أسباب الدوخة المستمرة وثقل الرأس وطرق العلاج

تاريخ النشر: 28 مايو 2024 - 07:37 GMT
أسباب الدوخة المستمرة وثقل الرأس

تعتبر الدوخة المستمرة وثقل الرأس اثنين من أكثر الأعراض المرضية شيوعاً بين الناس، وتسبب لهم الكثير من الإزعاج خلال اليوم أو في وقت النوم، وللبحث في وسائل علاجها لا بد من البحث أولاً في أسبابها، والتي تعد أحد أكثر الأعراض تشعباً وتعدداً من ناحية الأسباب التي قد تنتهي إليها، ولذا في مقالنا اليوم سنفصل في أسباب الدوخة المستمرة وثقل الرأس، ونعرض في نهاية مقالنا عدداً من العلاجات المقترحة للتخلص والتخفيف من هذه المشكلة المؤرقة.

1- عوز الحديد (فقر الدم)

يعد فقر الدم أحد أهم أسباب الدوخة المستمرة وثقل الرأس وأكثرها شيوعاً، حيث يتسبب فقر الدم في العديد من الأعراض، وذلك يعود تبعاً لشدته ومستوى الهيموجلوبين لدى الشخص، حيث تبدأ الأعراض بالدوخة المستمرة وثقل الرأس، وتتصاعد حتى تصل في بعض الأحيان إلى ضيق النفس ونقص التروية وإشباع الأوكسيجين الشرياني، كما قد يتسبب في كثير من الأحيان في الإغماء المتكرر في حالاته الشديدة.

2- انخفاض غلوكوز (سكر) الدم

يترافق انخفاض غلوكوز الدم في كثير من الأحيان عن حدوده الطبيعية بعدد من الأعراض التي تسببها الجملة العصبية الودية، أهمها الإحساس بالدوخة المستمرة وثقل الرأس، إضافة إلى التعرق وزيادة الانفعالية، وقد يصل الأمر في كثير من الأحيان إلى الإغماء، والذي ينتهي بالوفاة بنوبة نقص السكر (الغلوكوز) في حالة عدم تداركه بالسرعة الكافية، ولكن من الواجب معرفة أن هذه الحالة لا تحدث سوى لدى المصابين بمرض السكري، وتحديداً بنمطه الأول المعتمد في علاجه على حقن الأنسولين، ما يجعل هذا العامل أحد أسباب الدوخة المستمرة وثقل الرأس المحصورة لدى فئة محددة من الناس فقط.

3- الحرارة المرتفعة وفرط التعرق

أحد أكثر العوامل المسببة للدوخة وضوحاً ومعرفة بين الناس، وهو العمل بشكل مستمر في حرارة مرتفعة يتلوها التعرق بشكل غزير (وهي وسيلة الجسم في محاولة خفض حرارته)، حيث تظهر أعراض الدوار والدوخة على العاملين في درجات الحرارة المرتفعة لساعات طويلة، وقد تصل في نهاية المطاف إلى الإغماء والتجفاف والصدمة الناتجة عن نقص سوائل الجسم، ولذا فمن الضروري على العاملين في الجو الحار أخذ احتياطاتهم، وشرب كميات كبيرة من السوائل لتعويض ما يطرح منها بشكل مستمر عن طريق الجلد.

4- التسمم بأحادي أوكسيد الكربون

مركب أحادي أوكسيد الكربون هو مركب كيميائي ينتج عن الاحتراق غير التام للمواد، ويعد غازاً خطيراً بشكل كبير على صحة الإنسان، حيث يستنشقه الإنسان دون علمٍ منه، ليدخل عبر رئتيه ويتحد مع الهيموجلوبين مشكلاً مركباً يعيق نقل الأوكسجين إلى باقي أعضاء الجسم، وبالتالي تنخفض قدرة الجسم على إنتاج الطاقة اللازمة له للعمل، ما يسبب أعراضاً متعددة توصف عادة بأنها مشابهة بعض الشيء لأعراض الزكام، كالدوخة وثقل الرأس والوهن العام والإقياء، وتصل في النهاية إلى التخليط الذهني والإغماء.

5- أسباب دوائية

تصنف بعض أنواع الأدوية بين أسباب الدوخة المستمرة وثقل الرأس كثيرة الانتشار، وذلك بسبب شيوعها بين الناس بشكل كبير، ومن أهم هذه الأدوية التي تسبب الدوخة وثقل الرأس:

  • الأدوية النفسية

الأدوية النفسية بالعموم، كمضادات الاكتئاب والمهدئات والمسكنات تسبب الشعور بدوخة مستمرة وثقل في الرأس، وفي بعض الأحيان قد تسبب أيضاً تبلد التفكير بشكل جزئي، يضاف إلى ذلك الأدوية العصبية المضادة لنوبات الصرع لدى مرضى الصرع.

  • خافضات الضغط

تستخدم خافضات الضغط بكثرة لدى المرضى المصابين بارتفاع الضغط الدموي، والذي يعد واحداً من أكثر الأمراض انتشاراً في العالم، حيث تعمل أدوية خفض الضغط بعدة آليات منها زيادة إطراح السوائل في الكليتين، أو توسيع الأوعية الدموية، أو التأثير على مركبات ينتجها الجسم بشكل مستمر، تتمثل وظيفتها في رفع ضغط الدم، لكن الاستخدام الخاطئ والمفرط لأدوية الضغط سيسبب انخفاضاً واضحاً في وصول الدم المحمل بالأغذية والأوكسجين إلى أعضاء الجسم، ومنها الدماغ، ما سيتسبب في شعور المريض بالدوار وثقل الرأس.

6- انخفاض ضغط الدم

انخفاض الضغط الدموي هو أحد أهم أسباب الدوخة المستمرة وثقل الرأس، وذلك لأنه يصعب من مهمة القلب في إيصال الدم المحمل بالأوكسجين والمواد المغذية إلى المراكز العصبية العليا المسؤولة بشكل مباشر عن التوازن، حيث تعمل بالمشاركة مع المعلومات الواردة من حساسات التوازن الموجودة في الأذن الداخلية على إيجاد التناسب الأفضل الذي يحافظ على وضعية الجسم واستقراره.

ولذا فإن انخفاض ضغط الدم الانقباضي (الرقم الكبير الذي يظهر عند إجراء قياس للضغط) بشكل مستمر يؤدي في نهاية المطاف إلى الإحساس بالدوخة المستمرة وثقل الرأس، كما أن القيام بشكل سريع من وضعية القعود أو النوم والتي تسبب دوخة سريعة ومفاجئة، مع الإحساس بخفة وزن الرأس تعد أحد أشكال الدوخة الناتجة عن انخفاض الضغط، والتي يطلق عليها اسم دوخة انخفاض الضغط الانتصابي.

7- مشاكل الدورة الدموية

لا يقتصر أثر جهاز الدوران في التسبب بالدوخة على الضغط الدموي، فهناك العديد من العوامل الدورانية الأخرى ذات التأثير الهائل على التوازن وعدم الشعور بالدوخة المستمرة، أهم هذه العوامل:

  • ضعف العضلة القلبية

كما نعلم، فالعضلة القلبية هي بداية ونهاية الدورة الدموية والمحرك الأساسي لها، وبالتالي فحينما تعاني العضلة القلبية من الضعف فإنها تعجز عن إيصال الدم بشكل كافٍ للأعضاء الجسم، وللدماغ تحديداً في حالتنا، ما يتسبب في شعور المريض بالدوار والدوخة وثقل الرأس.

  • احتشاء عضلة قلبية عابر

ينشأ احتشاء العضلة القلبية العابر عن انسداد في أحد الشرايين التاجية المغذية للعضلة القلبية، ما يؤدي للتأثير بشكل كبير على وظيفتها، وينقص النتاج القلبي بشكل كبير، وبالتالي يضعنا أمام حالة من الدوخة الناتجة عن عدم وصول دم كافٍ إلى الجهاز العصبي المركزي ومراكز التوازن في الأذن الداخلية.

