أخذت ظاهرة لجوء الرجال إلى الجراحة التجميلية بالتزايد في الآونة الأخيرة في الولايات المتحدة الأمريكية وذلك بسبب الثقافة المحيطة ورغبة الجميع بعدم الشعور بتقدم السن وبسبب رغبة الرجال في أن يظهروا اكثر جمالا ووسامة في عيون النساء.
بالطبع لازالت النساء تتصدرن لائحة معظم أنواع الجراحات التجميلية إلا أن نسبة الرجال الذين يلجئون إلى هذه العمليات أخذت في التزايد مؤخرا. فوفقا لجمعية الجراحة التجميلية الأمريكية فأن نسبة الرجال الذين قاموا بإجراء جراحات تجميلية بلغت 13% من مجموع كافة الجراحات التجميلية التي تم إجراؤها في الولايات المتحدة في العام الماضي. علما أن النسبة في عام 2002 كانت 11% وفي عام 1997 كانت 9.7.
يضيف الأطباء أن نزعة المجتمع الغربي في الظهور بمظهر شاب جعل موضوع الجراحة التجميلية شيئا واردا ولا يعد على انه أمر سيئ لذلك فقد اتجه الكثير من الرجال والنساء إلى إجراء مثل هذه العمليات في الآونة الأخيرة لتحسين مظهرهم لكي يعودوا شبابا.
أما بالنسبة لأعداد الرجال والنساء الذين قاموا بمثل هذه العلميات في العام الماضي فقد بلغ 7.2 مليون شخص لترتفع بذلك نسبتهم إلى 18% عن العام الذي سبقه.
يفيد الأطباء أن هناك سببين أساسيين وراء قيام الرجال بزيارة عيادات التجميل الأول هو انهم يريدون أن يبدوا اصغر للاستمرار في المنافسة في سوق العمل، أما السبب الثاني فهو رغبة الرجال الذين تقدموا بالسن في الارتباط لأول مرة أو لمرة جديدة بعد الطلاق.
تتصدر عملية شفط الدهون من الشفاه قائمة العمليات التجميلية الأكثر انتشارا في الولايات المتحدة وذلك بين الرجال والنساء على السواء. أما بالنسبة للرجال فهم يفضلون عملية شفط الدهون من حول الخصر والمعدة. بينما تركز النساء على إزالة الدهون من منطقة الأرداف.
أما اكثر العمليات شيوعا عند الرجال ففقد شملت جراحة الأنف، الأجفان، تصغير الصدر، وزراعة الشعر.
ومن جانب آخر، وفيما يخص الاهتمام المبالغ فيه عند بعض الرجال بالنسبة لمظهرهم الخارجي، لا يزال الرجال يترددون في طلب المساعدة والإرشادات ولكن يبدو أنهم يتخطون الآن الحدود التي طالما هيمنت عليها المرأة بشدة وهي الهوس بالمظهر والإصابة بالاضطرابات الخاصة بتناول الطعام.
حيث ذكرت المجلة الطبية البريطانية أن عدد الرجال الذين أعربوا صراحة عن عدم رضاهم عن مظهرهم أصبح ثلاثة أضعاف في العقدين الماضيين. أما هذه الأيام فقد تساوي عدد الرجال مع عدد النساء اللواتي يبدين عدم رضاهن عن مظهرهن الخارجي.
وفي الغضون يفيد المعالجون أنهم رأوا زيادة تبلغ 50% في عدد الرجال الذين يسعون للعلاج من اضطرابات في تناول الطعام عن العدد الذي كان يراجعهم في التسعينات. ويعزي هؤلاء هذه الظاهرة إلى نوع جديد من الاضطراب وهو الهوس ببروز العضلات الشائع بين الرياضيين والمتحمسين للياقة البدنية.
وعلى الرغم من أن الإحصائيات تشير إلى حوالي 10% من الرجال يعانون من اضطرابين رئيسيين في تناول الطعام، فقدان الشهية، والنهام، فإن دلائل متنامية تشير إلى أن الرجال يكونون معرضين بصورة خاصة إلى التشوهات العضلية وهي حالة يصاب بها الشخص بالهوس حول افتقاره إلى الوضوح والكتلة العضلية حتى لو كان يملك عضلات قوية في جسمه.
والمشكلة حقيقية لدرجة دفعت بمجلة الصحة واللياقة التي تصدر عن الكلية الأميركية للطب الرياضي أن تبرز على لسان خبيرة التغذية كاترين بيلز في عدد آذار/مارس الحالي الظاهرة المتنامية لدى المتحمسين للياقة، وتعرض بيلز خدماتها لتقديم المشورة للمدربين كي يعالجوا المشكلة من خلال رفع الأثقال والألعاب الرياضية الأخرى الموجودة في مراكز اللياقة.
وتقول بيلز أن "ملايين الأولاد والرجال يحملون هوسا بداخلهم حول مظهرهم ويقومون بتعريض صحتهم للخطر من خلال الانخراط بتمارين عنيفة، إساءة استخدام الكورتيزون والإفراط في استخدام المغذيات والمنتجات الغذائية".
وعلى الرغم من الأبحاث الطبية التي تعتبر نوعاً ما جديدة في هذا المجال، يعتقد كثير من الخبراء أن هذا الاضطراب يفتقر إلى الكتابة عنه بشكل مناسب. وتقول بيلز إن أولئك المعرضين للخطر هم الرجال الذين يسعون باستمرار للحصول على نتائج فورية وينظرون كثيراً في المرآة أو يستخدمون الموازين لتقييم التقدم الذي حققوه.
وعلى الرغم من أن أبحاث الخبيرة تستهدف الرياضيين، يقول آخرون إن الأشخاص الأقل درجة من الرياضيين ليسوا محصنين ضد تشوه العضلات والمشاكل الأخرى المتعلقة بمظهر الجسم.
تقول كاثرين فيليبس، مديرة برنامج صورة الجسم في جامعة براون ومؤلفة لعدد من الكتب حول مشاكل مظهر الرجال، "حسب معلوماتنا، كافة الرجال عرضة لهذا النوع من القضايا والأسباب وراء عدم دراستها ربما توفر الستيرويدات المنشطة والتي تشكل خطراً على الصحة ولكنها تجعل الرجال أصحاب عضلات أكبر مما وهبهم الله".
ومن الأسباب الأخرى الممكنة شعور الرجال بالخوف من فقدان ذكورتهم تقول فيليبس "ربما يكون هذا المجال هو الوحيد المتروك للرجال كي يشعروا بأنهم رجال لأن النساء يستطعن عمل كل شيء يقوم به الرجال باستثناء عدم القدرة على رفع مئات الباوندات من الأثقال. ما حدث عبر السنين هو التركيز المتنامي حول مظهر الرجال وخاصة المظهر العضلي الذي يتوافق والمساواة مع الرجل التي حققتها المرأة في المجتمع".
ومهما تكن الأسباب بما في ذلك خبرات الحياة أو حتى الجينات الوراثية، فإن أحدا لا يستطيع أن ينكر أن الرجال يشعرون بالضغط الملقى عليهم.
تقول كاثرين لوميز، عالمة نفس لدى مركز اضطرابات الطعام في مستشفى روجرز بولاية وسكونسن الأميركية، "بالنسبة للمرأة المصابة باضطرابات تناول الطعام، يكون التركيز عادة حول سعيها للنحافة، ولكن الرجال يميلون للرغبة في العضلات وزيادة الوزن، ويعزي الكثير من هذا إلى الضغوطات الثقافية الملقاة على كاهل الرجال كي يبدوا على هيئة معينة. ونتيجة لذلك يمكن أن يصاب هؤلاء بالخوف من أطعمة معينة والقلق بشأن الطريقة التي يتناولون الطعام فيها".
وتضيف "أن المراهقين والفتية وخاصة البدناء منهم يعانون من جرح عاطفي في سعيهم لعضلات أكبر وبذلك يعرضون أنفسهم لمشاكل صحية في المستقبل. فهم قد يحاولون تناول البروتينات وتجنب الدهون وبذلك يصابون بالخوف من الأطعمة والقلق الذي ينجم عن القيود التي يضعونها على بعض الأطعمة".
وتقول أيضاً، "إن هؤلاء هم من الذين يسعون إلى الكمال والذين قد يصابون بالاضطراب الاستحواذي الإلزامي"._(البوابة)