قام نادي زينيت سانت بيترسبيرغ الروسي بإطلاق قنبلة كبيرة في سوق الانتقالات الروسي بل والأوروبي بشكل عام منذ ساعات، وذلك بالظفر بخدمات المهاجم الدولي البرازيلي جيفانيلدو فيريرا دوس سانتوس والشهير بـ "هالك"، الصفقة كانت مفاجأة مدهشة في كل شيء، في وجهة اللاعب وفي السعر البالغ 50 مليون يورو، لكن المفاجأة الأكبر في التوقيت بالذات.
فالسوق الأوروبية أُقفلت والمبلغ لن يكون مفيد في هذه اللحظة بالنسبة لبورتو لأنه لن يتمكن من تعويض هالك الآن لأن السوق البرتغالية أُقفلت.
الأغرب من كل شيء هو أن بورتو نفسه رفض ذات العرض منذ أيام قليلة وفي وقتٍ كان بإمكانه فيه جلب بديل ممتاز من أميركا اللاتينية.
ويُعرف الفريق البرتغالي بقدرته على استخراج المواهب من هذا السوق مثل الكولمبي جيمس رودريغيز مهاجم بانفيلد السابق أو مواطنه جاكسون مارتينيز الذي استقطبه بورتو بداية هذا الصيف من خاغواريز المكسيكي والمتوقع أن يكون هو البديل الطبيعي لرحيل هالك بالنظر لقدراته وسعره الكبير والبالغ 11 مليون دولار.
هناك أيضاً البرازيليان كليبر بينييرو وكيلفن أوليفيرا العائدان من إعاراتٍ مختلفة.
ومرت أسماء سابقة لعبت لبورتو مؤكدةً على نبوغه وعبقريته بالسوق اللاتينية، ولا ننسى الأرجنتيني ليساندرو لوبيز أو الكولمبي الأفضل راداميل فالكاو ومواطنه فريدي غوارين.
لماذا انتظر بورتو كل هذا وباع في توقيت أغلقت فيه السوق البرتغالية مع أن العرض كان موجوداً سابقاً كون السعر المقدم يُغري بجلب بديل حتى ولو على سبيل الاستثمار فيه وإن كان لديهم هذا الرباعي الواعد؟
النقطة الأولى : قرعة دوري أبطال أوروبا
وهي نقطة مباشرة مفادها أن بورتو عندما وجد من يستطيع توفير المقابل المادي "القريب" مما يطلبه وهو نادٍ روسي يستطيع جلب هالك حتى بعد 31 أغسطس لأن سوق الإنتقالات الروسية يُغلق في السادس من شهر سبتمبر، عندما وجد هذا ووجد ان تشلسي بعيد عن الرقم المذكور عَمِد للرفض والانتظار حتى ما بعد إعلان قرعة دوري أبطال أوروبا، الانتظار كان لاستطلاع ملامح القرعة التي لم تكن صعبة ولم تُعرقل مخططات النادي البرتغالي فوضعته مع باريس سان جيرمان ودينامو كييف ودينامو زاغرب، مجموعة يستطيع بورتو تخطيها ولو بالوصافة ومن دون الحاجة لهالك على الورق.
النقطة الثانية : توقعات بتغير اتجاه السوق بعدما حدث في 31 أغسطس
يجب قبل الإجابة الإشارة لحقيقة واضحة، للميركاتو بعض الكواليس وبعض الطقوس التي تتكرر كل صيف مع تغير الأسماء، فكل صيف نجد مهاجم أو عدة مهاجمين يكونون محور الحديث وأعين ثلاث أو أربع أو حتى خمس أندية أوروبية من الفئة الأول صوبهم، حدث هذا صيف 2009 عندما كان كريم بنزيمة نجم الشباك في الخط الأمامي، ولهث آرسنال ومانشستر يونايتد خلفه قبل أن يوقع مع الريال.
وقتها كان ليساندرو لوبيز مهاجم بورتو مطلوباً أيضاً لكن بدرجة أقل، وبورتو في تلك الصائفة فكّر بذكاء وباعه قبل أن ينخفض ثمنه لليون الباحث عن تعويض بنزيمة ودفع 24 مليون من 36 حصل عليها من ريال مقابل التخلي عن الفرنسي ذو الجذور الجزائرية.
في الصيف التالي "صيف 2010" أتى الدور على البوسني إيدين دجيكو ليكون نجم شباك الذي طلبه يوفنتوس وغيره لكن فولفسبورغ أبى وحافظ عليه حتى يناير 2011 قبل أن يسمح له بالرحيل آنذاك صوب سيتي مقابل 33 مليون يورو.
وفي صيف 2011 كان نجم الشباك، سيرجيو أغويرو، هدفاً للريال ويوفنتوس أيضاً، لكن مانشستر سيتي فك عقده مقابل 45 مليون يورو ليوجه أتليتكو معظم المبلغ "40 مليون يورو" لنجم آخر من نجوم الهجوم في الميركاتو وهو فالكاو الذي لم يكن قد لمع وتوهج لما آل إليه الأمر حالياً، وقتها وافق بورتو على البيع أيضاً لأنه يَعي تماماً أنه لن يجد من يُخاطر بأكثر من هذا الرقم قياساً أن مهاجماً تألق في البرتغال واليوروبا ليغ قد لا يصحبه التألق بالضرورة في إسبانيا أو أي دوري آخر لإختلاف درجة الصعوبة هنا وهناك في شبه الجزيرة الآيبيرية.
