القفطان المغربى ليس مجرد زي تراثي فقط ولكنه قيمة فنية وحضارية مغزولة في ثوب ترتديه المرأة المغربية وغيرها من عاشقات التراث القديم، وفى لقاء خاص بإحدى أهم مصممي الأزياء في العالم التقت «نصف الدنيا» المصممة المغربية العالمية سهام الهبطي.
خلال زيارتها الأولى لـمصر..التي زارتها أثناء طوافها بردائها التراثي دول العالم، وتركها بصمة بالقفطان المغربي في كل خط موضة عالمي، بعد أن أدخلت عليه تعديلات بسيطة ليحتفظ بإطلالته الأصيلة القديمة. سهام الهبطي التي تركت «علم البصريات» لتدرس الموضة ومن ثم اختيارها سفيرة للفن والثقافة كان لنا معها هذا الحوار حول تصميماتها.
- في البداية نرحب بكِ في زيارتك الأولى لـ«مصر» من خلال عرض الأزياء الذي أقامته خطوط الطيران المغربي بأحد الفنادق المصرية؟
أشكرك جداً..بالفعل هذه زيارتي الأولى لمصر وإن شاء الله «مش هتكون الأخيرة أبداً» سعدت جداً بحضوري هذا الملتقى الرائع وسعادتي زادت بتعرفي على طبيعة المصريين من كرم الضيافة والبساطة وعدم التكلف، أما بالنسبة إلى عرض الأزياء فقدمت مجموعة مميزة من القفاطين المغربية بألوان مختلفة وذلك خلال حفل التبادل الثقافي بين البلدين مصر والمغرب، تحت رعاية سفارة المملكة المغربية في مصر، وسعدت جداً بردود الفعل.
- هل مجموعتك التي عرضتها أمس مختلفة عما قدمته من قبل؟
رغم أن القفطان المغربي شكل واحد ولكن تصاميمه عدة ومختلفة فضلت فى هذه المجموعة أن تكون القفاطين أقرب إلى الفساتين من حيث «التجسيم» لا أن تكون كالعباءة الفضفاضة أما بالنسبة للألوان فاخترت ألوانا مبهجة مثل «الأخضر والأرجواني» بجانب اللون الأسود والسكري المُطعم بالفضة والذهب وغيرها من الأحجار الكريمة.
- هل كل مدينة مغربية تتميز بشكل قفطان معين من حيث الشكل والتصميم أو الخامة؟
نعم..توجد اختلافات بسيطة ولكنهم جميعاً زى تقليدى نسائى من مئات السنين، فمثلاً (شمال البلاد) يتميز فيه القفطان بتقسيمة معينة فهن يستخدمن «الحايك» بمعنى الأثواب ذات الخامة السميكة مثل «القطيفة» وذلك لطبيعة الطقس البارد مضافاً إليه التطريزات.
بالنسبة لـ «جنوب المغرب» فمختلف تماماً للطقس الحار فيجب أن يكون من الحرير أو الأقمشة الرقيقة بالإضافة لـ «الملحفة» التى تُعرَف به خصوصاً نساء المناطق الصحراوية..وتكون خالية من النقوش أو التطريز اليدوى سوى البسيط للزينة.
أما منطقة (الرباط- فاس- مكناس) فيغلب عليها التطريزات، فمثلا القفطان الرباطى أغلب التصاميم من الورود والأشكال الهندسية المطابقة لطبيعة المعمار المغربي العريق.
ولا يختلف الوضع بالنسبة لمدينة (فاس) فالأثواب منسوجة جميعها باليد أو ما يُسمى بالمغربي «شغل المعلم» وهو التطريز اليدوى الدقيق بخيوط من الذهب والفضة وتطعيم الثوب بالأحجار الكريمة.
- كيف دخلت إلى هذا المجال وهل واجهت صعوبات؟
كانت بدايتى بدراسة علم البصريات بـ «فرنسا» ويرجع الفضل الأول بعد ربنا سبحانه وتعالى إلى «أمي» فهى فنانة ومصممة أزياء لأكثر من 40 عاما تخصصت أيضاً فى «القفطان المغربي» شجعتنى كثيراً لدخول عالم الأزياء... ولكنى عززت هذه الرغبة بالدراسة فى أحد المعاهد الكندية بالدار البيضاء لدراسة فن تصميم الأزياء والموضة.
- طافت تصاميمك العالم مثل «نيويورك-فرنسا- لندن-أمستردام-واشنطن وغيرها...كيف وجدت استقبال العالم الأوربي لـ»القفطان المغربي»؟
الإقبال كان ضخما على عروض الأزياء بالخارج فجميعهم يأتون للتعرف على «القفطان المغربي» الذى أصبح عالمياً منذ التسعينيات ليغزو خطوط الأزياء...الانبهار شديد لاحتفاظنا بتراثنا المغربى فى ثوب يحمل الطابع الأصيل التاريخي.
مثله مثل «السارى الهندي» أو «الزى السيناوي» المصرى العريق.
