يبدو أن الرئيس العراقي اكتشف لديه موهبة أخرى غير زعامة الأمة وإلهامها، فلو صحت توقعات النقاد العراقيين حول رواية جديدة تحمل عنوان "القلعة الحصينة" يبث التلفزيون العراقي دعايات متواصلة عنها انها من إلهام الرئيس العراقي يكون صدام حسين قد دخل حقا عالم الروائيين.
الرواية الجديدة تأتي بعد عمل آخر نسب إلى صدام وكان يحمل عنوان "زبيبة والملك.
ويقول النقاد العراقيون إن الإعلانات التي تبث تكرارا حول الرواية إضافة إلى عدم ذكر اسم كاتبها والاكتفاء بالقول "رواية لكاتبها" وهي العبارة التي كانت استخدمت للعمل الأدبي الأول للرئيس يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن "القلعة الحصينة" هي العمل الأدبي الثاني لكاتبها صدام حسين.
يصف تلفزيون العراق الرواية الجديدة "القلعة الحصينة" التي ستطرح قريباً في الأسواق بأنها رحلة مضنية في عالم الفضيلة والنضال وصراع ضد الباطل ودعاته ومناجاة روح وتهدج حواس وبحث عن رفيف موقف مشرف .
ويؤكد الإعلان التلفزيوني الذي يكرر عدة مرات يومياً أن "القلعة الحصينة" تشكل فكراً فنياً وملحمة بكل أبعادها التراثية والموضوعية ومائدة من الأفكار في رؤية الموقف وتفسيره بعقلانية من دون سرد ممل. وأعلن أن ريع الرواية الجديدة وكما كان الحال بالنسبة لـ "زبيبة والملك" سيخصص للفقراء واليتامى والمساكين والمحتاجين والأعمال الخيرية.
أما "زبيبة والملك" وهي رواية مأساوية عن زواج دون حب واغتصاب وموت فقد كانت قد أحدثت ضجة في العراق ولدى وكالة المخابرات المركزية الأميركية.
فقد ذكرت صحيفة "النيويورك تايمز" في نهاية أيار/مايو الماضي أن وكالة المخابرات المركزية CIA عكفت على دراسة الرواية بهدف التوصل إلى تحديد طريقة صدام في التفكير.
ووفقا للصحيفة فقد اشترت الوكالة نسخة من رواية "زبيبة والملك" من إحدى المكتبات في لندن وأوعزت إلى أحد مترجميها الذي استغرقته ترجمة الرواية ثلاثة شهور، خلصت بعدها الوكالة إلى نتيجة مفادها أن صدام قد لا يكون هو كاتب الرواية، بل المشرف على تحريرها واضعا فيها أفكاره وبعض تعبيراته.
ووفقاً لصحيفة "الغارديان" البريطانية فإن كتاب "زبيبة والملك" الذي يتألف من 160 صفحة أصبح على ما يبدو الكتاب العراقي المفضل، حيث أن كافة المكتبات العامة خزنت نسخا منه. وإذا كان لنا أن نصدق تقارير الصحف، فإن الكتاب أصبح حديث أهل الفكر والنخبة المثقفة.
وقالت "الغارديان" إنه بالرغم من الهراء والتضخيم في الرواية، فإن وسائل الإعلام العراقية هللت لها ووصفتها بأنها "إبداع في تاريخ الروايات".
وذكرت صحيفة "الغارديان" أن الرئيس العراقي أشار في مطلع العام الماضي بأنه ينوي كتابة إحدى الروايات.
لا يوجد تعريف بالكاتب على غلاف الكتاب الذي يمكن قراءة عبارة "رواية لكاتبها" عليه. وتوضح ملاحظة داخل الكتاب بأن المؤلف "لم يشأ وضع اسمه من قبيل التواضع شأنه في ذلك شأن أبناء العراق الذين يضحون بأرواحهم وأغلى ما لديهم دون التحدث عن أعمالهم العظيمة.
قام المسؤولون في وكالة المخابرات المركزية بالتحليل المعمق للقراءة بين السطور وليتمكنوا من تحديد طريقة تفكير صدام، وهم يعتبرون أن شخصية "زبيبة" في الرواية تمثل الشعب العراقي.
ويقول أحد المسؤولين الأميركيين "في هذه الرواية، صدام هو الملك الذي يعبر عن رأيه أمام رعاياه ويقول: "أنا قائد كبير، عليكم أن لا تطيعوني فقط بل أن تحبوني أيضاً".
وفي أحد المقاطع، تتعرض زبيبة للاغتصاب وهو فعل، بحسب المحللين الأميركيين يشير إلى الهجوم العسكري الأميركي على العراق عام 1991م خلال حرب الخليج الثانية، فيعلن عندئذ الملك الحرب "حتى النصر أو الشهادة".
وينشئ الملك برلمانا ليكتشف فيما بعد أن أعضاءه مجرد أشخاص سيئي السمعة. وبينما يتشاجر أعضاء البرلمان، يعلن أحد المراسلين موت الملك، وينتهي هذه الإعلان بالرواية في نهاية غامضة. وبعد مراسيم الجنازة التي تليق بصدام، يعلن أعضاء مجلس النواب: "تعيش زبيبة! يعيش الشعب! يعيش الجيش!" ولكن أحدا لم يذكر اسم ملك جديد.
ويقول محللو وكالة المخابرات الأميركية "إن الحوار بين الملك وزبيبة يكشف عن جزء كبير من أفكار صدام: القيم القبلية تحتل المرتبة الأولى والعائلة هي الضمانة الوحيدة للأمان".
ويضيف الملخص أن "الشرف يكمن في نقاوة المرأة وأن الاغتصاب أسوأ من القتل، وبالتالي فإن الانتقام لهذه الجريمة يصبح هدفاً رئيسياً".
ونقلت "النيويورك تايمز" عن المسؤول الأميركي القول إن الملك هو صدام وأن دوره هو "إعطاء الأوامر والحكم وقيادة شعبه الذي عليه أن يطيعه ويلبي رغباته".