يرفع المنتخب الإسباني راية الملوك الكاثوليك في كأس القارات التي تستضيفها البرازيل، كبرى دول أمريكا الجنوبية، في الفترة بين 15 و30 من الشهر الجاري.
وسبق وأن رفع المغامر الشهير كريستوفر كولومبوس هذه الراية في رحلة استكشافية لم تخل من طابع استعماري قبل قرون انتهت باكتشاف أميركا الجنوبية، إلا أن المحنك الإسباني فيسنتي ديل بوسكي يقود حملة كروية لا تقل أهمية عن الأولى.
فإذا كانت البرازيل قد أفلتت من يدي إسبانيا تاريخياً، فكذلك الحال بالنسبة لكتيبة أبناء ديل بوسكي الذين يغيب لقب كأس القارات عن خزائنها، رغم إنجازاتها الكبيرة.
فمنذ أول نسخ البطولة، التي انطلقت عام 1992 تحت اسم كأس الملك فهد وحتى النسخة الفائتة، لم يشارك المنتخب الإسباني سوى في مناسبة واحدة فقط قبل نسخة العام الجاري.
وفي مفاجأة كبيرة، تمكن المنتخب الأميركي من تعطيل "الأرمادا" (الأسطول) الإسبانية في نصف نهائي نسخة 2009 بهدفين دون رد، أحرزهما جوزي آلتيدور وكلينت ديمبسي.
وكانت تلك الهزيمة لكتيبة ديل بوسكي مخيبة لآمال الجماهير في مديرها الفني الجديد، فقبل عام واحد تمكن الفريق بقيادة لويس آراغونيس من انتزاع لقب كأس أوروبا بعد 44 عاماً من تحقيق اللقب القاري للمرة الأولى في تاريخ لا روخا.
ولكن سريعاً ما تمكنت الكتيبة الإسبانية بقيادة المدرب المخضرم من الاستفاقة من كبوتها وكتابة التاريخ من جديد بالفوز بكأس العالم للمرة الأولى في تاريخها عام 2010 في جنوب إفريقيا، قبل عامين فقط من تكرار الإنجــاز القاري.
والأسلحة التي يستعين بها الربان ديل بوسكي في حملاته الكروية لا تخفى علــى أحد، وأبرزها خط الوسط، الذي يطغى عليه لاعبو برشلونة، مما يجعل "التيكي تاكا" السمة المميزة لأداء الماتادور.
فمن أصل عشرة لاعبين في خط الوسط ضمتهم القائمة النهائية التي يخوض بها ديل بوسكي غمار البطولة، هناك خمسة من برشلونة هم تشافي هيرنانديز وأندريس إنييستا وسرجيو بوسكيتس وسيسك فابريغاس وبيدرو رودريغيز.
ويواجه هؤلاء اللاعبون على وجه الخصوص والذين يلعبون في الأندية الإسبانية، وأبرزهم ألفارو أربيلوا وإيكر كاسياس وسيرخيو راموس نجوم ريال مدريد، تحدياً كبيراً في هذه البطولة.
وإلى جانب بريق اللقب الذي غاب عن المنتخب الذي تصدر تصنيف الفيفا للمنتخبات فترة طويلة، يسعى هؤلاء اللاعبون لإثبات أن مستوى الكرة الإسبانية لا يزال الأفضل في العالم، بعدما تردد عن انتهاء الهيمنة الإسبانية على عالم كرة القدم، وإن كان ذلك على مستوى الأندية.
فقد ثأر ناديا بايرن ميونخ وبوروسيا دورتموند، اللذان أصبحا قطبي الكرة الألمانية، من هزيمة الماكينات في نهائي كأس أوروبا 2008، ولكن هذه المرة من فريقي برشلونة وريال مدريد على التوالي في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا الموسم الفائت.
ولم تكن تلك الهزيمة الألمانية سوى البداية، إذ عاد المانشافت وخسر أمام الماتادور بهدف في نصف نهائي مونديال جنوب إفريقيا.
ويستهل الفريق معاركه في 16 يونيو بمواجهة رابع المونديال الماضي وبطل أميركا الجنوبية منتخب أوروغواي في ريسيفي، قبل أربعة أيام من التهام متوقع لتاهيتي ممثلة الأوقيانوس في ماراكانا ملعب ريو دي جانيرو الأسطوري، ويختتم الدور الأول بمواجهة نسور نيجيريا أبطال إفريقيا في 23 في فورتاليزا.
وبعيداً عن السعي لإحراز لقب كأس القارات للمرة الأولى، يسعى الإسبان لإثبات أن إنجازهم (أول منتخب في تاريخ الكرة يحرز ثلاثـة ألقاب كبرى متتالية (يورو 2008 - مونديال 2010 - يورو 2012) لم يكن عبثاً، أي أن لقب القارات سيكون درة التاج "لإمبراطورية كرة القدم الإسبانية" الحديثة.
