اعتبر وزير السياحة فادي عبود «أن القطاع السياحي في لبنان لم يسلم من الأزمة في العالم العربي، فكانت له حصته السلبية من هذه الاضطرابات، حيث بلغ عدد الوافدين الإجمالي للعام 2011، مليونا و655 ألف زائر، حيث يلاحظ تراجع بنسبة 24 في المئة مقارنة بسنة 2010 إذ بلغ عدد الوافدين الإجمالي مليونين و168 ألف زائر»، مشيرا إلى «انه كان بإمكاننا الإفادة أكثر سياحيا من الأزمة العربية الراهنة، عبر استقطاب السياح الذين كانوا متوجهين إلى مصر، وسوريا، وتونس، واليمن، وليبيا نحو لبنان، إلا أن غياب البنى التحتية اللازمة والسـياسات الملائمة من الطيران الرخيص وغيرها حالت دون الإفادة إيجابا من هذه الأزمة».
وأوضح عبود في بحث قدمه بعنوان «التغيير العربي، وانعكاساته على قطاع الخدمات»، إلى مؤتمر «ربيع العرب تحولات وانتظارات»، نظمته جامعة الحكمة، في مقرها في فرن الشباك، بدعوة من رئيسها الأب كميل مبارك، ورعاية رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر، «أن السبب الرئيس لهذا التراجع هو صعوبة المرور من سـوريا على المعابر الحدودية خاصة للسياح الأردنيين والإيرانيين الذين يصل عددهم إلى حوالى 300 ألف سائح سنويا، وهذا الرقم هو الفرق المنخفض الذي تراجع بنسبة 70 في المئة عن السنة الماضية، وقد رافق هذا التراجع عدم تـوفر مطارات بديلة وطيران رخيص ينوب عن المعابر البرية. وبالتالي فإن الأرقام تعتبر جيدة نسبيا، حيث أن لبنان كان البلد الأكثر استقرارا على الصعيدين الأمني والاقتصادي من بين البلدان العربية، إذ أنه لم يتعرض لخضات أمنية أو لانحدار أوضاعه الاقتصادية». ولاحظ أن «من أهم التحديات التي نواجهها اليوم هي عدم قــدرتنا على الإفادة بشــكل كامل من الفوائد السياحية، ويعــود ذلك إلى غياب التخطيط والتنــسيق بين الوزارات، فوزارة السياحة لا تمتلك الموارد البشرية والمادية إضافة إلى تشابك الــصلاحيات مع أكثر من إدارة وجهـة رسمـية، كل ذلك يمنع وزارة السـياحة من أن تكون عنصرا فاعلا في تحقيق إنماء سياحي شــامل، وذلك إذا أردنا أن نقارن مع تجارب بلدان أخرى حيث تكون وزارات السياحة شريكا حقيقيا في تحديد السياسات العامة وفي إقامة مشاريع مهمة على الصعيد الوطني».
ولفت إلى أن الوزارة «تهـدف اليوم إلى مضاعفة إفــادة لبنان من القطاع السياحي عبر مضاعفة عدد السياح القادمين من مليوني سائح في 2010 إلى 4 ملايين سائح في 2015، ووضعنا لذلك عدة خطوات ومشاريع، إلا أن هذا الهدف لن يتحقق من دون التــزام حقــيقي من الوزارات والإدارات كافة بوضع الخطط الاسـتراتيجية والخطوات العملية التي يـكون هدفها تنمية السياحة وخاصة ان ورقة العمل تتضــمن عدة محاور مرتبطة بوزارات وإدارات أخرى. والأهم في المرحلة المقبــلة هــو إيجاد طرق عملية وفاعلة لتنفيذ الاتفاقات في مجالات السياحة والخدمات بين الدول العربية، ليكون التعاون حقيقيا لا مجرد مؤتمرات ولقاءات لا تنتج عن شيء». ولفت إلى «انه من أبرز خطوات ومشاريع خطة العمل هي تنويع المنتجات والخدمات السياحية وأنواع السياحات المنتجة مثل تحفيز سياحة المؤتمرات والمعارض عبر مشروع إنشاء مركز حديث لاستضافة المعارض والمؤتمرات والاجتماعات على أراضي الدولة اللبنانية في منطقة ضبيه، كما ونعمل على إعادة تأهيل معرض رشيد كرامي الدولي في مدينة طرابلس وتحويل قسـم أساسي منه إلى منتجع على مثال عالم ديزني أو ما شابه أي سياحة الترفيه للأولاد والكبار معا، والاستفادة من الجزر في طرابلس لإقامة مشاريع بيئية سيـاحـية، كل ذلك من شأنه تعزيز وضع المدينة الاقتصادي والاجتماعي والسياحي وأن يجعلها مقصدا سياحيا، ونعمل إلى جانب هذا المعرض على إنشاء مشروع مجمع للفنون الجميلة والمسارح في منطقة بيروت الكبرى. ومن ضمن الخطة الموضوعة، إنشاء استراحة في منطقة المصنع الحدودية وكل نقاط الحدود البرية».
في المقـابل، رأى «أن العــلاقة بين العمال وأصحاب العمل في لبنان ليست متوترة كما أشيع مؤخرا، وكأننا على أبواب حرب طبقية»، معتبرا أن «الحد الأدنى للأجور في لبنان يشـكل مبلغا يقارب مستوى الفرد في لبنان، ما يجعله من الأعلـى في العــالم، إذ أن نسبة الحد الأدنى إلى دخل الفرد في أوروبا مثلا هي حوالى 60 في المئة، أي في البلدان التي يكون دخل الفرد فيها 20 ألف دولار مثلا يكون الحد الأدنى للأجور والملحقات لا تزيد عن 1,200 دولار، أما في لبنان فقد قارب الحد الأدنى ومرفقاته إلى حدود دخل الفرد»، مشددا على ضرورة «تمتين العلاقات الإيجابية بين العمال وأصحاب العمل، وهذا يعتبر عاملا أساسيا لجذب الاستثمارات إلى لبنان. كما يجب أن نعمل جديا لإعادة التنافسية للاقتصاد الوطني».