تعتبر تركيا تراثًا مشتركًا للبشرية جمعاء، فهي دولة ذات قيمة تاريخية وثقافية وجغرافية لا يُمكن نكرانها، كما أنها تحتوي على عدة مدن تُعتبر وجهات جذب سياحي بذاتها، ولمدينة طرابزون فيها قُدسية تاريخية، فهي تحتوي على الكثير من المعالم الأثرية والسياحية ذات الطابع الديني، ومن أهم تلك المعالم على الإطلاق وأكثرها قدمًا وعراقة هو دير سوميلا طرابزون، فهو دير السيدة مريم العذراء.
يقع على سفح جبل فيكون للزائر بمثابة جولة شاقة ورحلة صعبة إلا أنه يستحق ذلك الجهد المضني، فهو مُحاط بأجمل المظاهر الطبيعية، وتجد هناك الغابات الرائعة والمياه الجارية والأشجار شاهقة الارتفاع، ناهيك عن الأنشطة التي يُمكنك الاستمتاع بها هناك لقضاء رحلة رائعة، وقد تم تأسيس الدير على طراز الكنائس في كابادوكيا، وبُني على يد الرهبان، ونال محاولات كثيرة من الترميم والتوسعة، ناهيك عن اعتباره بمثابة قاعدة الدفاع الأولى لمنطقة سوميلا في طرابزون، والزائر يرى فيه عدد من اللوحات الجدارية التي تعكس ثقافة الشعب التركي.
معلومات عن دير سوميلا طرابزون
تم تأسيس دير سوميلا في عام ٣٨٦ ميلاديًا في عهد الإمبراطور ثيؤدوسيوس الأول، فزاد عمره عن 1600 عام، وهو ما أضفى له أهمية تاريخية، ومن بناه الراهبان صفرنيوس وبرنابا وهما ينحدران من كولشيد باليونان، فقد قرر كلاهما الاستقرار في منطقة دير سوميلا طرابزون وبنائه، وهو ما يعزو إلى وجود أيقونة مريم العذراء هناك وفقًا لما نقلته الأساطير، وقد أضيف إليه بعض التعديلات في القرن الثالث عشر خلال حكم الإمبراطور الكسيوس الثالث لطرابزون، إلا أنّ السلطان العثماني غزاها وباتت تابعة لولايته، وهو بدوره من حافظ على حقوق الرهبان في تلك المنطقة المقدسة، ويُذكر أنه تم توسيعها في ١٨٦٠م، وكان الدير يُمثل مركزًا للعلوم والثقافة نظرًا لمكتبته الغنية بالمعارف، وكان السلاطين العثمانيين يُرسلون إليه الهدايا حتى عام 1923م.
يوجد في الدير كنيسة الصخرة، بالإضافة إلى الربيع المقدس ومكتبة وغرف للطلاب وبيت لأغراض الضيافة، وكنيسة روك وعين مقدسة من الروم الأرثوذكس، ناهيك عن قناة ري المياه ذات الأقواس والتي يُعتقد أنها تحتوي على مياه مُقدسة، ويمتلك الدير أماكن للحراسة في مدخله؛ كما أنه يحتفظ بعدد من المخطوطات القديمة، وغرف الرهبان المنتشرة في مساحة كبيرة منه.
ومن الجدير بالذكر أنَّ الكنائس الصغيرة داخله ترتبط من خلال الشرفات والجسور والسلالم الخشبية، مما يجعل هندسته المعمارية مثالًا متفردًا بذاته، فعلى الرغم من تدميره عدة مرات إلا أنه لا زال محتفظًا بتلك اللوحات الجدارية من الكتاب المقدس، والتي تجذب أنظار السياح من الوهلة الأولى، باعتباره كنزًا ثقافيًا باقيًا.
