يواصل مدفع رمضان الذى يسميه المصريون مدفع "الحاجة فاطمة" ومنذ الف عام اعلان موعد الافطار كل يوم عبر اثير الاذاعة وباشراف طاقم عسكرى خاص تخليدا لذكرى تاريخية متصلة منذ بدء هذا المدفع عمله .
المدفع التاريخي تنقل من مكان لاخر وخاض عدة معارك تاريخية خرج منها سليما..والان استقر فى القلعة باشراف ضابط برتبة رائد يعاونه ثلاثة مساعدين يتولون تنظيف وتشحيم المدفع يوميا وربط توقيت اطلاق قذيفته عند غروب الشمس بخط مباشر مع الاذاعة ليفطر على صوته كل المصريين .
ووفقا للروايات التاريخية فان اطلاق اسم "الحاجة فاطمة " على هذا المدفع يعود لكبر حجمه وعدم ظهوره الا فى شهر رمضان ولخروجه من ثلاث معارك تاريخية كبرى قديمة دون أي تلف على العكس من كل المدافع الاخرى فضلا عن تعلق المصريين به من اجيال متعددة.
وحكاية مدفع رمضان فى مصر طريفة وتميز القاهرة الاسلامية عن غيرها من العواصم الاسلامية فقد عرفه المصريون بالمصادفة أول مرة في عهد الوالي الأخشيدي خوشقدم عام 859 هجرية عند قيامه بتجربة مدفع تم اهداؤه اليه من أحد الأمراء لكن وقت التجربة صادف غروب اول ايام شهر رمضان الكريم فظن أهل القاهرة أن انطلاقه ايذانا ببدء الافطار.
وفي اليوم التالي ذهب مشايخ الحارات الى القاضي ليشكروه على الصوت الجديد الذي سمعوه قبل انتهاء يوم الصيام فأعجب القاضي بالفكرة وتبناها وأمر باطلاقه لدى غروب مساء كل يوم.
وبعد ذلك تم تخصيص المدفع لاعلان موعد الافطار وتم نقله الى اعلى ربوة فوق جبل المقطم لتسمعه مصر كلها وفي العصر الفاطمي كان انطلاقه مدويا في جميع أنحاء قاهرة المعز لدين الله .
وفي العصر المملوكي تطور الاهتمام بمدفع رمضان وكان والي مصر يشرف بنفسه على تجهيزه قبل الافطار واعداد العاملين على المدفع وصيانته وزاد الاهتمام في عهد الأمير محمد علي وقام باستيراد مدفع جديد كبير وضخم من المانيا ووضعه بقلعة صلاح الدين الأيوبي وكان صوته مميزا ويحدث دويا هائلا تعود عليه سكان القاهرة الذين اسموه "الحاجة فاطمة".
وفي عهد الخديوى اسماعيل انتقل مدفع رمضان مرة ثانية الى جبل المقطم وكان يحتفل بخروجه من القلعة قبل رمضان بيومين في احتفال شعبي ويتم نقله على عربة ذات عجلات ضخمة تتحمل وزنه طوال الطريق حتى يتم وضعه فوق جبل المقطم وبلغ الاعتناء به شأنا كبيرا .
وكان يتم اختيار العاملين عليه وعددهم 4 أشخاص بدقة ويتم انتقاؤهم وقتها من بين عشرات الأشخاص العاملين بالجندية ويشترط ان تكون حالتهم الصحية جيدة حتي يتمكنوا من دفع الدانات بقوة داخل المدفع وحملها في أثناء الصيام والقيام بعمل الصيانة اليومية للمدفع، وبعد انتهاء الشهر الكريم يتم انزال المدفع من فوق جبل المقطم ونقله في احتفال كبير الى مخازن القلعة ويحفظ للعام التالي.
وقبيل شهر رمضان الحالى تم اخراج "الحاجة فاطمة " وتجهيزها وبدأت العمل اول ايام الشهر عندما اعلن صوت جهورى عبر الاذاعة " مدفع الافطار .. اضرب ". --(كونا)