"نفتح جمجمتك...نحدد بعض المواقع...وندمرها" هل تبدو تلك عملية مخيفة لتخليص المتعاطين من تناول المواد المخدرة هي ليست كذلك في إحدى مستشفيات الصين التخصصية التي كشفت عن علاج واعد لحالات الإدمان المزمنة.
هذه العبارة قالها الأطباء لشاب صيني مدمن يبلغ من العمر 26 عاما قبل أخضعه لعملية في المخ في مستشفى "سان جون" للدماغ في جنوب الصين في محاولة لاستكشاف ما إذا كانت العمليات الجراحية طريقا يمكن اتباعها للتعافي من المخدرات.
وقالت وكالة أنباء الصين (شينخوا)، حسب وكالة الأنباء الكويتية، أن الشاب الذي كان يتعاطى المخدرات لمدة 11 عاما قرر التوجه إلى المستشفى بعد إعلان نشر في الصحف المحلية ذكر فيه انه تم التوصل إلى تقنية جديدة لعلاج التعاطي بالعمليات الجراحية في المخ ليكون بذلك المريض رقم 99 الذي يخضع لهذا النوع من العلاج.
وتأتي الخطوة الجديدة بعد أن أظهرت الإحصاءات الخاصة بهذه الشأن أن عشرة بالمائة فقط من المتعاطين ينجحون في التخلي عن تناول المادة المخدرة كليا بينما يتعرض 90 بالمائة منهم لخطر معاودة تناول تلك المواد بسبب عدم قدرتهم على مقاومتها.
واكتشف العلماء أن هناك نظام مكافأة طبيعي في مخ الإنسان حيث انه عندما يشعر الإنسان بالسعادة فان انعكاسا لذلك الشعور يظهر في الجهاز العصبي وانه كلما أحس الإنسان بالسعادة والنشوى كلما زادت حاجة جهازه العصبي للمزيد من المخدرات.
وأشارت (شينخوا) في خبرها إلى أن الجهاز العصبي في مخ الإنسان يقوم بإعادة إرسال الإحساس بالنشوة إلى بؤرة في المخ أطلق عليها العلماء "مركز المكافأة" حيث تزيده شعورا بالحاجة والرغبة إلى تعاطي المزيد.
ويتم إخضاع المريض إلى فحوصات شاملة يتم خلالها تحديد البؤر الناشطة في المخ من خلال استخدام تقنية متطورة وحديثة لتحديد أداء الخلايا العصبية وأكثرها إعطاء للإشارات.
وتتمثل التقنية الجديدة بوضع المريض بغرفة وعرض تسجيلا تلفزيونيا يظهر كيفية تعاطي المرء للمخدرات بينما يتم توصيل أسلاك كهربائية برأسه وجسمه لمعرفة البؤر الأكثر تأثرا ونشاطا عند مشاهدة التسجيل وان البؤر الأكثر نشاطا هي المواطن التي تكاثرت فيها الحاجة إلى المواد المخدرة اكثر من غيرها.
وتبلغ كلفة استخدام المعدات التي يتم توصيلها بجسم المريض والتي تعد جزءا من العلاج 160 ألف دولار أمريكي للشخص الواحد. وأظهر الشاب الذي تم إخضاعه للعملية بعد فترة تحسنا ملحوظا حيث تحددت ذاكرته قد بشكل أوضح واظهر أن العصب الذي كان يشعره بالحاجة إلى تناول المزيد من المواد المخدرة تم اعتراضها.
وأظهرت البحوث، حسب كونا، أن العملية لا تقلل من قدرة المريض على التذكر وإنما تخفض من شعوره بالرغبة في تناول المواد الضارة وتساعد في إنهاء السلوك العقلي والجسمي المصحوب لعملية التعاطي خلال فترة لا تتجاوز الشهر من انتهاء العملية. وحول الأضرار الجانبية للعملية فان المريض قد يشعر بفقده القليل من الذاكرة والذكاء والقدرة على التركيز إلا أن تلك الحالات مؤقتة فقط وستختفي في غضون شهر من العملية.
وحول ما إذا كانت العملية تتسبب في قتل الرغبات الطبيعية اخضع الأطباء المرضى لفحوص شهرية بينت ارتفاعا ملحوظا في معدل الرغبات الطبيعية من الحاجة إلى الطعام والنوم بدلا من الانخفاض لان الدائرة العصبية كانت مجهدة بالبحث عن مخدرات أما الآن فقد أزيل مصدر تلك الرغبة وعاد الجسم ليلبي احتياجاته الطبيعية.
ويستقبل المستشفى الحالات المدمنة المستعصية فقط التي مضى عليها زمنا طويلا والتي يتوفر فيها القوة والإرادة الكافيتين للإقلاع عن الإدمان وليست الحالات البسيطة التي يمكن علاجها بالطرق التقليدية.