قصار قامة بلغوا بإنجازاتهم قمم كرة القدم

تاريخ النشر: 20 سبتمبر 2012 - 01:01 GMT
البوابة
البوابة

بعد فوز الماتادور الإسباني ببطولة الأمم الأوروبية 2008 وكأس العالم في جنوب إفريقيا 2010، قبل أن يتوج سجل إنجازاته أخيراً ببطولة يورو 2012، تغيرت بعض قواعد اختيار مدربي المنتخبات الوطنية للاعبيهم، خصوصاً في أوروبا.

فبعدما كانت الأولوية للاعبين أقوياء البنية، أصحاب القامة الطويلة عند الاختيار في فرق الناشئين، أصبحت بعد تألق الإسبان بفريق معظم نجومه من قصار القامة مثل تشافي هيرنانديز وأندريس إنييستا وبيدرو رودريغيز ودافيد فيا، جزءاً من الماضي لا ينظر إليه كثيراً عن تقييم الناشئ الصغير.

الآن تغيرت القناعات وتأكد للجميع أن الإبداع يأتي أحياناً من قصار القامة ويكفي ما يقدمه ميسي مع البارسا ومنتخب التانغو ومن قبله الأسطورة دييغو أرماندو مارادونا وغريمه الأزلي إديسون أرانتيس دو ناسيمنتو المعروف باسم بيليه في كل ملاعب العالم، من روائع ما زالت ماثلة في الأذهان حتى هذه اللحظات.

في حفل تسليم جائزة أفضل لاعب في العالم 2010، وقف رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جوزيف سيب بلاتر، بين ثلاثي برشلونة الإسباني ليونيل ميسي (1.69) وأندريس أنيستا (1.70) وتشافي هيرنانديز (1.70).

وأثارت ضآلة وقصر قامة النجوم المتوجين رئيس الفيفا، والذي عبر عن إعجابه صراحةً بالثلاثي الموهوب وقال أمام الجميع: "ما نراه أمامنا دليل على أن عالم كرة القدم مفتوح أمام الجميع، ليس من الضروري أن يكون المرء فارع الطول أو قوياً جداً لممارستها بشكل جيد، لا تنطبق هذه الخاصية على لاعبي الحاضر فقط، إذ كان لاعبون مثل غيرد مولر ودييجو مارادونا وجان بيير بابان والآن جيريتس فصار من قصار القامة أيضاً".

تؤكد قوانين الميكانيكا الحيوية بالفعل أن قِصَرَ القامة عنصر إيجابي بالنسبة لممارسي الساحرة المستديرة، إذ يكون مركز ثقل جسد الإنسان القصير أقرب من سطح الأرض، مما يعطيه توازناً أكبراً.

وظهر صدق هذه القاعدة العلمية في اختراقات لاعبين مثل دييغو مارادونا (1.66) أو ميسي، وقدرتهم على التحكم بالكرة، والقدرة على تغيير مساراتهم داخل الملعب من دون فقدان للتوازن، وكذلك التقدم بها أمتاراً طويلة، رغم تدخلات الخصوم بخشونة متعمدة.

"بايشينيو" الهداف القدير

تضم قائمة أفضل لاعبي العالم من اللاعبين أصحاب القامة القصيرة الكثير من نجوم اللعبة على سبيل المثال لا الحصر منهم، الفرنسيان آلان جيريس (1.62) وجون تيغانا (1.68) والألمانيان توماس هاسلر (1.66) وبيير ليتبارسكي (1.68) والاسكتلنديان جيمي جونستون (1.57) وآرتشي جيميل (1.67) ناهيك عن البرازيلي غارينشا (1.69) والبرازيليان الآخران بيبيتو وروبرتو كارلوس والإنجليزي مايكل أوين وغيرهم.

ويعتبر النجم البرازيلي روماريو (1.69) أحد أبرز اللاعبين القصار الكبار بموهبتهم، ويحكي الداهية البرازيلي عن شعوره خصوصاً أن مركزه المهاجم يحتم عليه الصراع في ألعاب الهواء مع مدافعين يفوقونه طولاً: "إطلاقاً لم يلحظوا عليّ قصر القامة أبداً، ربما لأن هناك من كان يدرك في نفسه أن ذلك لا يحول بيني وبين بلوغ المرمى".

لم يشكل قصر القامة بالفعل عائقاً أمام هذا الهداف الداهية الذي لقب طوال مسيرته الكروية بـ "بايشينيو" (القصير باللغة البرتغالية).

