ديون الشركات الخليجية تثير مخاوف السوق

تاريخ النشر: 12 مارس 2012 - 11:35 GMT
كلما زادت الديون التي تبيعها البنوك إلى صناديق التحوط التي تعتمد نماذجها بصورة أقل على العلاقات مع الدائنين، زادت صعوبة التوصل إلى اتفاقيات حول إعادة الهيكلة
كلما زادت الديون التي تبيعها البنوك إلى صناديق التحوط التي تعتمد نماذجها بصورة أقل على العلاقات مع الدائنين، زادت صعوبة التوصل إلى اتفاقيات حول إعادة الهيكلة

تهدد موجة مرتقبة من استحقاقات الديون بإثارة مزيد من التقلبات في أسواق الدين في الشرق الأوسط، في وقت يواجه فيه المقترضون بيئة إعادة تمويل قاسية. ومع أن حجم الديون المستحقة لا يصل إلى الحجم الذي أوشك أن يتسبب في حالات من العجز عام 2009، إلا أن الأسواق تركز انتباهها على التحديات التي يواجهها مصدرو الديون الأصغر في المنطقة، في وقت تتراجع فيه البنوك الأجنبية، بينما تفشل خطط الشركات الخاصة بالتعافي في بلوغ التوقعات.

ويقول أحمد العناني، أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في Exotix في دبي، وهو بنك استثماري يعمل في أسواق الأسهم في الدول الناشئة قليلة رأس المال: ''هناك كثير من القلق والغموض بشأن الشركات الخاصة الصِرْفة، المصدِّرة وقدرتها على إعادة التمويل''. وتأتي المخاوف الخاصة بالتمويل بينما يواجه المدينون الإقليميون دفعات سداد أعلى مما كان عليه الحال في العام الماضي، إضافة إلى تكاليف اقتراض أعلى. ومنذ تشرين الأول (أكتوبر) كان متوسط تكلفة الاقتراض بالنسبة للشركات والمؤسسات المالية أعلى 210 نقاط أساس فوق أسعار الفائدة القياسية، صعودا من 196 نقطة أساس في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2011، حسب بيانات بلومبيرغ. وفي الوقت ذاته، كما تقول مزودة البيانات هذه، يحل أجل 43.9 مليار دولار من الديون في هذه المنطقة خلال عام 2012، وهو مبلغ يزيد على الديون المستحقة السداد في العام الماضي، التي بلغت 33.6 مليار دولار. ويظهر متداولو الديون علامات على القلق. فقد شهدت دار الأركان التي هي مطورة عقارات سعودية ذات ديون إسلامية تبلغ مليار دولار مستحقة في تموز (يوليو)، صعود عائدات سنداتها في الأسبوع الماضي، بعد إنشاء موقع على الإنترنت بعنوان ''أزمة دار الأركان''.

ويقول الموقع الذي يدعي أن إنشاءه تم على أيدي مساهمين ساخطين، إنه أعد أرشيفا من المعلومات حول سوء تصرف مزعوم يشمل ''مخالفات تنظيمية وممارسات خاطئة''. وفي المقابل تنفي الشركة هذه الاتهامات. وعلى الرغم من النفي، ارتفع العائد على سند الشركة 40 نقطة أساس في اليوم الذي ظهر فيه الموقع، الأمر الذي يشير إلى زيادة خطر العجز المتصوَّر. وقالت دار الأركان إنها أعدت خطة لتسديد صكوكها عندما يحل أجلها في تموز (يوليو)، وقللت من أهمية تحرك العائد. وقالت: ''إننا نعتقد أن هذا التحول قد يكون إجراءً استباقيا اتخذه بعض صانعي الأسواق الحذرين. في الواقع استجابة السوق كانت فاترة للغاية ولم يتم سوى تداول كميات محدودة للغاية من الصكوك منذ ذلك الحين''. ويراهن المتداولون على شركات خاصة أخرى عبر منطقة الخليج. ويتم تداول قروض بنك أركابيتا البحريني وبيت الاستثمار العالمي الكويتي مقابل 55 سنتا و45 سنتاً للدولار، على الترتيب، كما يقول المتداولون. وامتنعت المؤسستان عن التعليق.

وعلى الرغم من ارتفاع العائد على السندات الإسلامية الصادرة عن الشركات، يرى شافان بهوغيتا، استراتيجي الأسواق في بنك أبو ظبي الوطني، أن من المرجح بدرجة أكبر الآن أن يميز المستثمرون العالميون بين جهات إصدار الديون في المنطقة، ما يعني أن الأخبار السلبية لن تؤدي على الأرجح إلى حفز عمليات واسعة للتخلص من السندات كما حدث عام 2009. وقال: ''يتطلب الأمر أكثر من ذلك بكثير لإصابة الناس بالصدمة في أيامنا هذه''. ومع بدء مجموعة دبي العالمية، وهي شركة حكومية رائدة في دبي، عملية طويلة ومهمة لإعادة هيكلة 25 مليار دولار من الديون عام 2009، بدأت أيضا موجة من الشركات الأصغر العمل بهدوء على أكداس من الديون الخاصة بها. قبل ثلاثة أعوام، كان معظم الدائنين الدوليين على طاولة المفاوضات حريصين على حماية علاقاتهم في المنطقة، ولذلك أظهروا مرونة معتبرة، غير أن بعضهم أقل ودَّا الآن. ولأنها تواجه تحديات رأسمالية في بلدانها، شرعت هذه البنوك الأوروبية في تصفية ما لديها من ديون إقليمية في دفاترها وأصبحت أقل اهتماما بالحفاظ على علاقاتها مع المنطقة. وبحسب أحد المصرفيين في أبو ظبي ''البنوك أشد قسوة بكثير'' مما كانت عليه عام 2009. ويمكن لعمليات تصفية الديون أن تتمخض عن مزيج متغير من الدائنين يؤدون إلى تعقيد المفاوضات.

وكلما زادت الديون التي تبيعها البنوك إلى صناديق التحوط التي تعتمد نماذجها بصورة أقل على العلاقات مع الدائنين، زادت صعوبة التوصل إلى اتفاقيات حول إعادة الهيكلة. ووظفت المنطقة الحرة في جبل علي في دبي وبنك أركابيتا البحريني مستشارين للمساعدة على إدارة أعباء الديون المزعجة. ولحكومات الخليج دور تلعبه في تسهيل تحدي إعادة التمويل والحد من الحاجة إلى عمليات إعادة الهيكلة، كما يقول المصرفيون. فمع امتلاء خزائن الدول بثروات غير متوقعة من عائدات النفط، ينبغي حقن أموال في البنوك المحلية، وبدورها يمكن للبنوك أن تقرض الشركات التي، بخلاف ذلك، ستعاني في إعادة التمويل. وتحرص البنوك المحلية في الوقت الراهن على ما لديها من أموال كي تقرضها للشركات المملوكة للدولة، بدلاً من الشركات الخاصة، الأمر الذي يفاقم شح رأس المال. كذلك من المحتمل أن تواجه المشاريع الجديدة، مثل عمليات التطوير الكبيرة في البنية التحتية، تحديات على صعيد التمويل، وفقا لجوناثان روبنسون، رئيس شعبة تمويل المشاريع في المنطقة في بنك HSBC في دبي. وقال: ''ما من شك أن الفجوة بين العرض والطلب فيما يتعلق برأس المال الدولي آخذة في الاتساع والمشاريع الهامشية ستعاني ذلك''.