عنوان دير سوميلا طرابزون
من أهم المناطق السياحية في تركيا في نظر الكثير من الزوار هي كنيسة سوميلا طرابزون، فهي أعجوبة معمارية بذاتها، لتكون من أبرز معالم المدينة السياحية، إلا أنّ السياح لم يقصدوها باعتبارها منطقة مقدسة أو معلم أثري فقط، فهي ذات مناظر طبيعية جميلة خلابة، حيث تحيط بها الأنهار والشلالات، ناهيك عن جبال الألب الشهيرة؛ لذا يقصدها كثير من الزوار، فدير سوميلا هو دير تابع للأرثوذكسية يقع في الشمال الشرقي لتركيا، تحديدًا في جبال البنطس على ساحل البحر الأسود، مع العلم أنه يقع على ارتفاع ١٢٠٠ متر في منحدر قرية التن ديري ماجكا.
يُذكر أنّ دير سوميلا يبعد عن مدينة طرابزون مسافة ٥٠ كيلو متر بما يعادل ٦٠ دقيقة، ويبعد عن قرية هامسي كوي بقرابة ٤٣ كيلو متر، كما يفصله عن جبال زيغانا ٤٤ كيلو متر، بما يعادل ٤٠ دقيقة، ليكون موقعًا حيويًا ذا أهمية ثقافية وتاريخية ودينية، فيمتلك بذلك مقومات الجذب السياحي كافتها، وتم تزيينه بعدد من المشاهد التورتانية، على أنَّ معبد سوميلا طرابزون يطلق عليه دير مريم العذراء فإن كنت من عُشاق التاريخ وهواة عبور الطرق شديدة الانحدار يمكنك الوصول إلى هناك بسهولة من خلال الذهاب على موقعها في خرائط جوجل من هنا.
أنشطة دير سوميلا طرابزون
عدد كبير من السياح يقصدون زيارة منطقة سوميلا في طرابزون، وهو ما يعزو إلى وجود بعض الأنشطة التي تُضفي حالة من الاستمتاع برحلة مميزة من نوعها، على أنَّ تلك الرحلة تأخذ وقتًا طويلًا حتى جهة الوصول، حيث تضم المنطقة عدة بيوت وغرف أثرية متنوعة، وهو ما يدفع الزائر الدخول في متاهة وجولة قبل الوصول إلى دير سوميلا طرابزون؛ وسوميلا يُمثل تراث الشعب التركي بسبب موقعه الفريد مما يجعله زيارة ضرورية لكل محبي الاطلاع على التاريخ القديم والدين الكاثوليكي والأرثوذكسي، وبمجرد الوصول يُمكن للزائر القيام بعدد من الأنشطة:
1- التقاط الصور التذكارية
مكان مثل دير سوميلا في طرابزون يدفع زائره إلى توثيق تلك اللحظات التي لن تتكرر إلا لمامًا، فهو من الأماكن المثالية التي توفر للزائرين التقاط عدد من الصور التذكارية المميزة، لاسيما وهو متعدد المناظر الطبيعية الخلابة، فيمكن توثيق كل لحظات تلك التجربة المثيرة عند زيارة الدير.
2- الجلوس في مقهى سوميلا
يوفر دير سوميلا طرابزون مقهى للزوار، لإمكانية تناول أي من الوجبات الخفيفة أو أي من المشروبات، وهو ما يتميز بكونه يطل على المنحدر الجبلي، فهو مظهر أكثر من رائع يمكن أخذ قسط من الراحة فيه، ومن ثمّ استكمال الجولة في منطقة الدير.
3- منتزه ألتيندير الوطني
بعد الانتقال من الفنادق يُمكن أن يتردد السائح على منتزه ألتيندير الوطني، والذي يُمثل أيقونة سحرية بحق، حيث يمنح زائره مزيجًا من الهدوء والصفاء، نظرًا لطبيعة الأجواء هناك، فالمنتزه له جمال فريد من نوعه، يُمكن الاستمتاع بوقت قليل للسير فيه إلى الوصول لمنصة المراقبة في سوميلا.
