,16 تريليون دولار من مجمل الدين العام الأمريكي. كما ان الدول الأوروبية تعاني عجزا في ميزانياتها.. وهي اليوم تحاول سد هذا النقص بزيادة الضرائب وتخفيض الأجور ومستحقات التقاعد.. وهو إجراء لا يخلو من المصاعب الاجتماعية والأمنية وزيادة البطالة. العرب والأزمة الأوروبية الاقتصادية..
يعتقد البعض ان الأزمة الاقتصادية التي تمر بها منطقة اليورو لا علاقة لها بالدول العربية وهو اعتقاد فيه نظر، فهناك النفط العربي وهناك الاستثمارات.. إن وجود أي أزمة اقتصادية لا شك أنها ستقلل من الطلب على النفط بوجه عام وبالتالي سينخفض سعره.. وهو ما سيؤثر في الدول العربية المصدرة له..
وبالتالي ستتعثر مشاريعها التنموية بسبب نقص الموارد المالية التي تم رصدها في ميزانياتها العمومية والانخفاض في طلب النفط يعكس مدى الركود الاقتصادي «الأوروبي» الذي سيؤدي بدوره إلى زيادة البطالة ونشوء أزمة اجتماعية وسياسية حتى أمنية وحالة من عدم الاستقرار.. وهناك أزمة مصاحبة هي قيمة الاستثمارات العربية في الخارج «اوروبا» فهي أيضا معرضة لنكسة اقتصادية بخفض قيمتها الاستثمارية وهي بالتالي ستؤثر في الشركات الاستثمارية في منطقة الخليج. وأزمة حكومة دبي تعد مثالا على هروب رؤوس الأموال وهروب الشركات الاستثمارية وهروب العمالة أيضا.. إن الاقتصاد كما انه يزدهر في أوقات كثيرة فهو أيضا قابل للانكماش والكساد.. فالسوق قابلة لكلتا الظاهرتين .. ولكن يبقى السؤال: ما هو الحل؟
خالد قمبر