التعدي الجسدي على شخصية مثل المرأة معروفة بضعفها الجسدي، وعدم قدرتها على مواجهة قوة الرجل يعد من الأشياء التي لا يقبلها أحد، خاصةً عندما يكون الضرب ببشاعة أدى إلى أذيتها جسمانيًا، وتعريض حياتها للخطر، وتشويه جسدها ووجهها، فكثير من الأشخاص يبحثون عن معرفة عقاب الزوج الذي يضرب زوجته عند الله، لذلك سوف نعرض رأي الدين في هذه الحالة الشائكة كي يتبين الرجل المعتدي عاقبته عند الله في الدنيا وكذلك في الآخرة.
عقاب الزوج الذي يضرب زوجته عند الله
بعض الرجال الذين يأخذون الدين حجة يضربون زوجاتهم ببشاعة ظنًا منهم أنهم هكذا يطبقون تعاليم الله عندما قال اضربوهن، وأن هذا الفعل يدخل ضمن قوامته، لكن ما لا يعرفه هؤلاء أن هناك وجه آخر لهذا الأمر، ويُستخدم بمعايير معينة وبشروط بعينها، منها ألا يضرب الوجه، وألا يؤذيها بشدة معرضًا إياها لفقدان حياتها.
والله معروف بعدله ورحمته، لكن الكثير من جهلاء الدين ينفذون ما سمح الله لهم بطرق خاطئة، وبشكل لا يرضاه سبحانه، فبتأكيد لم يأمرك الله بأن تضرب شقيقتك أو زوجتك بقبضة يدك، أو تضربها حتى تدمى جسدها، وهذه الجزئية تحديدًا سوف نحدثكم عنها في موضع يخصها في مقالنا في السطور التالية.
أما بخصوص عقاب الزوج الذي يظلم زوجته ويضربها بشكل مستمر على أقل خطأ، فإن الله سبحانه يعامله معاملة الظالم، فإن قالت الزوجة حسبي الله ونعم الوكيل فهي تشتكيه إلى الله، وهو سبحانه برحمته وعدله سوف يعاقبه أشد العقاب في الآخرة، ويعوضها عن صبرها لتحملها قسوة طباعه.
والدليل الشرعي على ذلك قوله تعالي: "وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا" [الفرقان:19]، وقال أيضًا جل في علاه "وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ" [الشورى:8]
المرأة الناشز في القرآن

البعض يظن أنه لا يوجد في الشرع عقاب الزوج الذي يضرب زوجته عند الله لأنه ينفذ أمره سبحانه في سورة النساء عندما قال "{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً}.
ففي الآية الكريمة توضح أن حالة الضرب التي سمح الله بها أن تكون المرأة ناشزًا ترفض بشكل قاطع منح زوجها حقه الشرعي في وصالها، أو تخالف أوامره دومًا، لكن اقرؤوا الآية بتمعن أعزكم الله، لقد أمر سبحانه أن يبدأ الرجل بنصح زوجته ومحاولة إرجاعها عن نشوزها بالحسنى، فإن أبت يمكنه أن يحرمها منه بالذهاب للنوم في مكان آخر غير فراش الزوجية.
فإن لم ترجع المرأة بعد الخطوتين السابقتين حينها يحق له ضربها، لكن دون أذى نفسي أو بدني يقع عليها، واستكمالًا للآية فقد أمر سبحانه بالتوقف عن ضرب الزوجة إن اتعظت وعادت عن الفعل الذي جعلها ناشزًا وغير مطيعة لزوجها.
ماذا قال الرسول عن الرجل الذي يضرب زوجته
من المواضيع المتعلقة بعقاب الزوج الذي يضرب زوجته عند الله ويوضحه، جزئية أن نبينا الكريم اعتبر نفسه خصمًا لمن يتعدى على زوجته ظلمًا وعدوانًا دون سبب غير نشوزها، والدليل على ذلك الحديث الشريف الذي أخرجه البخاري عندما قال صلى الله عليه وسلم "من ضرب زوجته ظلماً فإن رسول الله خصمه يوم القيامة" ونص الفتوى والشرح كاملًا من هنا.
وقد حث نبينا الكريم على أن يعامل الرجل نسائه سواء كانت شقيقته أو أهل بيته برفق، والدليل على ذلك أيضًا قوله صلى الله عليه وسلم :"استوصوا بالنساء خيرًا، فإنهن عوان عندكم"
وعندما سأله أحد الصحابة عن حق الزوجة على زوجها أجابه صلى الله عليه وسلم بقوله " تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت"
كما أن شفيعنا لقب المرأة بأحد الضعيفين الذين يجب أن يراعي الرجل الرفق في التعامل معهما، ونص الحديث الشريف كالأتي: " إِنَّي أُحَرِّجُ عليكم حقَّ الضعيفينِ : اليتيمُ، والمرأةُ" لذلك يفضل أن تكون رجلًا لها وليس عليها أعزك الله.
ما معنى واضربوهن ضرب غير مبرح؟
الأصل في الحديث الشريف واضربوهن ضرب غير مبرح ألا يبالغ الرجل في تأديب زوجته ضربًا، فلا يعرضها للإصابات الجسدية، ولا يتسبب ضربه لها في نزفها دماءً من جسدها، ولا يفعل ذلك أمام الآخرين حتى لا يحرجها ويهينها بشكل يجعلها تخجل من مواجهة شهداء الواقعة، وقيل كشرح للأمر أن يضربها ضربات خفيفة غير مؤلمة على اليد بالسواك مثلًا، ولم يقل بأداة حادة، أو مؤلمة أو ضرب يفضي للموت.
والدليل السني على ذلك أيضًا قوله صلى الله عليه وسلم "اتَّقوا اللهَ في النساءِ؛ فإنَّكم أخذتُموهنَّ بأمانةِ الله، واستحلَلْتُم فروجَهنَّ بكلمةِ الله، وإنَّ لكم عليهنَّ ألَّا يُوطِئْنَ فُرُشَكم أحًدا تكرهونَه، فإنْ فعَلْنَ ذلك فاضرِبوهنَّ ضربًا غيرَ مُبَرِّحٍ، ولهنَّ عليكم رِزقُهنَّ وكِسوتُهنَّ بالمعروفِ"
ماذا يشعر الرجل عندما يضرب زوجته؟

بعض الرجال لا يفكرون في عقاب الزوج الذي يضرب زوجته عند الله، ويندفعون وراء أسلوبهم الهمجي في تقويم المرأة مستندين إلى الآية التي قال فيها سبحانه اضربوهن، وكلمة خلقت المرأة من ضلع أعوج ويظن أنه بقسوته عليها سينجح في تقويمها.
وفي بداية فعلته الشنعاء يشعر أنه على حق، ويسمح لغضبه بأن يستولي عليه، ويجعله متوحشًا في ضربها بشدة، لكن بعدما يرى آثار فعلته البشعة على وجهها وجسدها، أو عندما تفقد وعيها من شدة ضربه لها، يشعر بالندم على ما فعل، ويبادر بعلاج جروحها، وأحيانًا يخرج من منزله مندفعًا حتى لا يؤذيها أكثر، ويعود لها معتذرًا عندما يهدأ.
كيف تتصرف الزوجة إذا ضربها زوجها
إن تعرضت المرأة لأذى نفسي وجسدي شديد، وكان زوجها يضربها ويهينها دون سبب، وعرضها كثير من المرات للموت، يحق لها في البداية أن تصبر على طباعه، وتحاول تجنب غضبه، ومعاملته بالحسنى حتى يعود لرشده، مستعينة في صبرها هذا على عقاب الزوج الذي يضرب زوجته عند الله في الآخرة كما ذكرنا.
أما إن خافت على نفسها، وفاض صبرها، ولم تعد تحتمل البقاء معه أكثر مع تكرار ضربه وسبها بآلها بأفظع الشتائم، يحق لها طلب الطلاق للضرر، مع تقديم ما يثبت للمحكمة أنها بالفعل تتعرض لأذى فوق احتمالها كأنثى، ونص الفتوى يمكنكم الاطلاع عليها كاملًا من هنا.
أسئلة شائعة
1. هل يحق للزوج أن يضرب زوجته مهما كانت الأسباب؟
نعم يحق له شرعًا لكن بمعايير سبق وذكرناها.
2. هل الضرب يؤدب المرأة؟
نعم هو من أساليب التأديب في الإسلام، لكن يشترط تطبيق أمر الله أولًا في نصحها فإن لم ترتدع يقوم بهجرها، فإن أبت يحق له ضربها لتأديبها لكن دون أن يسبب لها الأذى أو يعرضها للخطر.
3. هل يتغير الرجل الذي يضرب زوجته؟
نادرًا ما يتغير للأفضل، لكن للأسف أثبت علماء علم النفس أن الرجل إن اعتاد تقويم زوجته بالضرب، فإنه يستبيح فعل ذلك بسبب وبدون سبب، ويعجز عن التوقف عن هذا السلوك، وهو ما يجعل الحياة بينهما تصبح مستحيلة فيما بعد.
4. هل يجوز الطلاق بسبب الضرب؟
نعم، يحق للمرأة أن ترفع دعوى قضائية ضد زوجها بغرض الطلاق للضرر، والقاضي لا يحكم فيها لصالح المرأة إلا عندما تقدم تقارير طبية واضحة تثبت صدق ادعائها، وعندها تُطلق من زوجها حتى لو رفض.
عرضنا لحضراتكم البراهين والأدلة من السنة والقرآن الكريم على عقاب الزوج الذي يضرب زوجته عند الله، كما أوضحنا لكم موقف النبي الكريم من الرجل الذي يفعل ذلك بوحشية، مع توضيح كافة المعايير المستخدمة في تأديب الزوجة ضربًا، ونرجو من كل زوج يفعل ذلك أن يتلطف بزوجته، ويعاملها كما أمره الله ورسوله، والضرب لا ينجح في التقويم، بل احتوائك لها ورغبتك في تقويمها محبةً ورعايةً هي التي تجعلك تنجح في ذلك.