4- الاستماع إلى القصص من المرشد
من المعلوم أنَّ الرحلات إلى دير سوميلا تتطلب وجود مُرشد سياحي ذو خبرة، ليُتيح إلى السُياح كيفية الذهاب والدخول والاستفادة من المعلومات حول الدير؛ لتكون رحلة ثريّة، حيث يُمكن الإعجاب بجمال الدير من خلال تلك القصص التي يرويها الدليل على السياح، وكذلك التعرف على حضارة الأتراك الثقافية والدينية والتاريخية، ومن ثم يأخذهم المُرشد إلى وادي كوسانديري، لقضاء وقت آخر هناك لا يقل تميزًا.
5- تناول الطعام عند ممر زيغانا
بعد الاستمتاع بوقت مناسب في دير سوميلا طرابزون، يُمكن للزائر تناول واحدة من أشهى الأطباق الوطنية المقدمة من المطابخ التركية، وتكون في وقت وجبة الغذاء؛ فبالطبع تكون رحلة دير سوميلا شاقة بعض الشيء لاسيما وهي تتطلب المشي لوقت طويل وصعود الدرجات، لذا يكون تناول وجبة الغذاء هناك خيار أمثل، لاسيما إن كان تناولها بالقرب من قلعة تورتول ذات الجسر الزجاجي الذي يبلغ ارتفاعه 240 مترًا، وهو ما يجعل رحلة الزائر إلى الدير مُتكاملة بحق، فالدير لا يُعتبر منطقة منفصلة في سفح الجبل، بل يرتبط بكثير من المعالم السياحية والوجهات الأخرى في مدينة طرابزون التركية.
خدمات دير سوميلا طرابزون
أن يقصده عدد كبير من الزوار ليس بشيء عُجاب، حيث يحظى دير سوميلا طرابزون بشهرة كبيرة، فهو المبنيّ على جرف الجبل، ونال إطلالة جميلة على إثر ذلك، وفي طريق الزوار إلى الدير يمرون على الشلالات والأنهار والغابات الكثيفة والأجواء القروية ومرتفعات زيجانا، ولا يقتصر جمال الدير عن ذلك الحد، بل هو منطقة من أهم مناطق سياحية في طرابزون، وهناك عدد كبير من الفنادق بالقرب منه.
مواعيد العمل والأسعار
يفتح دير سوميلا في طرابزون أبوابه للزوار كل يوم في تمام الساعة الثامنة صباحًا وحتى الساعة السابعة مساءً في الصيف، وفي الشتاء يُغلق في الساعة الخامسة مساءً اعتبارًا للظروف الجوية في المناطق الوعرة، على أن يتم الصعود إليه عبر ممشى منعش في أجواء من الهواء النقي، أما عن سعر تذكرة الدخول فتبلغ 75 ليرة تركية للفرد الواحد اعتبارًا من العام المنصرم، مع العلم أنَّ الأطفال دون سن 8 سنوات يكون دخولهم إلى الدير مجانيًا تمامًا.
إلا أنَّ هناك تغيرات يُمكن أن تطرأ على ساعات العمل أو سعر التذكرة، لاسيما وأنًّ المحافظات في كل البلدان قامت بتحديد ساعات افتتاح وإغلاق الأديرة وفقًا لوباء كورونا، فمن الأحرى متابعة المُستجدات على الموقع الإلكتروني الرسمي لدير سوميلا طرابزون ومتاحف تركيا جمعاء والذي يُمكنك الدخول إليه من هنـا.
هكذا قدمنا أفضل الأنشطة التي يُمكن ممارستها في دير سوميلا طرابزون، حيث يعتبر الدير أعجوبة تاريخية بذاتها، يعكس التراث التركي والتاريخ العريق، حيث يقف شامخًا وكأنه جزء من الجبل الراسي عند سفح المنحدر، وهو من الوجهات السياحية التي يمكن الذهاب إليها لممارسة أنشطة متعددة، وقد ناله الخراب والهلاك مرّة إلا أنه أُعيد بناؤه على يد الأباطرة.
