تعتبر بورصة من أعرق المدن بتركيا، كما أنها من أهم المقاصد السياحية بتركيا، فقد كانت العاصمة العثمانية الأولى؛ لهذا طبيعي أن تجد بها أعداداً كبيرة من المعالم والآثار والتي ترجع لتلك الحقبة المميزة في التاريخ التركي، بجانب ما بها من مشاهد طبيعية رائعة تخطف الأنظار، ومن أكثر ما سيعجبكم بها هو قرى بورصة، فستجد هناك ما لن تود تفويته من معالم وآثار وأماكن تاريخية جميلة تعود لزمن بعيد، والتي نالت إعجاب الكثير من السياح من حول العالم، ومن أكثر ما يهيئها لذلك هو اهتمام الحكومة بها؛ حيث تحاول جاهدة من أجل الحفاظ على تلك المناطق التاريخية محتفظة بتراثها، وفي هذا المقال سنذكر تلك القرى مع شيء من التفصيل فتابعوا للنهاية.
أشهر قرى بورصة في تركيا
يوجد ببورصة عدداً من القرى الرائعة، والتي تجذب السياح من كل مكان، للحصول على بعض المتعة والهروب من مشاغل الحياة وصخبها، ويعود تاريخ القرى في بورصة لزمن قديم فستجد بها العديد من آثار العهد العثماني، وتم الاهتمام بتلك القرى من قِبَل الحكومة والبلدية للحفاظ عما تحويه من أبنية تاريخية ومناطق أثرية قديمة للحفاظ على ذلك التراث القديم، فستستمتع كثيراً بزيارتها وتناول الطعام بمطاعمها العديدة، وأخذ الجولات بتلك الأماكن القديمة، وفيما يلي سنذكر تفصيل تلك المناطق وأهمها وبعضًا من التاريخ الخاص بها، فستجد هناك القرية العثمانية، قرية جوليازي، وقرية ميسي، وبلدة وتريليا مودانيا، ومنطقة عثمان غازي:
1- القرية العثمانية بورصة
القرية العثمانية هي أحد قرى بورصة في تركيا، ويطلق عليها بالتركي Cumalıkızık جومالي كيزيك)، وتقع تلك القرية في منطقة (يلديريم) Yıldırımفي بورصة، وتقع القرية على بعد حوالي 10 كيلومتراً شرقاً عن قلب بورصة، ويعود تاريخها للفترة تأسيس إمبراطورية العثمانيين، ولا يزال نسيج تلك القرية التاريخي محمياً بصورة جيدة، كما لا تزال الأبنية المعمارية الريفية الراجعة للعهد العثماني سليمة، لهذا تعد تلك القرية أحد المناطق السياحية المهمة، ويعرض المتحف الوصفي للقرية أشياء تاريخية عنها بساحة القرية، ويقام مهرجان التوت بشهر يونيو سنوياً في القرية، وقد تم بناء بيوت القرية العثمانية ببورصة من الحجارة والخشب، ويتكون أغلبها من 3 طوابق، كما تم رصف أزقتها الضيقة بالحجارة الكبيرة.
وتضم القرية 270 منزل تاريخي، والتي يخضع بعضها للترميم والإصلاح، ومنهم 180 منزلاً لا يزال يتم استخدامه كمساكن، فيمكنكم هناك الاستمتاع بمشاهدة الأزقة والمنازل التاريخية، ومعرفة طرق بنائها عند العثمانيين، كما تستطيعون أن تزوروا بقايا كنيسة بيزنطية اكتشفت عام 1969م، والتي تقع بجنوب شرق تلك القرية، كما يمكنكم زيارة سوق هذه القرية، والذي يقوم بعرض الكثير من الأعمال اليدوية والمنسوجات والإكسسوارات، إلى جانب أنواع عديدة من العسل الطبيعي، فلن تندم بزيارة تلك القرية أبداً؛ فهي من أجمل قرى بورصة.
2- قرية جوليازي بورصة
تقع تلك القرية، والتي اسمها بالتركية Gölyazı، قريباً من بورصة، على شبه جزيرة على ساحل بحيرة Uluabat أولويات، وتجسد معالمها التاريخية وبيوتها القديمة ما تبقى من عصر الرومان، فيعود تأسيسها لتلك الفترة، وتشتهر القرية بجمال أشجارها وطبيعتها، حيث يحيط بها ماء البحيرة اللامعة، والذي يجعلها مكاناً رائعاً للاستجمام والسياحة، وتعد أسوارها ومبانيها الأثرية وكنيستها القديمة وقواربها الملونة وشوارعها المصروفة بالحصى من أهم مزاياها، فيمكنكم الاسترخاء على الشاطئ والمشي عليه إلى جانب أخذ جولة بقارب صغير في البحيرة، وهو مكان يستحق زيارتكم كما يصفه الزوار.
3- قرية ميسي بورصة
قرية ميسي والتي تسمى بالتركية Misi Köyü، هي أحد القرى في بورصة، وتبعد حوالي 12 كيلومتراً عن قلب بورصة، وهي أحد القرى التي لا يجب عليك أن تغادر بورصة بدون زيارتها والتمتع بطبيعتها وأجوائها الخلابة، ويرجع تأسيس القرية لعام 2000م، وتقع القرية ضمن منطقة تسمى نيلوفر Nilüfer، وتشتهر تلك القرية بتربيتها لدودة القز بشكل كبير، والذي يجعل إنتاجها لخيوط الحرير يمثل عائداً اقتصادياً عاماً لمدينة بورصة.
وتم الإعلان عن قرية ميسي من قِبَل وزارة الثقافة كمنطقة محمية، وذلك للحفاظ على طبيعتها الخلابة ومنازلها الأثرية، وتعد اليوم قرية ميسي من أهم مناطق السياحة في بورصة، وأقيم فيها الكثير من أماكن التنزه والمطاعم، وينصح زوار القرية بزيارتها والتمتع بتناول الإفطار عند النهر، والتقاط الصور للتذكار؛ حيث أن بعض مطاعمها تتيح طرازاً مميزاً للطاولات الموضوعة بقلب النهر، حيث يستطيع زوارها أن يتناولوا الطعام وهم واضعين أقدامهم بالمياه العذبة.
4- بلدة تريليا مودانيا بورصة
تعد بلدة تريليا Tirilye أحد البلدات الواقعة في مودانيا والتي تتبع محافظة بورصة بتركيا، فتبعد حوالي 12 كيلومترات غرب مودانيا، ممتدة على خط ساحل بحر مرمرة، وكانت تلك المنطقة منذ (القرن الخامس) قبل الميلاد معروفة رسمياً باسم Brylleion أو Trilye، كما كان اليونانيين يدعوها، وحين ازداد الطلب على منتجات جنوب البحر قديماً قاموا بإنشاء ميناء بمناطق ساحلية عديدة أهمها تريليا، ويبلغ عدد السكان فيها إلى 2500 نسمة فحسب، وتعد تريليا من عام 1980م وحتى اليوم منطقة محمية من البلدية ووزارة الثقافة كذلك للمحافظة علي شكلها الأثري والتاريخي، ويمكنكم هناك رؤية كنيسة ( Haghioi Theodoroi) البيزنطية، والتي تعد أحد أهم المناطق التاريخية بالمنطقة، وكانت تعد مركزاً دينياً خاص بالمسيحيين اليونانيين الأرثوذكس لمدة طويلة، إلا أنها اليوم تدعى مسجد الفاتح (Fatih Mosque).
ويمكنكم التمتع بمعالم تريليا مثل المنازل والآثار المعمارية البيزنطية والعثمانية، كما أنها تم اعتبارها متحفاً في الهواء الطلق بسبب احتوائها أروع وأجمل المعالم التاريخية، وتلقب تريليا بـ(جنة ساحل مودانيا) الغير مكتشفة، حيث أن شاطئها الرائع والذي يلتقي عنده الجبل والبحر سيكون من أروع ما يشاهده الزائرين للالتقاط بعض الصور التذكارية، وتشتهر كذلك بزيتونها ومشاهدها الرائعة، وتعود تلك القرية الصغيرة لعهد العثمانيين، فهي من قلائل القرى التي حفظت طابعها البيزنطي والعثمانية في جميع تفاصيلها، ويمكنكم أيضاً اختيار واحد من المطاعم التي في مقابل الساحل لتحصل على وجبة لذيذة في إطلالة رائعة على البحر.
5- منطقة عثمان غازي في بورصة
توجد منطقة عثمان غازي بمركز بورصة، وذلك على سفوح أحد الجبال الشهيرة التي تسمى أولوداغ، وتعد المنطقة نقطة لالتقاء كل ضواحي المدينة، وهي أكبرهم في عدد السكان، وتم تسمية تلك المنطقة بذلك الاسم نسبة للأمير عثمان غازي الذي أسس الدولة العثمانية، تتعدى مساحتها 1165 كم، وترتفع عن سطح البحر ب150 كم تقريباً، وتتمتع كذلك بمناخ الإقليم الخاص ببحر مرمرة المعتدل؛ فيبلغ متوسط الحرارة بها 14:4 درجة مئوية، وتحاط من الشرق بوادي (كوك درة) ومن الغرب بطريق مودانيا الجديد ونهر (نيلوفر)، من الشمال بجبال الكاترلي، فتحتضن المنطقة هضاب بورصة ونهر نيلوفر، وتشكل نقطة التقاء لطريق اسطنبول أزمير وإسكي شهير، وتبعد حوالي 31 كم عن ميناء مودانيا، وحوالي 30 كم عن منطقة كمليك، وحوالي 74 كم عن مدينة يلوا، ويوجد لها 109 حي، وعدد سكانها يتعدى 826 ألف نسمة تبعاً لتعداد سنة 2015م.
وتعد المنطقة أحد المناطق السياحية الهامة في بورصة، فبأثارها تعد متحفاً مفتوحاً، فينتشر بها العديد من الأبراج والجوامع والساعات والأسواق والخانات والجسور وبيوت قديمة باقية من العهد العثماني، إلى جانب متاحف عديدة ومراكز ترفيهية والتي تجذب السائحين من كل البلاد، وتهتم الحكومة هناك بالتعاون مع البلدية للاعتناء بالمنطقة بصورة كبيرة، فيوجد مشاريع عديدة للتحول الحضاري، والتي تهدف من خلالها الحكومة أن تقضي على أي أبنية عشوائية وتعيد إنشاء تلك المنطقة بصورة معاصرة حديثة.
ووضعت الحكومة خطط عديدة لإصلاح المعالم والآثار والأحياء التاريخية بصورة تتناسب مع نسيجها التاريخي، حتى لا تفقدها القيمة التاريخية لها، وتعمل البلدية كذلك على زيادة مساحتها الخضراء حيث تقيم الكثير من الحدائق العامة، ويوجد بها الكثير من أنواع الصناعات وأراضي زراعية خصبة، والعديد من الشركات السياحية والتجارية، ومؤسسات عديدة فتحتضن معظم المؤسسات الرسمية للدولة الواقعة بمدينة بورصة، ويوجد بها مدارس عديدة منها الحكومية والأهلية، والكثير من المراكز الاجتماعية والثقافية والرياضية، وذلك الاهتمام الكبير بتلك المنطقة رفع من قيمتها العقارية بالمدينة فتحولت في فترة قليلة إلى مركز هام فتعد من أفضل قرى بورصة.
وفي ختام المقال نكون قد تعرفنا على قرى بورصة الشهيرة، والتي ستمتعكم كثيراً بزيارة معالمها التاريخية القديمة، ومعرفة تاريخ كل منها وكيف تم بنائها والمحافظة عليها، ونتمنى لكم أن تقضوا وقتاً ممتعاً.
