كتاب ”تحول الأصولية الإسلامية إلى الإسلام السياسي”.. للدكتور حسين سعد

تاريخ النشر: 01 يونيو 2005 - 08:05 GMT

موضوع هذا الكتاب هو دراسة تحليلية نقدية للفكر الأصولي الإسلامي العربي المعاصر في مسألتي الأمة والدولة والمجتمع والعدالة الاجتماعية. يتتبع الطروحات الفكرية الأصولية لبيان ما لها وما عليها. والكتاب بعنوان "الأصولية الإسلامية العربية المعاصرة" للمؤلف الدكتور حسين سعد صادر هذا الشهر عن مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت.
والكتاب لا يدرس الظاهرة الأصولية من حيث نشأتها التاريخية وتطورها، إنما يدرس أساسا آراء المفكرين المسلمين العرب المعاصرين المؤسسين للحركات الأصولية الراهنة.
لم تستأثر مسألة في الإسلام بكتابات ومناقشات وسجالات حامية كما استأثرت مسألة الدولة ونظام الحكم في الإسلام، منذ أن بدأ التفكير الاجتماعي والفلسفي في الحضارة العربية الإسلامية في عصرها الذهبي الوسيط: العصر العباسي، وظهرت آراء ونظريات سياسية ما لبثت أن أصبحت موضع كتابات ودعوات في الأزمنة الحديثة والمعاصرة مع رواد النهضة العربية من رفاعة الطهطاوي إلى الإمام محمد عبده، وصولا إلى أيام حسن البنا وحركة الإخوان المسلمين، وسيد قطب ومحمد باقر الصدر وسواهم من دعاة ورواد الحركات الإسلامية في عصرنا هذا.
ولعل مقولة الإسلام دين ودولة التي تستند إليها الحركات الإسلامية ماضيا وحاضرا، تعدُّ المسوغ الشرعي والعملي لتحول هذه الجماعات من الدعوة الدينية ذات الطابع التبشيري إلى الدعوة السياسية الرامية إلى القبض على السلطة، وإحياء دولة الإسلام الأول، بدءاً من دولة المدينة أيام النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى دولة الخلافة في عهد الخلفاء الراشدين.
لقد ثار جدل واسع حول ما إذا كان في الإسلام نظام حكم أم إن التجربة السياسية في الإسلام المبكر قد خضعت لما هو دنيوي، مدني من تدبير عقول البشر، مسلمين كانوا أو من غير ملة الإسلام.
والكتاب كذلك يناقش كيف احتلت مسألة الشورى كقاعدة من قواعد الحكم العادل في الإسلام مساحات واسعة من اهتمامات الدارسين والمفكرين الإسلاميين منذ ما بعد القرن الرابع الهجري، مرورا بعصر النهضة العربية، وصولا إلى عصرنا، عصر قيام نظم الحكم المدنية.
ويعالج الكتاب أيضا مسألة من المسائل الشائكة والمثيرة في هذا العصر. شائكة لأنها تقارب الأصول التي ارتكزت إليها الأصولية الإسلامية العربية المعاصرة في استخراج حلول لما هو راهن من القضايا. ومثيرة لأن ملامسة الأصول قد تؤدي إلى قراءة جديدة لها تبعا لاحتمالين:
الأول: لجهة وضعيتها باعتبارها جاءت استجابة لوقائع ومعطيات ملائمة لعصرها.
والثاني: تقديم الإجابات عن الوقائع اللامتناهية، مما يستلزم، وجوبا، تأويلا للآيات الكريمة.
ويبقى ما تخلص إليه هذه التأويلات موضع أخذ ورد، لأنها فهم بشري لنص ديني، وهذا هو معنى الإشكال المعرفي الذي يتقصى الطرح مكامنه في الطروحات والنظريات التي قدمها الأصوليون المسلمون العرب المعاصرون الثلاثة: حسن البنا، وسيد قطب ومحمد باقر الصدر، إزاء مسائل إعادة بناء المجتمع الإسلامي وإقامة العدالة الاجتماعية فيه، والدولة الإسلامية ونظام الحكم العادل فيها، والمسائل المتفرعة عنها مثل الزكاة والضرائب والشورى وسلطة الأمة الحاكمية وولاية الفقيه، وما إليها من مسائل متفرعة، تدور حولها أبحاث ودراسات ونقاشات غنية، غنى مصادر الإسلام الأولى، التي منها، تستمد الحركات الأصولية اليوم أفكارها وبرامجها العقدية والانقلابية إذا صح القول.
