الروائية السورية حسيبة عبد الرحمن: يحاكمون روايتي سياسيا لا أدبيا

تاريخ النشر: 01 تمّوز / يوليو 2000 - 02:00

دمشق – البوابة 

تتعرض رواية "الشرنقة" للروائية السورية حسيبة عبد الرحمن إلى حملة يقول فيها البعض إن الرواية "نشر للغسيل الوسخ"، فيما يذهب آخرون لاعتبارها رواية تصالح مع السلطة السياسية، في حين تقول حسيبة أن السلطة تطارد الرواية ولم يعد لديها شخصياً أي وقت للتصالح. 

وتقول حسيبة المجهولة روائيا، والمعروفة في عالم الاعتقال السياسي في حديث لـ"لبوابة"، إن روايتها تحاكم من زاوية سياسية،لا من زاوية روائية، وتصف تجربة اعتقالها بأنها: "كانت أغنى تجربة أعيشها"، وتضيف:" إنها تجربة العالم السفلي.. وكانت فرصة كبيرة للتعرف على الآخر". 

وتؤكد حسيبة أن هذه الأجواء السفلى.. هي عالم روايتها، وتشير إلى العلاقة بينها وبين سجانيها فتقول:" في السجن المدني، هنالك جهاز شرطة.. ليس جهازاً قمعياً بالمعنى المعتاد.. ولكن هذا الجهاز يخاف من التعاطي مع السجينات السياسيات"، وتضيف بأنه غالباً ما يتعاطى هذا الجهاز معهن بحذر وخوف، مما يجعل العلاقة لا تخرج عن الطلبات الأساسية.. مشفى / أدوية..الخ... 

وتقول حسيبة بأنه عند صدور الرواية فتحت معركة على جبهتين.. جبهة المعارضة التي اعتبرت الرواية محاولة مصالحة مع السلطة، وجبهة الأمن الذي اعتبرها إساءة كبيرة بحق الأجهزة وحق السلطة، وتضيف بأن جميع أبطال الرواية دخلوا مستنقع تفاصيل السجن، و"هذه من وجهة نظري قانون عام للسجناء أيا كان اتجاههم السياسي". 

وتتحدث حسيبة في روايتها عن السجن الذي له شروطه المكانية التي تؤثر على البنية، البيئة، النفسية، وعلى حركة السجناء وانعكاساتها في بنية كل سجين. 

وتؤكد أن رموز تنظيم رابطة العمل الشيوعي الذي تنتمي إليه، لم يكن لهم أي موقف من الرواية، لكن ما يسمى" بالكادر المتوسط "وما دونه اعتبر أن الرواية نشر غسيل، الهدف منه مصالحة النظام،"عندما تكتب عن الحياة بتفاصيلها اليومية فهذا نشر غسيل،هكذا قالوا"، وتضيف :" كان عليّ أن اكتفي بتناول ما يتعلق بالجانب الإيجابي من حياتنا الداخلية وبعلاقتنا اللاصراعية مع السجان، هكذا اعتادوا" 

وتشير حسيبة إلى أنها كتبت الرواية لأنها لا تريد أن ترمي تجربة السجن،بمرها وحلوها، وراء ظهرها، وأنها كانت مهتمة بالتفاصيل، وبأكثر الحالات النفسية سوءاً. 

وأضافت بأنها كانت تحرص على الصراحة في أن السجين هو ضد كل شيء.. ضد نفسه وضد الآخرين. 

وتشبه حسيبة عبد الرحمن روايتها التي كتبت من السجن وعنه، كـ"البصقة" لرفعت السعيد، و"اللجنة" لصنع الله ابراهيم، وهي روايات حاولت الابتعاد عن الحياة الداخلية للسجن، وتقول إن "أي كاتب يحاول أن يبتعد عن الناس الأحياء عندما يكتب عن السجن".. وتضيف بأنه عندما يكتب عن السجن، يكتب عن الجانب المضيء، مع أن ما ليس مضيئاً هو من حقائقنا. 

وعن العلاقة ما بين السجن والخارج، وهو أساس من بنية رواية الشرنقة حيث يحل التداعي ليسحب الحدث إلى خارج السجن، تقول عبد الرحمن: "من في الخارج بنى عالمه على حب قديم، ولكن حياته حياة طبيعية.. العلاقة التي تربطه بالسجين هي علاقة التزام أخلاقي.. وتحديداً الزوجة، وحتى العشيق.. أما السجين ففي اللحظة التي ترك زوجته، استمر مع هذه اللحظة التي لا تتحرك" وتضيف:"هنالك زمان، زمن موضوعي لمن هو خارج السجن، وزمن ذاتي، شخصي لمن هو داخل السجن، وهناك تناقض كبير بين الزمن الأول، والزمن الثاني ويمكن أدراك هذا التناقض عن الإفراج عن السجين والخروج من السجن".  

 

وعن تصورها كروائية ومعتقلة سابقة لإمكانية إطلاق حوار ديمقراطي في سوريا تقول:" نحن أولا بحاجة لقرار سياسي، وصحافة حرة، وحرية أحزاب .. وسيادة قانون، وعلى هذه الأسس يمكن تقدير وتقرير الإمكانات التي ستمشي سوريا باتجاهها". 

يذكر أن حسيبة عبد الرحمن كاتبة روائية سورية من مواليد 1956، وهي مجهولة في عالم الرواية، لكنها إحدى النساء اللواتي لهن تاريخ في عالم المعتقل السياسي، فقد خضعت لمجموعة من الاعتقالات، الأول كان عام 1987 وامتد إلى 1991 والثاني من 1994 / إلى 1995 وكان آخر اعتقال لها عام 1997 حيث أفرج عنها في الشهر الأخير من نفس العام. 

مواضيع ممكن أن تعجبك