اعلن الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف الثلاثاء انه لن يحصل تقدم في اتجاه السلام في الشرق الاوسط بدون قرار "عقلاني" من اسرائيل حول الاستيطان وذلك في ختام لقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في اريحا.
وقال مدفيديف في مؤتمر صحافي مشترك مع عباس "علينا التقدم رغم الصعوبات المستمرة. هذه الحركة ليست ممكنة الا على اساس تسوية".
واضاف الرئيس الروسي "من جانب اخر، من الواضح انه بدون قرار ما (اسرائيلي) عقلاني حول الاستيطان لن يحصل تقدم. كل العالم يدرك ذلك اليوم ومن غير الممكن غض الطرف عن هذا الواقع".
وأعلن الرئيس الروسي دعمه لدولة فلسطينية وقال إن موسكو اعترفت بها دولة مستقلة عام 1988 وانها لن تغير هذا الموقف الذي اتخذه الاتحاد السوفيتي.
ولكن ميدفيديف لم يصل الى حد اصدار اعلان مدو عن اعتراف روسيا الاتحادية بالدولة الفلسطينية في أول زيارة يقوم بها للضفة الغربية المحتلة بصفته رئيسا لروسيا.
وقال ميدفيديف "موقف روسيا لم يتغير. اتخذت روسيا قرارها قبل وقت طويل.. أيدنا وسنؤيد حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية."
وتابعت اسرائيل بانزعاج على مدى الشهرين الاخيرين سلسلة اعترافات بالدولة الفلسطينية من جانب دول في أمريكا اللاتينية من بينها البرازيل والارجنتين ويقول بعض المحللين ان ذلك قد يكون مقدمة لسعي الفلسطينيين للحصول على العضوية الكاملة في الامم المتحدة اذا فشلت الجهود الرامية لاحياء مفاوضات السلام التي تحتضر.
وأكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن ذلك أحد الخيارات أمامه.
وفي المؤتمر الصحفي مع ميدفيديف شكر الزعيم الفلسطيني الذي درس في موسكو روسيا لانها كانت من بين الدول الاولى التي اعترفت بالدولة الفلسطينية عام 1988.
وكانت موسكو الشيوعية قد اعترفت عام 1988 بالدولة الفلسطينية التي أعلنها الرئيس الراحل ياسر عرفات في خطوة نالت تأييدا كبيرا في الكتلة الشيوعية والعالم الثالث لكن لم يكن لها أثر حقيقي على الواقع الدبلوماسي والسياسي.
ويقول الفلسطينيون ان 109 دول من بين 192 دولة عضو في الامم المتحدة تعترف بالدولة الفلسطينية الان. وحذرت اسرائيل من أن اعلان قيام الدولة الفلسطينية "من جانب واحد" سيسبب انتكاسة لعملية السلام.
وقال مسؤول مخابرات اسرائيلي كبير أمام لجنة في الكنيست يوم الثلاثاء انه يتوقع اعتراف مزيد من الدول بالدولة الفلسطينية مع انعقاد الجمعية العامة للامم المتحدة في سبتمبر أيلول القادم.
ونقل مسؤول برلماني اسرائيلي عن يوفال ديسكين رئيس جهاز الامن الداخلي (الشين بيت) قوله "هناك اتجاه متنام نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية وتقلص في قدرة اسرائيل على المناورة الدبلوماسية."
وتوجه ميدفيديف يوم الثلاثاء الى الضفة الغربية التي تحتلها اسرائيل مستقلا سيارة في موكب من مطار عمان بالاردن وعبر جسر اللنبي التاريخي الذي يربط بين الضفة الغربية والاردن في مسار غير معتاد لرئيس دولة وأجبره على ذلك اضراب في وزارة الخارجية الاسرائيلية مما جعله يلغي زيارته لاسرائيل خلال هذه الرحلة.
واصطف رجال الامن الفلسطينيون بكامل قوتهم مع الحشود في شوارع أريحا لمشاهدة دخول موكب ميدفيديف الى البلدة.
وقال مسؤولون فلسطينيون انهم لا يتذكرون اخر مرة استخدم فيها زائر بهذا المستوى الرفيع جسر اللنبي للوصول الى الضفة الغربية والذي أغلق أمام الحركة المرورية العادية بسبب هذه المناسبة. وتسيطر وزارة الهجرة والامن الاسرائيلية على المعبر.
ونال ميدفيديف اعجاب الفلسطينيبن حين أشار الى أن "هذه هي أول زيارة لرئيس روسي لفلسطين لا ترتبط بزيارة لدولة أخرى" في اشارة واضحة الى اسرائيل التي كانت عادة محطته الاولى.
وروسيا جزء من اللجنة الرباعية التي تضم ايضا الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة والتي تشرف على مفاوضات السلام بالشرق الاوسط.
واعترف عدد من دول أوروبا الشرقية التي كانت ضمن الكتلة السوفيتية وانضمت الان الى الاتحاد الاوروبي بالدولة الفلسطينية في عام 1988. ولكن الولايات المتحدة وحكومات أوروبا الغربية لم تعترف.
ومن المقرر أن يجتمع وزراء خارجية اللجنة الرباعية لبحث سبل احياء عملية السلام في الشرق الاوسط التي تمثل أولوية في السياسة الخارجية للرئيس الامريكي باراك أوباما والتي توقفت بسبب خلاف بشأن سياسة الاستيطان الاسرائيلية في الضفة الغربية.
وقال ميدفيديف ان هذا كان هو الموضوع الرئيسي في محادثاته.
واضاف "من الواضح أن المفاوضات تعاني من جمود تام... وهذا أمر محزن جدا."
ومضى يقول "بحثنا الاحتمالات الممكنة لاستئناف الحوار. نحتاج الى ابداء أقصى قدر من الاعتدال لتحقيق ذلك. ويرتبط هذا في المقام الاول بتجميد النشاط الاستيطاني لاسرائيل في الضفة الغربية والقدس الشرقية."
واعتذرت اسرائيل للكرملين بسبب الغاء زيارة ميدفيديف بعدما كثف دبلوماسيون بوزارة الخارجية من المفترض أن يعدوا للزيارة اضرابا بدأوه الشهر الماضي لتحسين الاجور وظروف العمل. وأبدى ميدفيديف تفهمه قائلا ان ذلك لن يكون له أثر سلبي على العلاقات.
وغادر ميدفيديف الضفة الغربية متوجها الى الاردن حيث سيجري محادثات مع العاهل الاردني الملك عبد الله في وقت لاحق الثلاثاء.