ويرجع المؤلف الغاية من دراسة هذه المسائل، كما هو مبين في الكتاب إلى:
معرفية بالدرجة الأولى: تتبع محاولات العقل الأصولي الإسلامي العربي المعاصر إنتاج نظريات من القرآن الكريم الذي ليس هو في الأصل كتاب نظريات، ومن الحديث والسنة اللذين تضمنا ردودا على موضوعات واجهت النبي محمد صلى الله عليه وسلم في عصره، وعلى مدى سنوات التبشير بالدعوة الجديدة، وتثبيت دعائم البنيان الاجتماعي والسياسي في جزيرة العرب قبل نهاية القرن السادس الميلادي.
والكتاب يتتبع الأصول الأساسية التي استقى منها الأصوليون المسلمون العرب وغير العرب، إما كموقظين على الأصولية في عصرنا، وإما على نحو تفصيلي، فكانوا الأعلام الذين تمحور حولهم الكتاب من حيث النصوص الثابتة: القرآن الكريم، والسنة النبوية، ونهج البلاغة وعملية التأصيل السني للإسلام في حقباته التاريخية المختلفة من الغزالي إلى المودودي، وابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب ومحمد رشيد رضا، وكذلك ظهور الحركة الشيعية من الإمامية التي تبلورت مع الإمام علي بن أبى طالب رضي الله عنه إلى ولاية الفقيه التي رأت النور مع الإمام الخميني مؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران.
والكتاب كذلك يبحث إشكاليات الأصولية العربية السنية في ثلاثة فصول. في الأول علاج الإشكاليات عند حسن البنا، وفي الفصلين الثاني والثالث علاج الإشكاليات عند سيد قطب، أما القسم الثالث لدراسة الإشكاليات عند السيد محمد باقر الصدر في فصلين. في الفصل الأول دراسة إشكاليات المنهج الاستقرائي والاستنباطي في الفقه والفتاوى واكتشاف سنن الحياة في القرآن، وفي الفصل الثاني عالج نظريته الاجتماعية والسياسية.
ويمكن القول إن الإشكاليات التي تناولها هذا الكتاب تركزت على مفاصل ثلاثة: المفصل الأول منهج استحياء الإسلام لدى الأصوليين المسلمين العرب المعاصرين، والثاني، تركز على المسائل المتفرعة من آرائهم في الأمة والدولة من نظام الشورى والحاكمية وولاية الفقيه إلى نظام الحكم بشكله الكامل. وفي الثالث خصصت المباحث للقضايا المرتبطة بالمجتمع والعدالة الاجتماعية.
أما القسم الرابع والأخير من الكتاب أتى تحت عنوان "نظرة نقدية في إشكاليات الأصولية بين الماضي والحاضر". ففيه أربعة فصول حول أسباب انبعاث الأصولية الإسلامية الآن.
ويتلخص الجديد الذي قدمه هذا الكتاب في تبيان إشكاليات الأصولية الإسلامية المعاصرة، وهي تقدم طروحات نظرية شاملة تنير الطريق أمام المجتمعات العربية للخروج من التخلف إلى التقدم، وتهافت هذه الطروحات على مستوى بنيانها الداخلي بخروج الفرع على الأصل، والاصطدام غير المبرر مع إنجازات البشر في تنظيم حياتهم، على الرغم من اعتبار مجمل آراء الأصوليين "وضعية إسلامية جديدة" تبقى الآفاق مفتوحة أمام دراسات بالتفسير والتأويل للقرآن الكريم وفقا لقواعد ألسنية معاصرة ومناهج تاريخية وبشرية، وقراءات متجددة لكل التراث الكلاسيكي الإسلامي.

الكويت: أنور الياسين حسب صحيفة الوطن السعودية

 

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن