ثقل أرقام البطالة في طرطوس يعود إلى الواجهة..

تاريخ النشر: 13 مارس 2012 - 10:07 GMT
تبيّن مديرية التخطيط في طرطوس أنّ تركيبة المشتغلين حسب الحالة العملية تنوّه إلى أنّه يعمل أكثر من 60 % من المشتغلين في محافظة طرطوس بأجر، ويأتي العاملون لحسابهم في المرتبة الثانية
تبيّن مديرية التخطيط في طرطوس أنّ تركيبة المشتغلين حسب الحالة العملية تنوّه إلى أنّه يعمل أكثر من 60 % من المشتغلين في محافظة طرطوس بأجر، ويأتي العاملون لحسابهم في المرتبة الثانية

11ألفاً و772 متقدماً إلى مسابقات طرطوس، والمطلوب 77 فقط، وأمام هذه الأرقام تفرض البطالة نفسها على قائمة هموم محافظة طرطوس، لعلّها تكشف بوضوح حجم هذه المشكلة الكبيرة.  وفي التفاصيل، أعلنت ثلاث شركات عن مسابقاتها؛ الشركة العامة للصرف الصحي في طرطوس، التي تحتاج إلى 4 متقدمين يحملون الثانوية العامة من مجموع المتقدّمين إلى هذه الوظيفة (1634) ، وكذلك الحال بالنسبة إلى المعهدين التجاري والصحي، حيث تقدّم للتوظيف فيهما 47 مواطناً لشغل 6 وظائف فقط، بينما تقدّم إلى وظيفة واحدة لحملة الشهادة الجامعية اختصاص تجارة واقتصاد حوالي 113 مواطناً.. وواقع الحال هذا تكرّر في مؤسسة الاتصالات، ولكن بفاجعة أكبر؛ لأنّ عدد المتقدمين بلغ 9938 مواطناً، بينما المطلوب 65 موظفاً فقط من حملة الثانوية العامة، أما مركز شركة الدراسات في طرطوس، فقد طلب موظفاً واحداً في اختصاص الرسم الهندسي، ولكنّ الذين تقدموا إليها 43 مواطناً.. وأيضاً الموضوع نفسه يتكرر في الشركة العامة لكهرباء طرطوس ومديرية الري.. الأرقام والتدافع على أبواب هذه الشركات يدعو إلى أن الاستغراب الشديد، هل حقاً جميعهم غير عاملين..؟ وهل يوجد بينهم من يعمل في القطاع الخاص..؟ هل منهم من لديه عمل حرّ.. هل بالفعل كلّ هؤلاء الفتيات راغبات في العمل ويحتجن إليه؟   أسئلة ربما تساعد في حلّ هذه الأرقام المهولة، والتي تؤكد أنّ شبح البطالة يخيم على الحال في محافظة طرطوس بالكامل، على اعتبار أنّ المتقدمين من كافة أنحاء المحافظة.

أسئلة طرحناها بشكل غير مباشر على بعض المتقدمين، فتبيّن أنّ أحدهم (وسيم) لديه عمل خاص حرّ، لكنه يريد الوظيفة كضمان، وكذلك ريم حالة والديها المادية ممتازة، لكنها تريد أن تخرج من المنزل. فاتن تقدّمت إلى وظيفة لحملة الثانوية العامة، وهي اليوم تدرس في كلية الحقوق (تعليم مفتوح)، وبالتالي يمكن أن تعدل شهادتها بعد التخرج، وتحسّن وضعها الوظيفي.. وحال فاتن ينطبق على النسبة العظمى من المتقدمين، حيث اتضح أن معظمهم يدرسون في كليات مختلفة، وغالباً في التعليم المفتوح، ولكنهم يريدون أن يعدلوا شهاداتهم بعد التخرّج. أمّا محمد، فأكد أنه يعمل في بنك خاص، لافتاً إلى أنّ القطاع الخاص لايشكل ضماناً دائماً، كما هي وظيفة القطاع العام، على اعتبار أنّ الخاص يمكن أن يتخلى عن موظفيه في أيّة لحظة، في حين يؤكد علي أنّه بحاجة ماسة إلى العمل، حيث إن إخوته كافة يعملون في الزراعة التي تدهور حالها، وحيازاتهم صغيرة بالكاد تكفي إخوته المتزوجين، لذا يأمل أن تكون الوظيفة من نصيبه.

وعن سبب كثرة الطلبات، نوّه عيسى، وهو مدير إداري لإحدى شركات التوظيف، إلى أنّ محافظة طرطوس لايوجد فيها هذه المعامل الضخمة التي يمكن أن تستوعب أيدي عاملة كبيرة، سواء كانت هذه المعامل والمصانع للقطاع العام أم الخاص، كما هو الحال في حمص وحلب وريف دمشق، وبالتالي يوجد فراغ كبير في الوظائف التي يمكن أن تستوعب الأعداد الكبيرة لشباب وشابات محافظة طرطوس، لافتاً إلى قضية مهمة، وهي أنّ ذوي الدخل المحدود يشكّلون الطبقة العظمى من أبناء المحافظة، وبالتالي فإنّ الشهادات هي الحصن الحصين لهم، حيث لا يوجد رؤوس أموال كبيرة واستثمارات كبيرة، كما أنّ قسماً كبيراً من أبناء المحافظة يحتاجون إلى الوظيفة لبناء حياتهم والزواج.

