كيف تعود طفلك على النشاط

تاريخ النشر: 17 مايو 2006 - 08:35 GMT

لعل الآباء القلقون على تربية أطفالهم الكسالى (الذين يقضون وقتهم في مشاهدة التلفزيون) يودون الكف عن إيصال أطفالهم إلى المدرسة بسياراتهم أو في حافلات نقل الطلاب . لقد بينت دراسة أجريت حديثاً أن مجرد ذهاب الطفل إلى المدرسة سيراً على الأقدام زاد إلى حد كبير مقدار نشــاطه البدني اليومي .

 

يقول تقرير اسكتلندي أن الأحداث الذين يذهبون إلى المدرسة مشياً على الأقدام يمارسون نشاطات بدنية أكثر بكثير من أولئك الذين يركبون الحافلة أو السيارة أو القطار إلى المدرسة ذهاباً وإياباً .

 

تقول السيدة ليسلي أليكزاندر ، زميلة فخرية في علوم الصحة العامة بجامعة أدينبرا ، التي قامت بالدراسة المذكورة إن الازدحام المروري الذي يخلقه الآباء وأولياء أمور الطلاب خارج أبواب المدارس عند إيصال أبنائهم يسبب الأذى للجميع . وتضيف قائلة إنه تبين أن الطلاب الذين يسيرون على الأقدام إلى المدرسة ذهاباً وإيابا يقضون خلال اليوم  وقتاً في مجمله أطول مما يقضيه أقرانهم في نشاط بدني معتدل أو قوي .

 

قامت السيدة أليكزاندر و زملاؤها خلال الدراسة المذكورة بقياس النشاط البدني الذي يقوم به 92 طالباً اسكتلندياً تتراوح أعمارهم بين 13 و 14 سـنة . الوسيلة التي اتبعت لقياس ذلك النشاط تثبيت أجهزة قياس السرعة على أفخاذ الطلاب لقياس كامل حركاتهم طيلة اليوم . تم تقسيم الطلاب إلى ثلاث مجموعات ، كما يلي : مجموعة الطلاب الذين يذهبون إلى المرسة بالسيارة أو الحافلة أو القطار ذهاباً وإياباً ، ومجموعة الطلاب الذين يذهبون إلى المدرسة سيرا على الأقدام ذاهباً وغياباً ، ومجموعة الطلاب الذين ساروا على الأقدام فقط ذهاباً أو إياباً .

 

بينت الدراسة أن الطلاب الذين ساروا على الأقدام ذهاباً وإياباً كانوا أكثر من نشاطاً من الآخرين ، تلاهم في ذلك الطلاب الذين ساروا على الأقدام فقط ذهاباً أو إياباً ، فيما كان نشاط الذين ركبوا الحافلة أو السيارة أو القطار ذهاباً وإياباً أقل بكثير من المجموعتين الأخريتين .

 

أوضحت الدراسة أن ذهاب الطلاب إلى المدرسة سيرا على الأقدام لم يكن النشاط الإضافي الوحيد الذي يقوم به  أولئك الطلاب . تقول الدراسة إن الطلاب الذين يذهبون إلى المدرسة مشياً يقومون بالمزيد من النشاط  البدني ، خلاف السير ذهاباً وإياباً ، أثناء تواجدهم في المدرسة .

تبيّن أن 87% من الطلاب الذين يركبون السيارة أو الحافلة أو القطار قضوا ما معدله 60 دقيقة أو أكثر كل يوم من أيام الأسبوع في القيام بنشاط معتدل أو قوي ، مقارنة بتسعين بالمئة من الطلاب الذين ساروا على الأقدام فقط ذهابا أو إياباً ومئة بالمئة من الطلاب الذين ساروا على الأقدام ذهاباً وإياباً  .

 

الطلاب الذين مشـوا إلى المدرسة ذهاباً وإياباً كانت مدة نشاطهم البدني بالإجمال أكثر من الآخرين سواء خلال الاستراحة الصباحية أو خلال فترة الغداء أو طيلة اليوم .

 

تقول السيدة أليكزاندر إنه لا ريب في أن المشي مفيد للجسم ، وإنه يجب الاعتماد على الرجلين والذهاب إلى المدرسة سيرا على الأقدام . حتى السير إلى المدرسة فقط ذهاباً أو إياباً يزيد مقدار النشاط الذي يقوم به الطالب خلال اليوم.

 

وتضيف قائلة إن النشاط البدني عادة يكتسبها الشخص في وقت مبكر من حياته ، وإن هناك ما يدل على أن مستوى نشاطنا في الصغر يدل على ما سيكون عليه مستوى نشاطنا أثناء تقدمنا بالسن . ولا يحتمل أن يكون هناك سبب بيولوجي لذلك . إذن بإمكاننا أن نقرر أن ننهض ونتحرك في أي وقت .

 

يعتقد أحد الباحثين أن الدراسة المذكورة تعالج مشكلة اجتماعية كبرى .

 

يقول الدكتور ديفد كاتز ، مدير مركز الأبحاث الوقائية بكلية الطب  في جامعة ييل ، إن تدني مستوى النشاط البدني بين الأطفال في العقود الماضية يرتبط بارتفاع معدلات البدانة ومرض السكري بين السكان .

 

ويتابع الدكتور كاتز فيقول إن الكثير من انخفاض حرق الطاقة يتعلق بالهندسة الاجتماعية والبيئية . فبازدياد أيام العمل تقل ساعات النشاط العائلي كل يوم . يؤدي تقدم التكنلوجيا إلى ازدياد النشاطات الترفيهية الجلوسية (لا تستدعي الكثير من الحركة) . امتداد أطراف المدن ينشر استعمال السيارات للتنقل . حتى الذهاب إلى المدرسة سيراً على الأقدام الأثيل (الذي رسّخه الزمن) قد اختفى من المناطق المجاورة لنا ، بل ومن حياتنا .

 

يقول الدكتور كاتز إنه من غير المعروف لماذا يمارس الطلاب الذين يذهبون إلى المدرسة مشــياً المزيد من النشاط البدني . هل السبب أن الطلاب الذين يهتمون بصحتهم يذهبون إلى المدرسة سيرا على الأقدام ، أم أن السبب هو أن المشي إلى المدرسة يعزز الرغبة في المزيد من النشاط البدني عموماً ؟ هذه المعلومات لا تبينها لنا نتائج الدراسة. إلا أن العلاقة بين الأمرين لا ريب يثير الشك حول السبل التي نتبعها  فتقضي على النشاط البدني من حياتنا وحياة أطفالنا . قد تساعدنا الأبحاث المشابهة لهذه الدراسة على إدراك هذا التوجه السلبي وتجعلنا نغيّره .