  • اضطرابات نظم القلب

تتسبب اضطرابات كهربائية القلب في خلل في انتظام ضربات القلب، الأمر الذي يغير من زمن النبضات، ويمنع الدم العائد إلى القلب عبر الجملة الوريدية من التجمع بشكل كافٍ يمكن يسمح بتغذية باقي الجسم من خلال الضربة، ما سيؤدي في نهاية المطاف إلى ضعف نتاج القلب النهائي، وعجزه عن تأمين الدم الكافي للمراكز العصبية التوازنية ومراكز التوازن في الأذن الوسطى.

  • تناول الطعام

إن اضطراب التوزع الدموي أثناء عملية الهضم يعد أهم سبب من أسباب الدوخة المستمرة وثقل الرأس بعد الطعام، وذلك يعود إلى انتقال كمية كبيرة من الصبيب الدموي الخاص بالجسم إلى المعدة والأمعاء لإتمام عملية الهضم.

8- بعض أشكال القلق المرضي

بعض أشكال القلق المرضي

يؤثر القلق المرضي بشكل كبير على انفعالات المريض وتخل بتوازن الجملة العصبية والهرمونية عنده، طيفاً من الأعراض التي يصفها بعض المرضى بما يشبه الدوخة، من هذه الأمراض: نوبات الذعر المرضية، وأشكال متعددة من الخوف المرضي (الفوبيا)، كالخوف من الأماكن المغلقة أو المفتوحة، والخوف من مغادرة المنزل، حيث يشعر المصابون بهذه الأمراض بخفة في رأسهم وضيق في صدرهم، ودوخة عامة في بعض الأحيان.

9- الأمراض العصبية

تعد الأمراض العصبية المتنوعة واحدة من أهم أسباب الدوخة المستمرة وثقل الرأس، ولعل أشهرها وأكثرها شيوعاً وتسبباً في الدوخة المتسمرة:

داء باركنسون

يصيب داء باركنسون غالباً الكبار وذوي الأعمار المتوسطة، وينشأ بسبب تنكس في الجهاز العصبي المركزي يتسبب في نقص الناقل العصبي (الدوبامين)، ما ينتج عنه عدد من الأعراض العصبية التي تبدأ بالرعاش والتقبض، وتتضمن الدوخة وثقل الرأس والاكتئاب، وتنتهي في المراحل المتقدمة بالخرف وفقدان الذاكرة.

التصلب المتعدد (التصلب اللويحي)

ينشأ داء التصلب المتعدد بآلية مجهولة، ويتسبب في تدمير آلية نقل الألياف العصبية للسيالات العصبية، الأمر الذي يجعل أعراضاً كالضعف العضلي العام وفقدان الحس والتنميل، والترنح وفقدان التوازن والدوخة تبدأ بالظهور، وهو مرض قاتل في نهاية المطاف.

10- دوار الوضعية الانتيابي الحميد (BPPV)

دوار الوضعية (أو الوضعة) الانتيابي الحميد هو واحد من أكثر أسباب الدوخة المستمرة وثقل الرأس شيوعاً في العالم، وينتج عن خلل في المراكز التوازنية الموجودة في الأذن الداخلية، والتي تعتمد عليها المراكز العصبية المركزية في معرفة وضعية الجسم، ولا يزال سبب هذا المرض مجهولاً، لكن المؤكد أنه يكثر لدى الفئة السنية الكبيرة، ويتسبب في الإحساس بدوخة مستمرة أثناء فترة النوبات عند القيام بتحريك الرأس بشكل سريع ومفاجئ، حيث أن التقلب في السرير أو النهوض منه بسرعة كبيرة، أو الضربات على الرأس، كل هذه العوامل تعد من المحرضات الأساسية المعروفة لبدء نوبة الدوار.

11- الالتهابات الإنتانية

تسبب الالتهابات الإنتانية الشعور بدوخة مستمرة وثقل في الرأس في حال كانت متوضعة في أماكن معينة متعلقة بالمراكز التوازنية، أهم هذه الالتهابات هو التهاب العصب الدهليزي، والذي يعد مسؤولاً بشكل أساسي عن نقل المعلومات التوازنية التي تجمعها مراكز التوازن في الأذن الداخلية والدهليز تحديداً، ونقلها إلى المراكز العصبية التوازنية في الجهاز العصبي المركزي، وبالتالي فإن التهابه يسبب اضطراباً كبيراً في آلية التوازن التي يعتمد عليها الجسم في الحال الاعتيادي، إضافة إلى التهاب العصب الدهليزي، فإن التهاب التيه الغشائي هو الآخر من أسباب الدوخة المستمرة وثقل الرأس، ولكنه يترافق في هذه الحالة باختفاء مفاجئ للسمع، إضافة إلى أعراض الدوخة وثقل الرأس.

12- داء مينيير

داء مينيير هو داء يصيب الأذن الداخلية، ويتسبب في فرط في السوائل الداخلية الموجودة ضمن التيه الغشائي، هذه السوائل التي يعتمد عليها الجهاز السمعي التوازني عادة في أداء مهامه، فهي تلعب دوراً محورياً في عملية السمع من خلال نقل الاهتزازات من النوافذ الغشائية التي تصل الأذن الداخلية بالأذن الوسطى إلى حساسات السمع ضمن الأذن الداخلية، كما تملأ أجواف الدهليز والقنوات الغشائية المتعامدة والمسؤولة عن التوازن الحركي والسكوني للجسم من خلال نقل المعلومات التوازنية إلى المراكز العصبية، وبالتالي فإن فرط هذه السوائل سيسبب شعوراً شديداً بالدوخة وثقل الرأس وصعوبة التوازن، كما قد ينتج عنه اختلال في وظيفة السمع لعدة ساعات.

13- الصداع النصفي

الصداع النصفي

يعاني المرضى المصابون بالصداع النصفي من آلام شديدة في الرأس تأتي بشكل نوبي، ولكن في بعض الأوقات التي لا يكونون مصابين فيها بآلام في الرأس، فإنهم قد يعانون بشدة من الدوخة المستمرة لنوبات قد تصل إلى عدة ساعات، ويكون الأمر مرتبطاً أيضاً في كثير من الأحيان الأخرى لدى مرضى الصداع النصفي بآلام الرأس وفرط الحساسية للضوء، والانزعاج بشكل كبير من الضجة العادية.

علاج الدوخة المستمرة وثقل الرأس

كما رأينا في ما سبق، فإن تعدد الأسباب بشكل كبير بين عوامل مختلفة، سيجعل من علاج الدوخة المستمرة وثقل الرأس متنوعاً ومختلفاً أيضاً تبعاً للسبب، وبناء على ذلك فإن علاج الدوخة وثقل الرأس قد يتراوح بين الإجراءات التالية:

الدوخة الناتجة عن فقر الدم

في حالة الدوخة الناتجة عن فقر الدم ينبغي الانتباه لتعويض النقص في شوارد الحديد من خلال تحسين النظام الغذائي وتناول مكملات الحديد وفق توصيات الطبيب المشرف على المعالجة، والبحث عن سبب فقر الدم في حال كان النظام الغذائي متزنا ومعالجته.

الدوخة الناتجة عن نقص الغلوكوز

ينبغي ضبط غلوكوز (سكر) الدم بشكل أفضل وتعديل جرعات الأنسولين اليومية وفق تعليمات طبيب الغدد المشرف على الحالة.

الدوخة الناتجة عن ارتفاع الحرارة ونقص السوائل

تجنب العمل في الطقس الحار وتحت أشعة الشمس بشكل مباشر، بالإضافة إلى تجنب الإجهاد المفرط للجسم، وتعويض السوائل بشكل دائم عن طريق تناول كميات وافرة من المياه والعصائر.

الدوخة الناتجة عن الأدوية والأمراض المختلفة السابقة

في حالة الدوخة الناتجة عن أدوية الاكتئاب أو الأدوية العصبية أو الإصابة بأي من الأمراض السابقة، فإن الإجراء الأول الواجب اتخاذه هو المسارعة بزيارة الطبيب المختص، وطلب المشورة الطبية العاجلة في الحالات الاسعافية كنوبات الإقفار القلبي وخلافها.

 

وفي الختام، نرى أن أسباب الدوخة المستمرة وثقل الرأس تتنوع بشكل كبير، وتتدرج بين الأسباب البسيطة والأسباب عالية الخطورة، والخطوة الأولى الصحيحة في علاجها في جميع الحالات تكون بطلب المشورة الطبية الاختصاصية.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن