يقول الباثون، الذين قاموا مؤخراً بدراسة على تأثير التدخين على الأطفال ، إن تدخين الأمهات الحوامل قد يزيد احتمالات تبني أطفالهن لسلوك مناهض للمجتمع.
وقال هؤلاء الباحثون إنه توجد علاقة "صغيرة ولكن ملحوظة" بين تدخين الأمهات الحوامل وبين ظهور أعراض السلوك المتمرد والاضطراب المصحوب بتشتت الانتباه وفرط النشاط على مواليدهن.
وخلصت الدراسة التي شملت 1896 من التوائم إلى أن نسبة ظهور هذه الأعراض ترتفع بزيادة عدد السجائر التي تكون قد دخنتها الأم أثناء الحمل.
ونشرت نتائج الدراسة التي أجراها معهد الطب النفسي في النشرة الدورية البريطانية للطب النفسي.
وقال الباحثون إن هذه النتائج لا تعني وجود علاقة بين السلوك المتمرد وبين الاضطراب المصحوب بتشتت الانتباه وفرط النشاط ، إلا أنه معروف أن الأخير يزيد احتمالات ظهور أعراض السلوك غير الاجتماعي.
وكانت دراسات أخرى قد اشارت إلى وجود صلة بين كل من السلوك غير الاجتماعي والاضطراب المصحوب بتشتت الانتباه وفرط النشاط وبين تدخين الأمهات الحوامل.
لكن لم يتضح ما إذا كان ازدياد احتمالات ظهور السلوك غير الاجتماعي مرتبطاً بالاضطراب المصحوب بتشتت الانتباه وفرط النشاط أكثر من ارتباطه بتدخين الأمهات الحوامل.
عوامل اجتماعية
وبالرغم من أن الاعتقاد بأن الاضطراب المصحوب بتشتت الانتباه وفرط النشاط عامل طبي مهم، فإنه غالبا ما ينحى باللائمة في السلوك المتمرد على عوامل اجتماعية.
وأرسل فريق من معهد الطب النفسي في لندن استبيانا إلى آباء 723 توأما متماثلا و1173 توأما غير متماثل ، وطلب من الآباء تقديم معلومات عن عاداتهم المرتبطة بالتدخين وعن سلوك أبنائهم.
ويصنَّف السلوك على أنه مناهض للمجتمع إذا حاول الطفل مضايقة وتخويف الأطفال الآخرين، أو قام بتدمير ممتلكاته أو ممتلكات الغير، أو اكتسب عادة سرقة الأشياء، أو دأب على الكذب أو عصيان الأوامر.
وقالت ثلث الامهات اللائي شملهن الاستبيان إنهم قمن بالتدخين أثناء الحمل.
وجاءت نتيجة الاستبيان أن أقلية صغيرة من الأطفال - من 4% إلى 11% - ظهرت عليهم أعراض السلوك المناهض للمجتمع أو المصحوب بتشتت الانتباه وفرط النشاط.
وعندما درس الباحثون تأثير تدخين الأمهات الحوامل على ذلك ، خلصوا إلى أنه أسهم بقدر صغير لكن ملحوظ في ظهور هذه الاضطرابات السلوكية.
وزادت نسبة ظهور هذه الأعراض بزيادة عدد السجائر التي كانت قد دخنتها الأمهات أثناء الحمل.
وقال الباحثون إنه توجد عدة تفسيرات لهذه العلاقة، والتي تشمل التأثيرات المباشرة لتدخين التبغ على تطور نمو الجنين.
وقالت الدكتورة تانيا باتون، التي قادت فريق البحث إن أكثرهذه التأثيرات شيوعا هو تأثير النيكوتين على نمو مخ الجنين، والذي غالبا ما يسفر عن إعاقة للجهاز العصبي.
"كما أن تدخين الحامل قد يقلص كمية الأوكسجين التي تصل إلى الجنين، وهو ما قد يؤثر بدوره على سلوكه في مراحل لاحقة من العمر."
وبرغم أن عوامل أخرى غير التدخين تلعب دورا أكبر في ظهور أعراض هذين الاضطرابين السلوكيين، السلوك غير الاجتماعي والاضطراب المصحوب بتشتت الانتباه وفرط النشاط ، فإن الباحثين ينصحون جميع الحوامل بتجنب التدخين.
وقال البروفيسور إيريك تيلور من معهد لندن للطب النفسي، معلقاً على الدراسة: "إنها تظهر أن هناك تأثيرا حيويّاً على اضطرابات السلوك، وهذا شئ من المفيد معرفته.
وأضاف تيلور: "بالطبع، نحن نعلم ان الحامل يجب ألا تدخن لأسباب صحية عديدة. والأمر يتعلق أيضاً بالجرعة، فكلما زاد التدخين كلما زادت الاحتمالات، وقد يكون لذلك تأثير مباشر على نمو الأجنة."
كما أشار تيلور إلى احتمال أن الامهات يورثن الجينات الخاصة بالسلوك غير الاجتماعي لأطفالهن.