فيسبوك: شركة الـ 100 مليار دولار

تاريخ النشر: 21 فبراير 2012 - 04:48 GMT
تقول فيسبوك أن لديها 845 مليون مستخدم نشط شهريًا
تقول فيسبوك أن لديها 845 مليون مستخدم نشط شهريًا

كشفت فيسبوك النقاب عن خطط لإجراء أكبر طرح عام أولي لموقع إلكتروني على الإطلاق قد تجمع من خلاله ما يصل إلى عشرة مليارات دولار، لكنها أوضحت أن الرئيس التنفيذي مارك زوكربرج سيحتفظ بسيطرة كاملة تقريبًا على الشركة ويترك للمستثمرين دورًا محدودًا. وسيسيطر زوكربرج الذي لم يكمل دراسته في هارفارد والذي أطلق ظاهرة شبكات التواصل الاجتماعي من غرفته في السكن الجامعي على 9ر56 بالمئة من حقوق التصويت في الشركة التي من المتوقع أن يصل تقييمها إلى 100 مليار دولار حين يتم طرح أسهمها. وتقول فيسبوك إن لديها 845 مليون مستخدم نشط شهريًا.

وتقدمت شبكة فيسبوك للتواصل الاجتماعي في الأول من فبراير بملف لطرح أسهمها في البورصة في إطار ما يعتبر أكبر عملية من نوعها في مجال اقتصاد الإنترنت وتقدر قيمتها بخمسة مليارات دولار، بعد ثماني سنوات على تأسيس الموقع الإلكتروني هذا في غرفة طلاب في جامعة هارفرد. لم تحدد شبكة التواصل الاجتماعي هذه التي تضم 845 مليون مستخدم، عدد الأسهم التي تنوي طرحها في السوق ولا سعرها ولا تاريخ حصول ذلك إلا أنها كشفت للمرة الأولى عن بيانات مالية كانت لا تزال سرية حتى الآن. فقد حققت الشركة العام 2011 رقم أعمال بلغ 3,71 مليار دولار أي أنه تضاعف تقريبًا في غضون سنة فيما بلغت أرباحها الصافية 668 مليون دولار.

وقالت فيسبوك في وثائق الطلب إنها تسعى لجمع خمسة مليارات دولار لكن هذا الرقم يستخدم لحساب رسوم التسجيل ويتوقع المحللون أنها قد تحاول جمع عشرة مليارات دولار من المستثمرين. وهذا سيحدد قيمة الشركة بنحو 100 مليار دولار لتتضاءل أمامها شركات تكنولوجيا عملاقة مثل هيوليت باكارد وسيؤكد النمو الضخم للمواقع الاجتماعية عالميًا كوسيلة للاتصال والترفيه.

وستساوي سيطرة زوكربرج على نحو 28 بالمئة من الأسهم 28 مليار دولار عند تقييم الشركة بنحو 100 مليار دولار وهو ما سيجعله رابع أغنى رجل في الولايات المتحدة. وتعني ملكية زوكربرج الذي يبلغ من العمر 27 عامًا أن فيسبوك التي تناولها فيلم "الشبكة الاجتماعية" الفائز بجائزة أوسكار لعام 2010 لن تحتاج لتعيين أغلبية من المديرين المستقلين أو تشكيل لجان بمجلس الإدارة لمراقبة الأجور والمكافآت ومسائل أخرى. ويتعارض هيكل ملكية الشركة ولوائحها مع ممارسات الحوكمة المشجعة للمساهمين التي تطبق في الولايات المتحدة بعد سنوات من حملات قام بها المستثمرون. وبحسب ما تقول فيسبوك في نشرة الإصدار فإن زوكربرج "سيسيطر على كل المسائل التي ترفع إلى المساهمين للتصويت بالإضافة إلى الإدارة العامة لشركتنا وتوجهها" . وعقد زوكربرج اتفاقات مع عدة مستثمرين في فيسبوك تمنحه حقوق التصويت على أسهمهم في كل أو معظم الحالات. وقد احتفظ سيرجي برين ولاري بيج مؤسسا موقع جوجل العملاق بالسيطرة على الموقع من خلال ترتيبات مماثلة وكذلك فعلت عائلة سالزبرجر فيما يتعلق بصحيفة نيويورك تايمز.

الخبراء بين المؤيدين والمعارضين

وقالت المحللة كاثلين سميث من شركة "رونيساسن كابيتال" المتخصصة في دخول الشركات إلى البورصة "إنها تسجل أرباحًا أكثر مما كنا نتوقع". واعتبر مايكال زوكربرج من شركة "فورستر ريسيرتش" أن فيسبوك أثبتت "أنها ليست مجرد صيحة عابرة". وقال زوكربرج في رسالة إلى المستثمرين "فيسبوك لم تؤسس في الأصل لتكون شركة بل أوجدت لتحقق رسالة اجتماعية تتمثل بجعل العالم أكثر انفتاحًا وترابطًا".

ويتوقع أن تثير العملية التي لا تزال قيمتها نظرية حتى الآن، الكثير من الاهتمام على ما يجمع المحللون. وستكون وبأشواط، أكبر عملية دخول إلى البورصة في مجال اقتصاد الإنترنت إذ أنها ستجاوز بكثير مبلغ 1,67 مليار دولار الذي جمعته غوغل لدى طرح أسهمها في البورصة العام 2004. وهي المرة الأولى التي سيتمكن فيها مساهمون صغار أن يستفيدوا من الجانب المالي لهذه الظاهرة المنتشرة في العالم بأسره وشكلت أداة للتعبئة وتنظيم الصفوف للناشطين في ثورات الربيع العربي. وكان يتم منذ قرابة الثلاث سنوات تبادل أسهم للشركة لكن فقط بين مستثمرين أغنياء يتم اختيارهم بعناية في أسواق موازية غير رسمية مثل "سيكوند ماركت" و"شيرزبوست".

لكن تريب شودري من شركة "غلوبال أكويتيز رسيرتش" يحذر من الوضع بقوله "مع مئة مليار دولار يتم الاستثمار في فقاعة. الأرقام تبدو مذهلة لكن في الحالات الطبيعية عندما تتم عملية دخول في البورصة يكون هناك مؤشرات على حصول نمو في المستقبل. أما هنا فيبدو أنهم وصلوا إلى القمة". وشكلت عائدات المجموعة خيبة أمل نوعًا ما إذ أعلن أنها بلغت 3,71 مليار دولار، بفارق كبير عن تقديرات شركة التسويق "أي ماركتر" التي توقعت الأسبوع الماضي أن تصل إلى 4,27 مليار دولار. وتقول فيرجيني لازيس المحللة لدى مصرف الأعمال "بريان غارنييه"، إن "ما يرفع سعر سهم فيسبوك هو المضاربات والتكهنات وكذلك نجاح نموذج له مغزى". وتوضح "إنهم ينجحون في جمع الأموال من خلال بيع منتجات افتراضية والإعلانات والتسويق. لقد نجحوا في إيجاد نموذج يدر الأموال". وأكد زوكربرج الذي بدأ تصميم البرامج المعلوماتية في سن الحادية عشرة في رسالته إلى المستثمرين أن هدفه ليس كسب المال. وأوضح "إننا لا نصمم الخدمة لكسب المال بل نكسب المال لبناء خدمات أفضل" كاشفًا عن خمس قيم جوهرية في الشركة وهي "التركيز على التأثير" و"التحرك بسرعة" و"التحلي بالجرأة" و"الانفتاح" و"بناء قيمة اجتماعية". وأكدت فيسبوك أنها تجني الجزء الأكبر من عائداتها من الإعلانات مع أن مساهمة هذه الأخيرة في تراجع فقد كانت تشكل نسبة 85% في 2011 في مقابل 98% في 2009. ولم تحدد المجموعة التي تتمتع من الآن بسيولة مريحة قدرها 3,9 مليار دولار طريقة استخدامها للأموال التي ستكسبها من طرح أسهمها في البورصة.

الموقع الاجتماعي كان الأداة لتنظيم الربيع العربي ولطالما حلم الناشطون العرب بالثورة لكنهم كانوا يحتاجون من أجل الإطاحة بالأنظمة القمعية الحاكمة منذ عقود وتجاوز القيود المفروضة على التظاهر إلى أداة ومكان لتنظيم صفوفهم، وهو ما وفره لهم موقع فيسبوك. وبعد سنوات من التظاهرات المتفرقة المعارضة للنظام التي سرعان ما كانت تنتهي بالقمع، وجد ناشطون من تونس ومصر وليبيا والبحرين في فيسبوك وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي محركًا فعالاً يضمن لهم بقاء هويتهم مجهولة. وقال حسين أمين أستاذ الاتصالات العامة في الجامعة الأمريكية في القاهرة إن الشبكات الاجتماعية "أعطت الناشطين للمرة الأولى فرصة لنشر المعلومات بسرعة وفي الوقت نفسه تجاوز قيود الحكومات".

ومع أن الناشطين عبر الإنترنت يعتبرون أن الإطاحة بدكتاتور تتطلب أكثر من مجرد موقع اجتماعي، إلا أن غالبيتهم يقرون بأن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في الحفاظ على زخم التظاهرات التي بدأت في تونس وأطاحت بالنظامين في مصر وليبيا ولا تزال تهز المنطقة. وبعيد الإطاحة بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي في 14 يناير 2011، كتب على أحد جدران جادة بورقيبة في العاصمة تونس "شكرًا فيسبوك".

وفي مصر، رفع أحد المتظاهرين المطالبين بتنحي المجلس العسكري الحاكم منذ الإطاحة بالرئيس حسني مبارك في فبراير الماضي، لافتة كتب عليها أنه يدعو بـ"فيسبوك في وجه كل الطغاة". وفي تونس، حيث انطلقت شرارة أولى التظاهرات في ديسمبر 2010 بعدما أضرم بائع متجول النار في نفسه، انتشرت الأخبار بتنظيم تظاهرات جديدة سريعًا على الإنترنت بينما كان تحديث الحالة على فيسبوك يتغير باستمرار.

وفي مصر، استخدم ناشطون صفحات موجودة سابقًا على فيسبوك للدعوة إلى تظاهرات معادية للنظام في 25 يناير 2011 مثل صفحة "6 أبريل" لدعم العمال وصفحة "كلنا خالد سعيد" نسبة إلى الشاب الذي توفي بعد تعرضه للضرب على أيدي الشرطة والتي أصبحت رمزًا للمقاومة ضد عنف الدولة. وأدركت الأنظمة الحاكمة في المنطقة سريعًا التهديد الذي تطرحه مواقع التواصل الاجتماعي فقامت بقطع الإنترنت في مصر وليبيا وسوريا. إلا أن مؤسس فيسبوك مارك زوكربرج قلل العام الماضي من دور موقعه في الثورات العربية. وقال زوكربرج خلال تجمع "اي- جي8" لمسؤولي المواقع الإلكترونية في باريس في مايو إن "فيسبوك لم تكن ضرورية ولا كافية لتحقيق تلك الأمور". وأضاف "إن من التباهي أن تدعي أي شركة تكنولوجية أن لها أي فضل في الاحتجاجات الشعبية في العالم العربي". لكنه وفي إطار الربيع العربي لا يمكن إنكار أن شبكات التواصل الاجتماعي لعبت دورين أساسيين كأداة وكمكان. وقال إيهاب السكوت مستشار أوكسفام للشرق الأوسط إن "المساهمة الأساسية للشبكات الاجتماعية في الثورات العربية كانت توفير هذا الفضاء الافتراضي حيث بدأ الناس العاديون وليس فقط الناشطون المخضرمون يجدون المجال والجرأة للتعبير عن رفضهم ولاختبار مدى قدرتهم على تحدي السلطات". وأضاف السكوت إن الشبكات الاجتماعية "كانت مهمة لجهة قدرتها على التعبئة لكن ليس كمحرك أساسي. ويجب ألا ننسى أن الإنترنت مثلاً قطع في مصر في الأيام الحاسمة للثورة دون أن يؤثر ذلك على نجاحها". وتابع أن "العنصر الأكثر أهمية والذي تم إهماله هو مسألة الفضاء المدني الذي وفرته وخصوصًا في المرحلة التي مهدت للثورة". واليوم باتت الأنظمة التي كانت تخشى تأثير الشبكات الاجتماعية ترى أن بإمكانها استغلالها لمصلحتها. وفي مصر، من أكثر الصفحات ارتيادًا على فيسبوك صفحة المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم في مصر منذ الإطاحة بنظام مبارك ولديها أكثر من 1,7 مليون متابع.

مستخدمو فيسبوك لا يملونه

وأظهرت دراسة مسحية أن الأشخاص الذين استخدموا موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي منذ تأسيسه عام 2004 لم يظهروا أي مؤشرات على أنهم ملوا نشر الصور أو تحديث خططهم لقضاء العطلة الأسبوعية أو حتى كتابة خواطر عشوائية. ويبرز التقرير الذي أعده مركز بيو للأبحاث بناء على استطلاع آراء عن طريق الهاتف وبيانات من نوفمبر عام 2010 شعبية فيسبوك من المحتمل أن تمتد طويلاً. وكان أحد المخاوف بشأن فيسبوك قبل الطرح هو أن يمله مستخدموه بعد فترة وهي ظاهرة تعرف باسم "الضجر من فيسبوك" .

وتشير الدراسة التي أجراها مركز بيو إلى أن هذه المخاوف ربما تكون لا أساس لها. كما خلصت إلى أنه كلما زاد عدد أصدقاء المستخدم على فيسبوك كان أكثر انخراطًا في أنشطة الموقع. وقال مركز بيو تعليقًا على الدراسة المسحية التي أجراها مشروع "انترنت أند أمريكان لايف" التابع له "كلما زاد عدد أصدقاء المستخدمين على فيسبوك مارسوا المزيد من الأنشطة التي استطلعناها مثل إضافة الأصدقاء الجدد والرسائل الخاصة والتعليق ونشر الصور والانضمام للمجموعات". وأعدت الدراسة بناء على استطلاع آراء 2255 أمريكيًا راشدًا عن طريق الهاتف في نوفمبر 2010. ويقول موقع فيسبوك إن عدد مستخدميه النشطين حاليًا 845 مليونًا.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن