تحدث الكثير من متابعي ومشجعي الدوري الفرنسي عن أن نادي العاصمة باريس سان جيرمان سيفرض نفسه هذا الموسم من كبار القارة الأوروبية بعد أن أنفقت شركة "قطر للاستثمارات" التي اشترت كامل اسهمه في آذار الماضي، أكثر من 100 مليون يورو هذا الصيف لتعزيز صفوفه، لكن فريق المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي اصطدم في بداية الموسم بواقع أن التجانس أهم بكثير من الأسماء الرنانة.
"العملاق الذي ولد نائماً" هي الصفة التي تليق بـ "قطري سان جيرمان"، كما تطلق عليه الصحافة الفرنسية، لأنه لم يتمكن حتى الآن وبعد ثلاث مراحل على انطلاق الدوري الفرنسي من تحقيق فوزه الأول حيث اكتفى بثلاثة تعادلات آخرها الأحد أمام بوردو (0-0).
لم يتمكن أنشيلوتي وبعد تسعة أشهر على وصوله إلى النادي الباريسي ورغم الأسماء الرنانة الموجودة تحت تصرفه، مثل الأرجنتينيين خافيير باستوري وإيزيكييل لافيتزي والسويدي زلاتان إبراهيموفيتش والبرازيليين تياغو سيلفا ونيني وجيريمي مينيز، من أن يمنح فريقه "الشخصية" المرجوة.
كل ما اظهره سان جيرمان منذ بداية هذا الموسم لا يتجاوز كونه مجموعة من اللاعبين الذين يفتقدون إلى الانسجام وكل واحد منهم يسعى لإثبات نفسه على حساب الآخر مثل البرازيلي نيني الباحث عن تأكيد أحقيته بمقعد ضمن التشكيلة الأساسية بعد أن ساهم بشكلٍ أساسي في قيادته للقب الوصيف الموسم الماضي والمشاركة في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم بتسجيله 21 هدفاً، وإبراهيموفيتش الذي أصبح صاحب أعلى راتب في تاريخ الدوري الفرنسي (بين 14 و15 مليون يورو سنوياً).
فريق عادي
"قطري سان جيرمان" ظهر حتى الآن بمظهر الفريق العادي الذي يصارع لكي يخرج بنقطة وليس بمظهر "العملاق" الذي سيرتقي هذا الموسم إلى مستوى أندية من طراز برشلونة، وقد عزا أنشيلوتي هذا الأمر لوصول لاعبين جدد إلى الفريق وعودة عدد آخر من الإصابة، لكن هذه الحجج لا ترضي جماهير النادي ولا الإدارة القطرية التي أنفقت أموالاً طائلة.
وإذا كان الدفاع قد أظهر مؤشرات صلابة حيث لم تتلق شباك الفريق أي هدف في مباراتيه الأخيرتين، فإن النصف الهجومي المفترض أن يكون نقطة قوة فريق أنشيلوتي في ظل وجود "التخمة الهجومية" المتمثلة بإبراهيموفيتش ولافيتزي وباستوري ونيني وكيفن غاميرو وجيوم هوارو ومينيز وبيغي لويوندولا، هو الذي يثير القلق بسبب افتقاده السرعة والدقة.
كما لم تؤت خطة "شجرة الميلاد" الشهيرة التي اعتمدها المدرب الايطالي الموسم الماضي ثمارها بداية الموسم الحالي في ظل وجود الوجوه الجديدة.
لا يجب أن يظلم ابراهيموفيتش ولا يجب أن يكون اسمه ضمن أسماء "المتلكئين"، إذ نجح خلال مباراته الأولى في إنقاذ الفريق بتسجيل ثنائية رغم معاناته على الصعيد البدني، كما أنه كرأس حربة لا يحصل على التموين الكافي من الكرات ويضطر في الكثير من الأحيان العودة الى الخلف من أجل استلام الكرة.
النجوم دون المستوى
المشكلة هي في النجوم الآخرين الذين لم يرتقوا إلى مستوى التوقعات أو إلى مستوى الأبعاد التي من المفترض أن يصل إليها الفريق في ظل الأموال الطائلة التي انفقت (أكثر من 130 مليون يورو هذا الصيف فقط).
في الأحوال العادية يعتبر التنافس بين لاعبي الفريق الواحد أمراً صحياً لأنه يدفعهم لتقديم أفضل ما لديهم، لكن هذا الأمر تحول إلى مشكلة في سان جيرمان وأبرز دليل على ذلك ما حصل في مباراة الأحد حينما دخل مينيز في الشوط الثاني وحاول أن يلعب دور المنقذ بمفرده فبالغ بمراوغاته التي لم تثمر عن شيء سوى إثارة حفيظة زملائه ومدربه.
أما بالنسبة للافيتزي القادم هذا الموسم من نابولي مقابل 30 مليون يورو، فاتخذ قرار تجنب الحكم عليه في بداية الموسم بعد أن استبعد نفسه عن الفريق في المباراة السابقة والتي تليها بسبب حصوله على بطاقة حمراء في المرحلة الثانية أمام اجاكسيو نتيجة خطأ قاس على لاعب منافس.
في حين أن مواطنه باستوري الذي كلف النادي 42 مليون يورو (أغلى صفقة في تاريخ الدوري الفرنسي) الموسم الماضي لضمه من باليرمو، فيبدو كأنه غير مكترث بما يحصل على أرضية الملعب لأنه لم يقدم أي لمحة تشفع له.
أما بالنسبة لنيني فيحاول جاهداً بأن يري الإدارة بأنه نجم كبير مثل إبراهيموفيتش وأنه يستحق تمديد عقده لكنه فشل حتى الآن في تقديم المستوى الذي ظهر عليه الموسم الماضي ليس من حيث التهديف وحسب بل بالأداء الجماعي أيضاً (11 تمريرة حاسمة الموسم الماضي).
ما زال من المبكر التحدث عن أزمة في أروقة النادي الباريسي الباحث عن لقبه الأول في الدوري منذ 1994 والثالث في تاريخه، لكن ما هو مؤكد أن أنشيلوتي أصبح تحت مجهر الإدارة القطرية وجدول المباريات المقبلة لن يرحمه كثيراً لأن فريقه مدعو لمواجهة ليل الأحد المقبل خارج قواعده ثم يستقبل تولوز قبل أن يبدأ مشوار الحلم في مسابقة دوري أبطال أوروبا التي يشارك فيها للمرة الأولى منذ موسم 2004-2005 حين خرج من الدور الأول.