إذ مكنه التمركز الجيد وسرعة رد الفعل داخل منطقة الجزاء، من تسجيل أهداف حاسمة منها ضربات رأسية، مثل هدفه والذي أهدى فيه المنتخب البرازيلي كوبا أمريكا سنة 1989 ضد أوروغواي، وكذلك هدفه أمام السويد، وتأهل به السيليساو إلى نهائي كأس العالم 94 بأميركا أمام المنتخب الإيطالي، قبل أن يحصد منتخب السامبا اللقب لمصلحته بضربات الجزاء الترجيحية.

مدافعون ومهرج حطموا القاعدة

لا بد من أن يمتاز المدافع بطول القامة والقوة الجسمانية الهائلة، تلك قاعدة يدركها أي مشجع لكرة القدم، لكن هناك من كسر تلك القاعدة، وأجبر مدربيه على الاعتراف بإمكاناته وقدراته وموهبته العالية، ولعل الألماني فيليب لام (1.70) والبرازيلي روبرتو كارلوس (1.68) كانا هما الأبرز بين المدافعين.

كما تضم القائمة الإيطالي فابيو كانافارو (1.74) أفضل لاعب في العالم 2006.

أما المدافع الفرنسي بيسنتي ليزارازو (1.69)، فقد واجه بدزوره صعوبات لإثبات نفسه مع منتخب الديوك الفرنسي طيلة 12 عاماً، ويكفي فوزه مع منتخب بلاده بمونديال 98، ويعتبر حارس المرمى المكسيكي خورخي كامبوس (1.73) الذي أشتهر بألوانه الصارخة فأطلقت عليه الصحافة العالمية المهرج هو الحارس الوحيد من أصحاب القامة القصيرة.

ويذكر ليزارازو مدافع البافاري ومنتخب فرنسا السابق عن معاناته مع قصر القامة، ومدى تأثيرها فيه في مسيرته مع الساحرة المستديرة قائلاً: "عندما بلغت 15 سنة، أخبرني المسؤول عن الناشئين لفريق ميرينياك، أن بنيتي الجسدية لا تؤهلني لدخول عالم الاحتراف".

وبالفعل كان كلامه قاسياً للغاية، وتخيل عندما يكون طفلاً ويخبرونه بأنه ضعيف البنية، ولا أمل لأن يذهب بعيداً بأحلامه في واقع لا مفر منه، العجيب أن كلمات المسؤول زادت من حماسي وأنا المعروف بالعند الشديد.

كان وزني في تلك الفترة 69 كيلوغراماً، وواظبت على التمارين، حتى بلغ وزني 75 كيلوجراماً، كنت أشبه بالعجل الصغير، لكني كنت قادراً على المنافسة والصراع، اقولها صراحة عندما نقرر نحن قصار القامة أمراً ما، فإننا نبذل جهوداً مضاعفة من أجل النجاح، وأعتقد أن الجوانب النفسية تساعدنا كثيراً على الإبداع والتألق.

فرقة برشلونة للفنون الكروية

من يشاهد أسلوب أداء نجوم البارسا، وقدرتهم الفائقة على نقل الكرة فيما بينهم، وامتلاكها معظم أوقات المباراة، يدرك أن أسلوب لا ماسيا يطبق بحذافيره على كل المنافسين من دون رحمة وبلا هوادة حتى على أصحاب الإنجازات وعشاق البطولات من الأندية الأخرى.

العجيب أن معظم لاعبي برشلونة من قصار القامة وهو الشيء الذي حير خبراء اللعبة، خصوصاً أن كرة القدم قد بلغت فترة اعتقد الجميع فيها أن النجاح سيكون حليفاً لأصحاب البنية الجسمانية الضخمة.

لكن الحاضر وإمتاع الساحرة المستديرة في الكامب نو يكذب هذه الادعاءات، ويؤكد أنها رياضة للجميع من دون تحديد مقاسات فقط إنها الموهبة، ولعل إعجاب العالم بأسلوب برشلونة دليل دامغ على ذلك.

بعيداً عن الثلاثي الساحر ميسي وتشافي وأنيستا، تضم ترسانة البلاوغرانا كلاً من دافيد فيا (1.75) وبيدرو (1.69) وأليكسيس سانشيز (1.72)، كما لا تقتصر هذه الظاهرة على الفريق الكتالوني، فهناك المهاجم الإيطالي الرائع أنطونيو دي ناتالي (1.70) والمهاجم الهولندي الفذ ويسلي شنايدر (1.70).

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن