سبل التأثير في السوق وأين يقف الأردن من ذلك؟

تاريخ النشر: 25 أغسطس 2011 - 03:30 GMT
ان الاردن قطع نصف الطريق نحو الحداثة والتقدم، وان الامل كبير لتحقيق ذلك، الا انه في نفس الوقت يواجه تحديات كبيرة
ان الاردن قطع نصف الطريق نحو الحداثة والتقدم، وان الامل كبير لتحقيق ذلك، الا انه في نفس الوقت يواجه تحديات كبيرة

تشير تجارب تحرير الاقتصاد والتجارة الى ان النظم السياسية الاقتصادية قامت خلال العقود الثلاثة الماضية باتخاذ اجراءات سريعة لبلوغ استقرار الاسعار، وزيادة قدرة هيئات التنظيم والرقابة لمختلف القطاعات لضبط الاسعار وجودة المنتجات من سلع وخدمات، وشجعت اطلاق مؤسسات غير ربحية للمساهمة في ادارة دفة توجهات المستهلكين والتأثير في انماطهم، واعتبرت المسؤولية الاجتماعية للشركات واجبا عليها وحقا للمجتمع الذي تنشط فيه وتربح منه، وليس هبة او منة تستوجب الشكر عليه.

ونجد الدول التي اتجهت نحو تحرير التجارة واعتماد اليات السوق انقسمت الى ثلاثة انواع، الاول نجح في بناء منظومة متجانسة على المستوى الكلي والقطاعي وحافظت على الاستقرار الاقتصادي الاجتماعي، وواصلت الطريق لتحقيق التنمية بمعدلات مريحة، اي ان الجميع يقوم بدوره دون تماد، والنوع الثاني وقع في مستنقع التناقضات والاختلالات الاقتصادية من فلتان الاسعار وحروب الحيتان، والكارتيلات الاحتكارية على مستويات الخدمات والسلع بخاصة المستورد منها، وافضت الى الاحتجاجات والثورات وعطلت المسيرة او ابطأتها على اقل تقدير، اما النوع الثالث الذي يحاول الافلات من الازمات وبلوغ مستوى متقدم وهاجسه ان لايقع في مستنقع التناقضات والاختلافات الاقتصادية بما يحمل ذلك من مخاطر على الاستقرار والتقدم.

وفي ضوء ما تقدم اين نقف في الاردن بين النماذج الثلاثة من حيث تحرير الاقتصاد واطلاق المبادرات من ناحية وحماية قدرة العامة من المواطنين لاسيما اصحاب الدخول المتوسطة والمحدودة الدخل، وباطمئنان يمكن القول ان الاردن قطع نصف الطريق نحو الحداثة والتقدم، وان الامل كبير لتحقيق ذلك، الا انه في نفس الوقت يواجه تحديات كبيرة تهدد المسيرة خصوصا ونحن بحذر نراقب العالم من حولنا الذي يبث الرعب اكثر مما يعد بمستقبل احسن والامثلة ماثلة للعيان.

ومع مراعاة اهمية الجوانب السياسية وتنمية الحياة السياسية في الاردن كمحرك رئيس للاصلاح الشامل في هذه المرحلة، فان حياة المواطنين ومستويات معيشتهم يجب ان تكون على رأس الاولويات والاهتمامات، وان التأثير على الاسعار والجودة في الاسواق لن يتحقق بشكل منتج بدون غياب حركة تعاونية استهلاكية قادرة تلبي احتياجات المواطنين، وحركة لحماية المستهلك تتسلح بالقوانين والتشريعات واجراءات تتجاوز الحالة الراهنة التي تقتصر على بيانات اعلامية. منذ ان انسحبت الحكومة من سوق السلع الاساسية والغاء وزارة التموين « كان القرار صائبا» لايستطيع ايا كان القول ان الحكومة قادرة على تحديد الاسعار او التأثير عليها بشكل فعال، ويمكنها فقط ان تطلب من التجار اعلانها للمستهلكين، وان ما يحصل مؤخرا يتكرر سنويا، والسبب في ذلك عدم وجود اليات ومؤسسات تستطيع تحقيق التوازن في السوق، وجهود المؤسستين الاستهلاكيتين محدود ودورهما يساهم وقتيا في تخفيف التهاب الاسعار، والسوق يتطلب جهودا اكبر ومؤسسات اقتصادية اجتماعية وهذا يمكن ان يلعب دورا مؤثرا في السوق المحلية وحماية المستهلكين.