بيروت: لا عواقب لتغريدنا خارج سرب الإجماع العربي بفرض العقوبات على سوريا

تاريخ النشر: 29 نوفمبر 2011 - 08:01 GMT
شدد منصور على أن لبلاده خصوصية مختلفة عن سائر الدول العربية والقرار الذي اتخذه يصب في مصلحته قبل المصلحة السورية
شدد منصور على أن لبلاده خصوصية مختلفة عن سائر الدول العربية والقرار الذي اتخذه يصب في مصلحته قبل المصلحة السورية

استبعد عدنان منصور وزير الخارجية والمغتربين اللبناني أن تكون هناك عواقب مرتقبة لخروج لبنان عن دائرة إجماع الأسرة العربية حيال الموقف من الأزمة السورية.

وكان لبنان قد قرر «النأي بالنفس» حيال قرار جامعة الدول العربية يوم الأحد الماضي بفرض عقوبات اقتصادية ومالية وتجارية على النظام السوري بعد رفضه التوقيع على بروتوكول المراقبين مع الجامعة. وأوضح منصور في تصريحات صحفية له أمس أن عدم وجود عبارة «النأي بالنفس» كموقف في قاموس الجامعة العربية أدى إلى التباس لدى البعض في تفسير الموقف اللبناني حيث وضعه البعض في خانة التصويت ضد القرار ووضعه البعض الآخر في خانة الامتناع عن التصويت.. معتبرا أنّ لبنان حصن نفسه من خلال الموقف الذي اتخذه في جامعة الدول العربية.

وشدد على أن لبلاده خصوصية مختلفة عن سائر الدول العربية والقرار الذي اتخذه يصب في مصلحته قبل المصلحة السورية. وبدوره أوضح السفير خالد زيادة الذي مثل لبنان في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة أنه عبر في الاجتماع عن موقف الدولة اللبنانية عن قرار فرض العقوبات، وقال «إن لبنان أعلن اتخاذ موقف النأي بالنفس وليس التحفظ على مضمون أو صيغة قرار العقوبات على سوريا لأن التحفظ يعني قبولاً بالمبدأ بينما موقف لبنان الرسمي هو ألا يمضي في أي قرار من هذا القبيل بغض النظر عن الصيغ».

وأعرب عن ثقته بتفهم الدول العربية لموقف لبنان.. مضيفًا أن رئيس وأعضاء اللجنة أكدوا أنهم يتفهمون الموقف اللبناني وأنهم يعلمون الخصوصية الحدودية والترابط الاقتصادي بين لبنان وسوريا ولذلك فإن الدول العربية تتفهم موقف لبنان النأي بنفسه والظروف التي تقتضي اتخاذ مثل هذا الموقف. غير أنه بعدما أعلن العرب حزمة عقوبات على سوريا، خرجت تصريحات تؤكد أن دمشق لن تتأثر بسبب «تمتعها باكتفاء ذاتي في إنتاج السلع الأساسية». للمفارقة، تبنى عدد من السياسيين اللبنانيين هذه العبارة، متناسين أن بلدهم سيكون مهدداً، ولو كانت سوريا «محصّنة». فقد أقر وزراء الخارجية العرب أمس مجموعة عقوبات اقتصادية على دمشق، التي يتوقع أن تنعكس مباشرة على الاقتصاد اللبناني بكل تشعباته القطاعية.

والانحدار التدريجي الذي أصاب لبنان جراء تواصل الأزمة في سوريا، سيتحول إلى «مهوار» فعلي. وإذا كان لبنان قد «نأى بنفسه» عن هذه القرارات في اجتماع وزراء الخارجية العرب، وإذا كانت هذه العقوبات تُعَدّ قرارات سيادية للدول، بحيث يحق للبنان عدم تطبيقها، إلا أن الترابط الاقتصادي بين البلدين سيجعل من لبنان ساحة عقاب ثانية. البعض أشار إلى أن التأثيرات على لبنان ستكون محدودة، لكون الأزمة الكبرى قد حلّت مع بدء الاحتجاجات في سوريا، والعقوبات العربية ستكون ارتدادات للمشكلة لا أكثر. البعض الآخر رأى أن للعقوبات تأثيرات إيجابية محدودة على لبنان؛ إذ قد تستبدل واردات الدول العربية من سوريا بواردات من لبنان، ما يعزز التبادل التجاري العربي ـ اللبناني خلال الفترة المقبلة.

كذلك ستزيد حاجة سوريا إلى الاستيراد من لبنان، ما يرفع من الإنتاج اللبناني ويوفّر سوقاً أساسية لتصريفه. إلا أن التعمّق في مدى الترابط الاستثماري بين البلدين، يذهب إلى استنتاجات معاكسة بأن التأثيرات السلبية لن تنحصر بلبنان وحده. وتفيد مصادر مصرفية لبنانية مطلعة بأن المصرف المركزي السوري يمتلك ودائع في المصارف اللبنانية بقيمة 200 مليون دولار. كذلك فإن القطاع المصرفي اللبناني توسع سورياً في السنوات الأخيرة. فهناك 7 مصارف لبنانية عاملة على الأراضي السورية تنتظر مصيرها الغامض، وهي بنك سورية والمهجر، بنك عوده سورية، بنك بيبلوس سورية، فرنسبنك سورية، بنك الشرق، بنك سورية والخليج وبنك بيمو السعودي الفرنسي.

هذا الأخير، وصلت إليه الآثار باكراً؛ إذ قرر مجلس إدارة البنك السعودي الفرنسي بيع حصته في بنك بيمو السعودي الفرنسي في سوريا، البالغة 27 %، وحصته في بنك بيمو لبنان التي تناهز 10 %. وقد قدم ممثلو البنك السعودي الفرنسي استقالتهم الفورية من عضوية أي من مجلسي إدارة البنكين المذكورين. يرجح عدد من المتابعين أن ما حدث في بنك «بيمو» هو باكورة انعكاسات العقوبات والترنح الاقتصادي والمالي في سوريا على لبنان. ويرون أن الترابط المصرفي اللبناني السوري سيجعل من مصير الخسائر واحداً، مع اختلاف في نسب هذه الخسائر. وترى مصادر في هذا السياق، أن استنتاج تأثيرات العقوبات العربية على القطاع المصرفي اللبناني سابق لأوانه حالياً، في حين أن قراءة انعكاس التضييق على القطاع المصرفي السوري على لبنان تحتاج إلى أسبوع على الأقل للوصول إلى خلاصات علمية وواقعية.

إلا أنه لا أحد يمكنه الخروج باستنتاجات «وردية»؛ إذ يشرح أحد الاقتصاديين المطلعين على الملف أن القطاع المصرفي اللبناني موجود بفاعلية في السوق السورية؛ إذ للبنان 7 مصارف من أصل 13 مصرفاً خاصاً في سوريا، فيما يوجد بنك «إنتركونتيننتال سورية» الذي يحمل فيه «إنتركونتيننتال بنك» في لبنان 30 % من أسهمه، و19 % تعود لأفراد لبنانيين، لم يباشر عمله بعد نيله الترخيص الرسمي، ومن المتوقع تأجيل هذا الموضوع لفترة غير معلومة. كذلك، تعمل في المنطقة الحرة 3 مصارف لبنانية، هي: سوسيتيه جنرال، ولبنان والمهجر، والشركة المصرفية العربية التي يملك البنك اللبناني الفرنسي غالبية أسهمها.

ويشرح الخبير الاقتصادي السوري رياض تقي الدين أنه بغض النظر عن المساهمين العرب في المصارف ذات الجذور اللبنانية العاملة في سوريا، فإن قاعدة «رأس المال جبان» هي الأقوى. وبالتالي، فإن هذه المصارف ستصاب بمشكلات فعلية، والمشكلة الاقتصادية الموجودة في سوريا سيكون لها أثر مباشر على حجم الودائع الموجودة في هذه المصارف، وتالياً الأرباح والمكاسب. وهذه الخلاصات ليست نتاج تحليل سوري فقط؛ إذ أن عدداً كبيراً من المصرفيين اللبنانيين عبروا عن مخاوفهم هذه، في أحد الاجتماعات المصرفية التي عقدت في بيروت منذ نحو شهرين، يوضح تقي الدين. وفي حين أن الدراسات دقيقة في ما يتعلق بالقطاع المصرفي السوري، إلا أنها تتخبط في تقديرها لحجم الاستثمارات العربية واللبنانية الموجودة في سوريا. يحاول رئيس المجلس الأعلى اللبناني السوري نصري الخوري أن يمتنع عن التعليق: «لا شيء مؤكدًا في ما يتعلق بحجم التأثيرات، ولا تقديرات علمية نملكها». إلا أن دراسة أعدت للمجلس أخيراً، تظهر أنّ في سوريا نحو 22 مشروعاً استثمارياً لبنانياً، ونحو 6 مشاريع ذات رأسمال لبناني عربي، أو لبناني سوري مشترك، هي: 3 مشاريع كويتية ـ لبنانية، مشروع لبناني ـ سعودي، مشروع لبناني ـ سوري ـ هندي وآخر لبناني ـ سوري.

نتائج هذه الدراسة يمكن أن توصّف شكل المشكلة التي ستقع على كاهل المستثمرين اللبنانيين في هذه المشاريع، وآثارها البديهية على الاستثمارات اللبنانية المكمّلة في لبنان؛ إذ أن وقوع هذه الاستثمارات سيظهر في ميزانيات الشركات الاستثمارية هذه في لبنان.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن