يبنى الزواج على أسس متعددة منها الاحترام المتبادل والثقة والحوار، لكن أهمها هو التفاهم المتبادل بين الشريكين. والزواج من أجانب خاصة يفرض تحديات جديدة على الزوجين نظرا لوجود اختلاف في اللغة والدين والعادات والتقاليد. وهناك من يقول أن الطريقة الوحيدة التي ينجح فيها الزواج المختلط نجاحاً تاماً هو أن يقدم كلا الطرفين تنازلات واسعة. فالتضحية عامل مهم وأساسي جدا في أي علاقة زوجية.
في دراسة أجريت في ألمانيا مؤخرا، تبين أن عددا هائلا من الألمان، نساءً ورجالا، اختار أن يكون شريك حياته أجنبيا. إذ بلغ العدد أكثر من 50 ألف عقد زواج. والمثير للاهتمام أن عدد الرجال الألمان المتزوجين من أجنبيات تجاوز 29 ألف زيجة في مقابل نحو 21 ألف زيجة لسيدات ألمان من أجانب، وهو ليس بالأمر المعتاد، إذ دأبت النساء على التفوق على نظرائهن من الرجال في هذا المجال على مدى الأعوام السابقة، ففي سنة 1955 كان عدد الرجال المتزوجين من أجنبيات 2708 بينما تجاوز عدد النساء اللواتي تزوجن من رجال أجانب 15 ألف امرأة. واستمر المعدل على هذا المنوال حتى نهاية فترة التسعينيات.
ولكن كيف يتغلب الزواج المختلط على الفروق الاجتماعية والثقافية؟
تعكس اللغة القيم الحضارية والاجتماعية لثقافة معينة، لذلك يحتاج الزوجين في حالة الزواج المختلط إلى لغة مشتركة أو وسيطة يتخاطبان بها. فان لم يكن طرف منهم يجيد لغة الآخر يمكن استخدام اللغات المنتشرة التي يجيدها الكثيرون مثل الانكليزية أو الفرنسية، وأحيانا تكون المخاطبة بلغة الإشارات هي الحل. ولكن يبقى الحب هو الدافع والأساس لاستمرار هذه العلاقة ولو في حال وجود بعض ثغرات اللغة بين الزوجين. فالحب الذي يربط الطرفين يستطيع أن يتغلب على عامل اللغة. أما بالنسبة لفرق الديانة، فهذا يرجع للفرد وتربيته. فالبعض يرى أنه إذا كان الفرد منفتحا بطبيعته على الديانات الأخرى، تقبل ديانة شريكه وبالتالي لاقى تقبلا مماثلا من قبل الشريك الآخر. غير أن هناك رأي آخر يقول أن على احد الطرفين التخلي عن ديانته لأنه إذا كنا كلاهما متشددين سيجدون صعوبة هائلة للوصول إلى حل يجمع الطرفين.
القران الكريم والإنجيل المقدس تحت سقف واحد:
أما أسرار نجاح الزواج المختلط فهو الاتفاق المسبق على طريقة تربية وتنشئة الأطفال خصوصا التربية الدينية. كذلك من أسرار النجاح عامل اللغة المشتركة لان الإنسان يستطيع أن يشرح مواقفه ويعبر عن نفسه بشكل جيد وهذا ما يوفر عليه الكثير من المشاكل التي هو بغنى عنها. فعامل الدين فما زال يشكل موضوعا دقيقا بالنسبة للكثيرين. فعلى الرغم من تقبل الكثير من الأزواج لديانة الشريك، إلا أنهم أحيانا يختلفون في بعض النقاط. غير أن الجوهر الأساسي للعلاقة الناجحة هو التسامح ومحاولة تقبل معتقدات وأفكار الشريك بعقل متفتح دون أحكام مسبقة الأمر الذي يساهم في فتح بابا للحوار والتفاهم على أساس صريح.
وفي النهاية، يرجع الأمر إلى الشخص وكيفية تقبله الآخر بكل ما يحمله من خبايا ومكنونات اجتماعية وثقافية. فالزواج بالنهاية هو "نصيب وقصة ترويها لاحقا بحلوها ومرها".