- بزغ نجمك منذ اشتراكك فى مسابقة «القفطان» التي تقام سنوياً في مراكش..وفزت بالجائزة الأولى ما الذى ميزك عن غيرك من المشتركين؟
مبتسمة قائلة: الحمد لله أتيحت لي فرصة المشاركة في التصفيات الأولية في أكبر مسابقة لعرض الأزياء بالمغرب، يتابعها الملايين من عشاق هذا الزي.. وبالفعل، توجت بالمشاركة وكانت المنافسة شرسة بين 18 مصمما وقع الاختيار على 3 منهم فقط للمشاركة ومن ثم فزت.
- وماذا عن تجربتك الأولى فى عرض «القفطان»؟
وجودى بجانب أمي في معظم عروضها، علمنى الكثير وساعدني على أن أتعامل مع أول عرض لى بثقة كبيرة. لم أكن متوترة أو خائفة فكل ما يحدث وراء صالة العرض كان أمرا مألوفا بالنسبة لي.
- من أين تستوحين تصميماتك وكيف تختارين تصاميم لقفاطين مغربية بلمسة عصرية؟
حسب الموضوع..ففي عام 2016 كان عرض أزياء عالميا عن «العِرقيات» واخترت أنا «المغرب القديم» لتقديم مجموعة من القفاطين ذات الطراز التقليدى، والذي يتميز بالتطريز اليدوي الدقيق ولكن بلمسة عصرية كتحديد الخصر وإبراز الكتفين واخترت ألوانا مستوحاة من التراث والمعمار المغربي كـ»الأزرق الملكي» وغيره وابتعدت عن القفطان الفضفاض التقليدي الثقيل المطرز بشكل يعجز صاحبته عن الحركة بـحرية ويسر.
- ما المدة التى تحتاجينها ليخرج «القفطان المغربي» للنور.. وكم تتراوح أسعاره؟
تبتسم قائلة: «من شهر إلى سنتين» حتى يكون القفطان الواحد جاهزا للعرض، التصاميم لا تأخذ وقتا طويلا ولكن «شغل المعلم» والحياكة والتطريز اليدوي فضلاً عن التعديلات خلال التنفيذ تأخذ وقتا كبيرا.
بالنسبة للأسعار بشكل عام فهناك قفطان شعبى للخروج فى الأعياد وهناك قفاطين للأعراس مطعمة بالأحجار الكريمة وبالنسبة للخامة تختلف حسب الطقس «الحرير- القطيفة-الشيفون».. والأسعار تتراوح من 800 دولار إلى ما يزيد عن 20 ألف دولار!
- تم اختيارك سفيرة لـ«الفن والثقافة» احكى لى عن تلك التجربة؟
طُلب منى المشاركة فى ملتقى «الاندماج الثقافى الأفريقي» عام 2011 لدعم مصابي الملاريا فضلاً عن التوعية للإصابة بالمرض..كتبت كلمات الأغانى الخاصة بالحفل.. وغناها 30 أفريقيا بلغات عدة كما عرضت مجموعة من تصاميمي...ثم تم تكريمى واختيارى «سفيرة للفن والثقافة.
- درست «علم البصريات» وعملت بالموضة وأخيرا موهبتك فى الكتابة..كيف حققت ذلك؟
تضحك قائلة: وأيضاً مصممة ديكور لم أدرسها ولكنى أعشقها فقد قمت بتصميم فندق ضخم في «الدار البيضاء» بأكمله، «عرض على بالزاف بعد ذلك ولكني رفضت» فضلت التركيز في تصميم «القفطان» ليصل للعالمية...فكل ذلك موهبة من عند الله عززتها بالقراءة والدراسة.
- من أبرز الشخصيات الفنية التى ارتدت من تصاميمك؟
الفنانة ماجدة الرومي، ونوال الزغبي، أصالة، باسكال مشعلاني، شيرين عبدالوهاب، سميرة سعيد، سولاف فواخرجي، نيللى كريم، داليا البحيرى وبالطبع النجم السورى جمال سليمان بالنسبة للقفطان الرجالي، أما بالنسبة للأجانب الممثلة التركية توبا بويوكستون ساندرين بونير، هيدي ألبيرتسن وشخصيات كثيرة ويشرفني ارتداء شخصيات مشهورة للأزياء التقليدية.
- ما الرسالة التى تودين إيصالها إلى العالم من خلال تصاميمك؟
أتمنى ارتداء الأزياء ذات الطابع التراثى.. فهذا شيء يرفع الرأس بأن تعتز بأصالتك وحضارتك بارتداء الزي التقليدي فـ«القفطان المغربي» قطعة فنية تقتني... لابد من الحفاظ على قيمة القفطان الذي له تاريخ غنى كما أنه جزء من الثقافة المغربية حيث يتم تصنيعه باليد وينبغي أن يظل في أبهى صورة، والحمد لله فقد وصل القفطان للعالمية حيث سجل حضورا مهما في أكبر عروض الأزياء العالمية.