الثلاثي الأشد فتكاً في سوق 2012 الصيفي
بالنسبة لهذا الصيف فنجوم الشباك في سوق المهاجمين كانوا ثلاثة بنفس الدرجة تقريباً وهم فالكاو من أتليتكو بعدما نقل مغامراته لإسبانيا، ومعه إيدينسون كافاني ماتادور نابولي ومن ثم هالك من بورتو، بعدهم يأتي روبن فان بيرسي هداف الدوري الإنجليزي وهو أقل من الثلاثي لأنه متقدم عنهم بالعمر "28 عاماً وعقده ينتهي بالصيف القادم مع آرسنال، بعدهم جميعاً وبمسافة يأتي فرناندو يورينتي الذي يقل سعره كثيراً لأنه أقل بالمستوى كما أنه يُعاني من ذات المشكلة التي يُعاني منها فان بيرسي وهي مشكلة العقد المُشارف على الانتهاء، البعض قد يُضيف إسم ستيفان يوفيتيتش إلا أن العروض الواضحة والصريحة من أجله لم تأتِ إلا من إسم واحد وهو يوفنتوس وبمقابل أقل بكثير مما طلبه ناديه فيورنتينا.
الثلاثي المفضل من كل هؤلاء، وهم كافاني وفالكاو وهالك كانوا بذات الدرجة تقريباً على صعيد السعر وتقييم الجميع لهم حتى آخر أيام السوق، ولو نظرنا إلى كل إسم على حدة سنجد أن كافاني كمثال لم يكن مطلوباً بقوة إلا من تشلسي الذي فضّل مدربه روبرتو دي ماتيّو التوجه بعده لخيار هالك والتركيز عليه، يقولون أن مانشستر سيتي ومانشستر يونايتد اهتمّا بكافاني لكن الأول لديه تخمة من المهاجمين ولم يصرف ببذخ في السوق إلا بالأيام الأخيرة لاستقطاب لاعبين في مراكز أخرى، وبالطبع يونايتد الذي ركز على هدف آخر كان فان بيرسي.
بالنسبة لفالكاو لم تكن هناك عروض كبيرة له لأن رئيسه إنريكو كريزو طلب مقابل فك عقده مبلغ 100 مليون يورو وكان واضحاً أن أتلتيكو لن يبيعه ولن يتركه إلا بالبند الجزائي، لهذا تفوق هالك على الجميع لأنه "متاح" بشكل أكبر من البقية، شريطة دفع المال طبعاً، لهذا تريّث رئيس بورتو جورجي بينتو دا كوستا، فالخمسون مليوناً قد يأتي أكثر منها "سواء من تشلسي المهتم بشدة بهالك أو غيره" وهذا فقط بحال ما بقيَ مهاجمه البرازيلي الدولي ضمن دائرة أفضل ثلاثي.
لكن كل شيء اختلف تماماً في آخر أيام الميركاتو، وبالتحديد عندما أقصى البعبع فالكاو البقية من ساحة الصراع على رأس الحربة الأفضل بهاتريك مثير في مرمى تشلسي بطل أوروبا المهتم بالذات بهالك!
نظرية الأكثر قسوة على فريقي، أفضل من غيره!
مفهوم أن الأندية تتأثر كثيراً بمن يتألق أمامها، فكل مدرب أو مالكٍ للنادي يرى أن اللاعب الأكثر قسوة على حارس مرماه هو الأفضل، هي حقيقة أثبتها يوفنتوس هذا الصيف عندما اهتم بالباراجوياني أوسكار كاردوزو مهاجم بنفيكا لمجرد أنه سجل في شباكه هدفاً في مباراة ودية، فما بالك بمهاجم سجل ثلاثية جلبت بطولة رسمية وليست أهدافاً فحسب بل بمستوى راقٍ، المنطقي والمتوقع أن يدخل تشلسي زمرة المهتمين بفالكاو مُقصياً هالك من حساباته، لا سيما وأن إل نينيو الأوحد بالفريق الأزرق لا يعمل بكفاءة.
الأمر لا يقتصر على البلوز فحسب، بل أن تيتو فيلانوفا مدرب برشلونة داعبه بتصريحاتٍ أكد فيها أنه إذا إستقطبه سيُغير الخطة برمتها، والنمر الكولمبي بالحقيقة يستحق، ريال مدريد أيضاً سيُحاول تحقيق ما فشل فيه مع أغويرو "جلب مهاجم من الجار" وربما يستغنى عن مهاجم من الثنائي بنزيمة أو هيغواين إذا ما تطلب الأمر، بشكل أو بآخر يمكننا استنتاج وتخيل الصراع الأوروبي الكبير على فالكاو من حجم التركيز الإعلامي المُسلط عليه من الآن، الإعلام موجه صوب فالكاو مما سيجعل أسعار منافسيه ينخفض، وقتها لن يحصل بورتو على أكثر من 25-35 من أجل هالك، لهذا، سيكون من الجنوني رفض العرض الروسي والمخاطرة بمكسب من الصعب أن يتكرر.
سيتعين على بورتو بالتأكيد توجيه الشكر لمن فكّر بتأخير ميعاد إغلاق السوق الروسية لما بعد قرعة الأبطال بستة أيام.