هاميلتون لاعب الكرة الذي وجد ضالته في فورميولا 1

تاريخ النشر: 26 نوفمبر 2018 - 07:06 GMT
لويس هاميلتون
لويس هاميلتون

"اشعر بأن الناس يتوقعون مني الفشل، لذلك، أتوقع من نفسي الفوز"، كلمات كانت بمثابة خطة عمل لبطل العالم الأشهر في سباقات فورميولا 1 لويس هاميلتون وتُلخّص هذه المقولة أسلوب ومسيرة حياة بطل العالم خمس مرات، لأن طفولته المتواضعة لم تعكس إمكانية ميلاد نجم عالمي أسطوري، يصنفه كثيرون على أنه أفضل سائق سيارات فورميولا عبر التاريخ.

نشأ هاميلتون بين والدين منفصلين وهو في عمر الثانية، ويبدو أن "لويس الخامس"، كما يُطلَق عليه، اعتاد حياة التنقل والترحال منذ نعومة أظفاره، إذ عاش أغلب فترات طفولته متنقلاً بين والديه، بعدما وُلِد عام 1985 في مقاطعة ستيفيناج الصغيرة الواقعة في شرق إنجلترا، وحمل هاميلتون البشرة السمراء عن والده، الذي لم ينتقل للعيش معه إلا بعدما أتم عامه الـ 12، إلا أن تأثير والده، أنتوني، بدا واضحاً في بداية ارتباطه بالسيارات، حيث أهدى إليه في عامه السادس، سيارة تعمل بالتحكم عن بُعد.

ويقول بطل العالم أن والده ظل يشجعه كثيراً ويدعمه فيما يتعلق بمجال سباقات السيارات، لكنه ربط دعمه لابنه بضرورة التفوق في دراسته.

المثير أن مراحل طفولة هاميلتون وصباه، تعكس حقيقة امتلاك هذا البطل للعديد من المواهب المتنوعة، بجانب شخصيته القوية المقاتلة التي جعلته يعشق التفوق والنجاح والبحث الدائم عن الإنجازات، وفي أحد تصريحاته الشهيرة، قال لويس: "لطالما أردت أن أكون الأفضل بما أقوم به"، وهو ما حدث بالفعل خلال سنوات عمره الـ 33، حيث ذكر في إحدى المناسبات أنه كان من الممكن أن يصبح لاعب كرة قدم مميزاً، لو لم يحترف سباقات فورميولا.

ويُشار إلى أن هاميلتون مارس كرة القدم بالفعل في سن صغيرة خلال سنوات الدراسة الأولى، وزامل النجم الشهير آشلي يانغ، كما لعب الكريكيت والكاراتيه قبل أن يتم عامه السادس، ولم يخلف لويس وعده لوالده فيما يتعلق بدراسته، حيث حقق فيها نجاحاً ملحوظاً، خاصة عندما التحق بجامعة كامبريدج العالمية الشهيرة.

ووصف هاميلتون سباقات فورميولا 1 بأنها خطيرة ومثيرة في آنٍ واحد، ولأنه حسب قوله يعشق المخاطرة، فقد اقتحم هذا المجال في الثامنة من عمره، على المستوى المحلي، وفي عام 1995، أصبح أصغر سائق يمكنه الفوز في بطولات السيارات الصغيرة في بريطانيا، برغم أن خبرته في هذا المجال لم تتجاوز العامين آنذاك، لكنه لفت الأنظار بشدة، خاصة رون دينيس مدير فريق ماكلارين، الذي ظل يتابع تطوره بشغف واضح، لدرجة أنه ضمه إلى الفريق بعد 3 سنوات فقط من بداية دخول بطل العالم مجال السباقات، بل إن عقده تضمن إمكانية مشاركة الطفل صاحب الـ 13 عاماً في سباقات فورميولا 1 إذا رغب في ذلك.

ورغم هذا النجاح الباهر في البدايات، إلا أن البطل الموهوب ابتعد عن منصات التتويج النهائية لمدة 6 سنوات، بسبب العديد من الأزمات التي تعرض لها على المستويين الشخصي والمهني، لا سيما ما قام به الجمهور الإسباني من إيذاء عنصري واضح تجاهه بسبب صراعه ومنافسته الشرسة مع بطل بلادهم فيرناندو ألونسو.

ويرى المتابعون أن عامي 2009 و2011، كانا الأسوأ في مسيرة البطل، وخلال تلك الفترة، قرر النجم الإنجليزي الرحيل عن ماكلارين والانتقال إلى مرسيدس 2013، ليحلق مجدداً في سماء البطولات بعد عام واحد فقط من الالتحاق بفريق مرسيدس، وعاد الإنجليزي البطل إلى التتويج في عام 2014، قبل أن يضم ألقاب 2015 و2017 إلى رصيد إنجازاته الضخم.

هذا الطفل سيصل إلى القمة

تطور مستوى هاميلتون كثيراً خلال الفترة بين 1999 و2001، واستطاع أن يصبح بطلاً على المستوى الأوروبي عام 2000، ما منحه جائزة أفضل رياضي صاعد في العام ذاته، بالتأكيد كان عام 2001 مميزاً بالنسبة للبطل الشاب وقتها، عندما تسابق مع الأسطورة الألماني مايكل شوماخر، وحل بعده بـ 4 مراكز فقط، ليصفه شوماخر بأنه يمتلك قوة ومهارة غير عادية في هذا السن، وكان وقتها قد أتم 16 عاماً.

وأردف شوماخر: "سيصل هذا الطفل إلى القمة العالمية بالتأكيد، لأنه يمتلك عقلية وموهبة قائد سيارات حقيقي في سن صغيرة جداً".

وتحققت نبوءة أسطورة فورميولا 1 بعد 7 سنوات فقط، عندما بلغ هاميلتون عامه الـ 23، وتُوّج بأول ألقابه العالمية عام 2008، لكن المؤشرات كانت تؤكد قرب حدوث هذا التتويج العالمي، إذ شارك في السباقات الكبرى عام 2007 للمرة الأولى في مسيرته، وسجل أرقاماً قياسية كانت مذهلة في ذلك الوقت، نظراً لصغر سنه وقلة خبرته في مشاركته الأولى، إذ حقق 4 انتصارات في سباقات الجائزة الكبرى على حساب ألونسو، بطل العالم مرتين متتاليتين عامي 2005 و2006، لكنه لم يتمكن من تحقيق اللقب في نهاية الأمر، إلا أنه عاد في 2008 ليسجل اسمه كأصغر بطل للعالم في سباقات فورميولا 1 في عامه الثالث والعشرين.

عودة سبتمبر وأكتوبر

حصد هاميلتون لقبه العالمي الخامس، ليقفز إلى المرتبة الثانية في قائمة الأكثر تتويجاً عبر تاريخ سباقات فورميولا 1، متساوياً مع الأرجنتيني خوان فانجيو، المعروف بلقب "مايسترو"، والذي يُعد أيقونة هذه الرياضة في خمسينيات القرن الماضي.

وبات البريطاني على مقربة من اللحاق برقم الأسطورة شوماخر، الحاصل على اللقب العالمي 7 مرات كان آخرها عام 2004.

جاءت بداية سباقات العام الجاري في صالح غريمه الألماني سيباسيتان فيتيل، الذي حصد المركز الأول في أول جولتين، في حين احتل هاميلتون المراكز الثاني والثالث والرابع في أول 3 جولات، إلا أنه نفذ انتفاضة كبرى في جولتين متتاليتين في آذربيجان وإسبانيا، ثم عاد للتراجع بين الجولات السادسة حتى العاشرة.

وعاد هاميلتون للتفوق في سباقي ألمانيا والمجر خلال يوليو الماضي، قبل أن يتوهج نجم مرسيدس الأول في 4 سباقات متتالية بين سبتمبر وأكتوبر، بدأها في إيطاليا وأنهاها في اليابان، ثم شهدت البرازيل في بداية نوفمبر الجاري اللمسات الأخيرة للنجم البريطاني، التي منحته عدداً من النقاط أمنت له الفوز باللقب الخامس التاريخي، بمجموع نقاط بلغ 383 نقطة، قبل خوض السباق الأخير في أبو ظبي، علماً أنه انطلق من المركز الأول بعدما تصدر جميع التجارب التأهيلية، وهي المرة الـ 83 التي يقود فيها هاميلتون السباقات في تاريخه الحافل.