عنايتكما بأطفالكما تعني أنكما تهتمان ببعضيكما

تاريخ النشر: 13 يوليو 2005 - 07:09 GMT

 ان الأطفال يحتاجون حاجة ماسة الى عائلة متماسكة ومتحابة لأن مستقبلهم يتوقف على هذا الحب والترابط الأسري . غير ان احتمال أن يفقد الأب والأم حبهما لبعضيهما بعد أن يرزقا بالاطفال وارد .

 

الأم والأب لم يتزوجا لتربية الأطفال ، وإنما لسد حاجة بعضيهما العاطفية . ويبدو أن وجود الأطفال يجعلهما يعتقدان أنه لم يعد لديهما لا الوقت ولا الطاقة لسـد تلك  الحاجات . وعنئذ يفقدان الدافع الرئيسي الذي حدا بهما إلى الزواج – ألا وهو حبهما لبعضيهما .

 

يقرر الرجل والمرأة الزواج لأنهما يكونان قد كوّنا علاقة حب ناجحة فيما بينهما ، فهما يحبان بعضيهما ، ولأنهما يريدان لعلاقة الحب تلك أن تدوم طيلة الحياة . عند  الزواج  يكون الطرفين متفائلين بأن حبهما لبعضيهما سيدوم ، ولا يتوقعان أن يهدد حبهما أي شيء . غير ان وجود الاطفال قد يهديد هذا الحب. لكنهما لو أدركا كيف نشأ حبهما ، وكيف أمكن المحافظة عليه ، لأدركا فورا لماذا يشكل الأطفال هذا الخطر على حبهما .

 

لا يمكن الفصل بين أهم عاملين حيويين في العلاقة الرومانسية ، وهما الوقوع في الحب وسد الحاجات العاطفية . إذا اختل أحد هذين العاملين ، اختل تبعا له العامل الآخر . لهذا السبب يصعب المحافظة على العلاقات الرومانسية في مسارها الصحيح ، لأنها علاقات رقيقة وشفافة .

 

إذا كان سد الحاجات العاطفية أمرا صعبا ، أو حتى مستحيلا ، بسبب الظروف المعيشية ، أصبح الحب في خطر . والزوجان عادة لا يدركان أن هذا الحب في طريقه إلى الزوال ، لأنهما يعتقدان أنه مبني على تفاعلهما مع بعضيهما (أي أن كلا منهما خلق من أجل الآخر) ، أو أنه تلقائيا مبني على رغبتيهما في حب بعضيهما ( أي أنهما قد  اتخذا  قرارا بشأن حبهما) وهو ما يعتقدان أنه يضمن دوام حبهما مدى الحياة . إلا أن أيّا من هذين العاملين في الواقع لا يحمي الحب في الزواج. إن ما يحمي الحب هو مقدرتهما على سـد حاجات بعضيهما العاطفية .

 

لا يمكن سـد الحاجات العاطفية إلا إذا استطاع كل من الزوجين أن يولي شريكه كامل اهتمامه ، وعندما يصبح الأطفال جزء من حياتهما يفقدان خلوة حياتهما الخاصة التي لا يتأتى ذلك الاهتمام الكامل إلا منها .

 

كذلك متطلبات الوظيفة التي تعتبر ضرورية لإعالة الأطفال قد تسلب هي الأخرى  من الزوجين المقدرة على اهتمام كل طرف بالآخر .

 

ضغوطات الحياة العائلية ، وكثرة متطلباتها وقلة مواردها ، يشكل عاملا إضافيا يجعل تكريس اهتمام الشريك لشريكه أمرا صعب المنال . عندما تسلب من الزوجين المقدرة على اهتمام كل منهما بالآخر كامل الاهتمام ، يصبح مستحيلا سـد الحاجات العاطفية . وعندما يصبح سد الحاجات العاطفية مستحيلا يذوي الحب بين الرجل والمرأة ثم يموت . وعندما يزول الحب بينهما ، يزداد احتمال طلاقهما زيادة فائقة .

 

 

الأطفال لا يحتاجون عناية الأبوين مدة 24 ساعة في اليوم ، ولا يلحق بهما ضرر         عندما  يتبادل الأبوان الاهتمام ببعضيهما . إهمال الأبوين لبعضيهما عند ولادة أطفالهما ليس بسبب خطأ يرتكبه الأطفال ، بل هو بسبب خطأ الأبوين اللذين يقرران أن أطفالهما يحتاجون كل ذلك الاهتمام منهما ، ولا يتبقى شيء من الوقت للاهتمام ببعضيهما . ولكن الحقيقة هي أنه يتوفر لدى الأبوين الوقت الكافي لهما الإثنين ولأطفالهما ، إذا هما أحسنا التصرف بالوقت .

 

الحل لهذه المشكلة التي تواجه الزواج بسيطة للغاية ، ولا تحتاج إلى مهارات جديدة أو إلى زيادة مقدرة الزوجين على الاهتمام ببعضيهما  . كل ما يحتاجانه هو العودة إلى ذلك الشيء الذي خلق فيهما الحب لبعضهما البعض في البداية ، ألا وهو الحنان النابع من القلب وتبادل الحديث العاطفي والاستمتاع بصحبة بعضهما البعض والإشباع الجنسي . يجب أن يفي الزوجان خلال زواجهما بهذه الحاجات العاطفية قبل كل شيء آخر إذا أرادا لعلاقتهما الرومانسية أن تدوم .

 

طالما حافظ الزوجان على توفير الوقت اللازم ليفي كل منهما بحاجات شريكه في كل اسبوع من حياتهما ، فلن يفقدا أبدا العاطفة  التي كانا يشعران بها عند زواجهما .

 

إذا فرضنا اذا افترضنا انكما ستخصلان على مبلغ من المال  لتواصلا حبكما لبعضيكما مدة عشـر سنوات بعد ولادة أطفالكما ، ماذا تفعلان لتحصلا على النقود في نهاية العشر سنوات ؟

 

من المؤكد أنكما ، حتى ولو لم تطلعا أبدا على أي شيء كتب عن هذا الموضوع ، ستخصصان وقتا في كل اسبوع لتتبادلان سد حاجات بعضيكما العاطفية ، لأنكما تعرفان أن ذلك يزيد زيادة كبيرة فرصة حبكما لبعضيكما طيلة العشر سنوات . أنتما تعرفان من ذي قبل كيف نشأ حبكما لبعضيكما .  لقد كرس كل منكما جل اهتمامه بالآخر خلال معرفتكما لبعضيكما قبل الزواج . كنتما دائما تحنوان على بعضيكما ، وتتحدثان كما يتحدث العشاق ، وتقضيان وقت فراغكما معا ، وكان كل منكما منجذبا إلى الآخر جنسيا .

 

لو كان حصولكما على النقود مشروطا بحبكما لبعضيكما طيلة العشر سنوات، لرسمتما خطة توفر لكما الخلوة الكافية في حياتكما الشخصية مع الوقت الكافي أيضا ، لتظلا مرتبطين عاطفيا وبمحبة طيلة العشر سنوات .

 

إذا لم يدم حبكما لبعضيكما ، مع وجود الأطفال ، خلال العشر سنوات تلك ، فالأرجح أنكما ستنفقان النقود خلال سني حياتكما الباقية بسبب الطلاق . تكاليف الدخل الضائع ، والادخارات والاستثمارت المفقودة ، وتدهور الصحة ، وتخلي العائلة عنكما ، وتكاليف الطلاق نفسه – هذه كلها ليست سوى بداية الخسارات التي يعددها الأشخاص الذين مروا بهذه التجربة .

 

بمعنى آخر ، إذا حافظتما على زواجكما طيلة حياتكما ، يكون معكما مال أكثر مما كان سيكون معكما لو أنكما افترقتما بالطلاق . والطريقة الوحيدة التي تضمن لكما العيش معا مدى الحياة هي بقاء حبكما لبعضيكما .

 

على كل حال ، الفوائد الاقتصادية الناجمة عن زواج يدوم الحياة كلها ليست له نفس أهمية التأثير الإيجابي الذي يخلفه ذلك على الأطفال . إن أضجم ما يساهم به الأبوان في سعادة ونجاح أطفالهما هو أن يحب كل منهما الآخر مدى الحياة . إذا كان الأبوان يحبان أطفالهما ويريدان لهم الخير والسعادة ، عليها عمل كل شيء ممكن للمحافظة على علاقتهما العاطفية . وهذا يعني وضع اهتمامهما ببعضيهما في أولى الأولويّات . يجب على كل منهما أن يفي بحاجات شريكه العاطفية . إن الأمر ليس خيارا بين الاهتمام ببعضيكما والاهتمام بالأطفال . الحقيقة هي أنكما إذا كنتما تريدان العناية بأطفالكما ، يجب أن يعتني كل منكما بالآخر .

 

 

 

 

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن