كشف وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، لمجلة "تايم" وللمرة الأولى، عن تفاصيل الخطة السعودية لتنحية الرئيس العراقي صدام حسين والعمل على إسقاطه تجنبا للحرب.
ونقلت "تايم" عن الأمير سعود الفيصل قوله إن الخطة تهدف إلى تحقيق التزام عراقي شامل بقرارات الأمم المتحدة الخاصة بنزع أسلحة الدمار الشامل تفاديا لحرب أحادية الجانب قد تشنها الولايات المتحدة وتجنبا لخلق حالة من عدم الاستقرار في المنطقة وتأجيج المشاعر المعادية لأميركا.
وتهدف المبادرة السعودية إلى إبقاء خيار الحرب في يد الأمم المتحدة وتشجيع الأقلية السنية الحاكمة في العراق على حماية مصالحها عن طريق التعاون مع الأمم المتحدة وإزاحة صدام حسين في حال رفضه المضي قدما في تنفيذ قرارات الأمم المتحدة.
وتقول "تايم" إن السعودية ترى أن بالإمكان إحداث تغيير وانتقال أقل دموية للسلطة عبر الاستمرار في التلويح بـ"عصا" الحرب وعرض "جزرة" حماية مصالح الأقلية الحاكمة.
وقالت المجلة إن الأمير الذي كان يتحدث لها بعد أسبوع من التحركات الدبلوماسية العاجلة بما فيها اجتماع مع الرئيس الأميركي جورج بوش والفرنسي جاك شيراك ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير، قال إن المبادرة ممكن أن تدمج في قرار الأمم المتحدة المتوقع والذي يسمح باستخدام القوة ضد نظام صدام.
وقال الفيصل "لقد لمسنا تشجيعا وموافقة مبدئية على الإطار العام الذي وضعناه". وأضاف " الرئيس بوش كان متعاطفا جدا مع أهدافنا".
ومن المتوقع أن يناقش أعضاء مجلس الأمن الدائمين اليوم الأربعاء، المبادرة السعودية بشكل غير رسمي.
وتقضي المبادرة السعودية بعرض عفو عام عن المسؤولين والضباط العراقيين الذين يتعاونون مع الأمم المتحدة ويبدون استعدادهم لكشف معلومات عن الأسلحة أو يظهرون إشارات بأنهم لا يعارضون الالتزام الكامل بقرارات الأمم المتحدة.
ويعتقد المسؤولون السعوديون أن عرض العفو العام سيكون مغريا للمسؤولين العراقيين المتخوفين من إمكانية الملاحقة والمحاكمة بتهم استخدام أسلحة دمار شامل ضد بلدان مجاورة أو ضد السكان المحليين.
ورغم إصرار الأمير الفيصل على أن المبادرة لا تستهدف "أشخاصا محددين" إلا أنه من الواضح أنها تهدف إلى عزل الرئيس العراقي وحفز القادة العسكريين على التعاون مع الأمم المتحدة وحتى إسقاط صدام إذا لزم الأمر.
وتنقل المجلة عن الفيصل "الطريق الأفضل عرض عفو على حكومة العراق، بدلا من الاستمرار في عزف قيثارة، إذا أنتم لم تعملوا ما نريد، سوف تلاحقون، نقول العكس، إذا علمت ما نريد لن تلاحق وستضمن حياتك ومستقبلك". ويضيف "لن أستوعب عدم موافقة العراقيين على هذه المقاربة وهم على وشك التعرض لدمار شامل".
ويقول الأمير "فكرتنا، هي تحويل الجهد العسكري للأمم المتحدة من جهد يهدف إلى الاحتلال وإيقاع الأذى بالعراق إلى جهد يستهدف ضمان أمن وسلامة الأراضي العراقية، وأساسا إلى إبقاء الحكومة العراقية فاعلة بما يسمح بانتقال سلمي " للسلطة.
ويعتقد الأمير أن التركيز يجب أن يكون على حماية العراقيين بدلا من مهاجمتهم. وتمنى الأمير أن تساعد هذه الصيغة على إنهاء النزاع داخل مجلس الأمن وتشجيع فرنسا وروسيا والصين على دعم قرار يتيح استخدام القوة.
ويقول الأمير" إننا نرى انقساما في مجلس الأمن وهذا قد يشجع صدام حسين على الاعتقاد أنه، إذا كان هناك انقساما بإمكاني الخداع وعدم القيام بشي وسأنجو، وهذا سيقود، يقول الفيصل، إلى حرب على العراق بقيادة الولايات المتحدة".
ورفض سعود الفيصل أن تكون المبادرة هدفها تقويض الاستعدادات الأميركية للحرب، بل يعتقد أن التلويح بالحرب والتهديد بهجوم عسكري وشيك يعطي فرصة حقيقة لتغيير الولاء في بغداد، ويقول" يمكنني أن أتصور بعض عناصر النظام وهي تبتعد عن حكم يعرض أمن واستقرار العراق للخطر"، ويضيف " أنا لا أعتبر العراقيين أقل وطنية من أي بلد آخر، قل إنك جنرال والأمم المتحدة ستمنحك الحماية إذا قمت بما يمليه عليك واجبك، وحالا وعندما تمنح هذا العرض ثق بأن من هم ضد قرارات الأمم المتحدة سيختفون".
وتقول "التايم" رغم أنه يكاد من المستحيل توقع رد الجنرالات العراقيين على العرض السعودي بالعفو فإن أكثر السيناريوهات تفاؤلا يتوقع أن تتراوح بين رؤيتهم يزودون مفتشي الأمم المتحدة بأدلة تجرم النظام إلى إسقاط صدام ربما بدعم عسكري من الأمم المتحدة.
ويوضح سعود الفيصل" أدعو ذلك علم نفس، لا أحد يعرف من هو الصديق ومن هو العدو، الشعب العراقي لا يعرف ما إذا كانت أميركا قادمة لسرقة نفطهم أم لإعادة سيطرتها على المنطقة، أما في حالة الأمم المتحدة فالأمور ستتغير، هذا الاقتراح سوف يجلب لكل العراقيين الذين لا يريدون رؤية بلادهم تتدمر، هذا الاقتراح موجه لأولئك الذين يريدون حلا سلميا إلى الناس الرافضة لأسلحة الدمار الشامل الساعين إلى تقدم وازدهار العراق".
ويقول الوزير السعودي إن المبادرة صيغت أساسا خشية أن تؤدي الضربة العسكرية إنهاء الحكم المركزي إلى حمام دم داخلي أو ربما نزاع إقليمي تنخرط فيه تركيا وإيران.
وتعتزم المبادرة السعودية إلى تجنب حرب أحادية بقيادة الولايات المتحدة سوف تؤجج المشاعر القومية وتلهب حدة العداء لأميركا في المنطقة ما قد ينجم عنه تقويض الأنظمة الموالية لأميركا في المنطقة بضمن ذلك السعودية نفسها.
يقول الأمير فيصل" يا إلهي، مستحيل أن أتصور فكرة احتلال بغداد من قبل القوات المسلحة الأميركية، هذه عاصمة هارون الرشيد الذي كان يتفاوض مع شارلمان، هذه زهرة الحضارة العربية: من هو الجنرال الذي سيحتل بغداد؟ كيف يمكن أن يعتبر صديقا للعالم العربي؟
ويقول الأمير إنه وجد تفهما من زعماء الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا "كلنا متفقون على عدة أشياء، أولا أن الأمم المتحدة هي المعنية بالقضية، وثانيا كلنا متخوفون من نتائج العمل العسكري التي لا تأخذ في اعتبارها وحدة وسلامة الأراضي الإقليمية والمدنيين العراقيين، هذا ليس موقف الفرنسيين وحدهم البريطانيون والأميركيون أيضا يقبلون بها ويعنيهم مستقبل المنطقة".
ويقول الأمير "إن السعودية تطمح بأن تعطى والدول العربية فرصة أخيرة حتى بعد صدور قرار يجيز استخدام القوة، مسلحة بعرض عفو من الأمم المتحدة لتشجيع العراقيين على الالتزام بقرارات الأمم المتحدة قبل رؤية القذائف تتساقط فوق رؤوسهم".
ويقول الأمير إن الدول العربية ربما لن تجمع على المبادرة السعودية قبل صدور قرار من مجلس الأمن "الحكومات العربية كلنا متفقون على وجوب العمل على ضمان وحدة وسلامة الأراضي العراقية، وخضوع العراق وكلنا نريد عمل ما بوسعنا لتجنب النزاع"—(البوابة)