هذه النقاط التي أشار إليها المدير الإداري، تلامس الواقع، وفق ما أكد سامر أحد المتقدمين، حيث أكد أنّ الوظيفة تساعد الشاب في بناء حياته، حيث يمكن من خلالها أن يسحب الشاب قرضاً عقارياً لشراء منزله الزوجي، مضيفاً أنّ الوظيفة أيضاً دخل ثابت في أوّل كلّ شهر، أضف إلى ذلك مزايا الضمان الصحي الذي بدأ يدخل كلّ وزارة، متسائلاً: أيّ الجهات العاملة في سورية تقدّم كل هذا؟ لا أحد.. فاتن وافقته الرأي، وإن عبّرت عن رأيها بطريقة أخرى؛ إذ نوهت إلى أنّ معظم شباب طرطوس من أبناء ذوي الدخل المحدود، وهم كذلك لا يملكون إلا شهاداتهم العلمية، وبالتالي يحتاجون بدورهم إلى شابات عاملات يساندنهم في حياتهم، الأمر الذي أدى إلى تأخر سن الزواج بالنسبة إلى الكثير من الفتيات غير العاملات.. ولكن ما نسب البطالة في محافظة طرطوس؟ وما نسبة قيمتها بالنسبة إلى القطر؟ مديرية التخطيط في طرطوس تقول: إنّ نسبة العاملين في الأعمال الإدارية والكتابية والخدمات والبيع والمهن الزراعية للعاملين الذكور انخفضت على حساب زيادتها في الأعمال المهنية والفنية ومهن الإنتاج بين العامين 1994 و2007. أما بالنسبة إلى الإناث، فانخفضت النسبة في الأعمال الإدارية والكتابية والخدمات والبيع والمهن الزراعية ومهن الإنتاج، بينما زادت في الأعمال المهنية والفنية للأعوام السابقة نفسها.

وتوضح تركيبة المشتغلين في محافظة طرطوس، حسب النشاط الاقتصادي، أن نسبة العاملين الذكور في مجال الزراعة والحراج والخدمات انخفضت، مقابل ارتفاعها في الصناعة والبناء والتشييد والفنادق والمطاعم والنقل والمواصلات والمال والتأمين والعقارات. أما بالنسبة إلى الإناث، فقد انخفضت نسبة العاملات الإناث في الزراعة والصناعة والبناء والنقل والمال والخدمات وارتفعت في الفنادق. ومع ذلك لا يزال قطاع الزراعة يستحوذ على المرتبة الثانية بين الأنشطة الاقتصادية في المحافظة، بعد قطاع الخدمات، الذي يحتلّ المرتبة الأولى، يليه قطاع البناء والتشييد في المرتبة الثالثة، والفنادق والمطاعم والنقل والمواصلات في المرتبة الرابعة، وقطاع الصناعة في المرتبة الخامسة.

وفي السياق ذاته، تبيّن مديرية التخطيط في طرطوس أنّ تركيبة المشتغلين حسب الحالة العملية تنوّه إلى أنّه يعمل أكثر من 60 % من المشتغلين في محافظة طرطوس بأجر، ويأتي العاملون لحسابهم في المرتبة الثانية، ثم العاملون لدى ذويهم دون أجر في المرتبة الثالثة، فأصحاب الأعمال في المرتبة الرابعة، ويتباين هذا التركيب بين الذكور والإناث، وكانت نسبة الإناث العاملات لدى ذويهن أعلى بكثير من مستواها عند الذكور، وارتفعت نسبة المشتغلين في القطاع الخاص في محافظة طرطوس بين العامين 1994و2004، مقابل انخفاض بسيط في نسبة العاملين في القطاع الحكومي. وتتفاوت هذه النسب بين الذكور والإناث، حيث ارتفعت نسبة المشتغلات في القطاع العام للإناث وانخفضت بشكل بسيط للذكور. وهذا يتوافق والاتجاه العام حول زيادة نشاط القطاع الخاص، وضعف فرص العمل التي يوفرها القطاع العام، ما دفع قسماً كبيراً إلى العمل في القطاع الخاص، وخاصةً غير المنظم.

في العام 2007، بلغت نسبة البطالة في المحافظة 19.7 % بالنسبة إلى السكان في الفئة العمرية 15 سنة فأكثر، وكان معدلها بين الشباب 44.2 %، وقد تحسن هذا الرقم عن العام 2004 فكان 45.1 %، لكنّ هذا التحسن جاء على حساب الإناث، حيث ارتفع معدل البطالة بين الإناث من 63.7 % عام 2004 إلى 77.3 % عام 2007. أما بالنسبة إلى الفقر في المحافظة، فنلاحظ أن نسبة الفقراء وفق خط الفقر الأعلى هي 24.33 من نسبته في القطر 30.13.