ستلعب دولة قطر دورًا رائدًا فى التنمية الاقتصادية خلال السنوات المقبلة، لتصبح أنموذجًا لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "مينا"، التي تأثر العديد من دولها بالتوترات السياسية الجارية فيها منذ بداية هذا العام وحتى الآن - 15% من الناتج المحلي الإجمالي خلال تلك الفترة سيظل مرتفعا في ميزان الحساب الجاري.
يتوقع بنك الدوحة جروب "DBG" أن يحقق الاقتصاد القطري نموًا قدره 9.6% في المتوسط خلال السنوات الخمس المقبلة، بفضل التوسع في تنويع القطاعات الاقتصادية، حيث سيقل نمو الناتج المحلي الإجمالي الذي سيحققه قطاع الصناعات الهيدروكربونية إلى 4.4% في حين سيرتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي من قطاعات الصناعات غير الهيدروكربونية إلى أكثر من 1.9% خلال الفترة من عام 2012 إلى 2016 . وتناقلت وسائل الإعلام مؤخرًا تأكيدات على أن قطر ستلعب دورًا رائدًا في التنمية الاقتصادية خلال السنوات المقبلة، لتصبح أنموذجًا لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "مينا"، التي تأثر العديد من دولها بالتوترات السياسية الجارية فيها منذ بداية هذا العام وحتى الآن.
وأكد سيث رامان الرئيس التنفيذي لبنك "DBG"، خلال القمة السنوية للمصارف العربية، والتي احتضنت فعالياتها روما، بمشاركة اتحاد المصارف العربية مع اتحاد البنوك الإيطالية، أن الاقتصاد القطري سيحقق فائضًا قدره 7.5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2016، كما أن ميزان الحساب الجاري سيظل مرتفعًا عند 15% من هذا الناتج خلال تلك الفترة.
وحضر هذه القمة التي كانت بعنوان: "مستقبل مينا: التأثير على الاقتصاد العالمي"، محافظو البنوك المركزية بمنطقة الخليج والعديد من خبراء البنوك والاقتصاد العرب والأجانب ورجال الأعمال، الذين حاولوا وضع استراتيجية للتنمية القومية لدول المنطقة خلال السنوات الخمس المقبلة، وتعزيز الرؤية القومية التي وضعتها قطر لاقتصادها حتى عام 2030 . وإذا كانت التوقعات الاقتصادية تؤكد استمرار نمو الاقتصاد القطري هذا العام، إلا أنه عندما تتراجع أسعار البترول إلى 74% دولار للبرميل، فإن الناتج المحلي الإجمالي لقطر سوف ينكمش بحوالي2% مع حلول عام 2016، ولكن مع الجهود التي تبذلها حكومة قطر لتنويع اقتصادها، فإن التأثير المالي السلبي لهذه التراجع سيكون محدودًا.
ويرى سيث رامان، أن قطاع الخدمات في قطر سوف يسجل أعلى نمو في الفترة المقبلة، حيث سيسهم بحوالي 40% من إجمالي الناتج المحلي القطري بحلول عام 2016، مقارنة بحوالي 36% حاليًا، وإن كانت قطاعات النقل والمواصلات والخدمات المالية ستحقق نموًا قويًا أيضًا.
كأس العالم
ومع استضافة قطر كأس العالم عام 2022، فإنه من المتوقع أن تشهد قطاعات البناء والتصنيع والسياحة، نموًا هائلاً من الآن، وطوال السنوات المقبلة مع التحالف الاستراتيجي، الذي بدأته الشركات القطرية مع الشركات الأوروبية والعالمية لتنفيذ مشروعات البنية الاساسية والتنمويلة اللازمة لنجاح هذه المسابقة التي يحضرها سائحون من معظم دول العالم المتقدمة والنامية. وتقول حكومة قطر، إن الاستثمارات المحلية بدءًا من هذا العام وحتى عام 2016، بلغت جملتها 820 بليون ريال قطري، منها 389 بليون ريال قطري من القطاع الخاص والقطاعات غير البترولية، كما أن استثمارات الشركات القطرية فقط، ستبلغ 130 بليون ريال قطري خلال تلك السنوات. ويتوقع محللو الأسواق المالية، أن يبلغ نمو إجمالي الاستثمارات في قطر من الآن وحتى عام 2016 حوالي 25% في المتوسط من الناتج المحلي الإجمالى القطري، في حين أن المدخرات القومية، من المتوقع أن تظل ثابتة عند حوالي 40% من الناتج المحلي الإجمالي حتى عام 2014، ولكنها ستبدأ في التراجع في السنوات التالية مع اتجاه المستهلكين إلى زيادة الإنفاق.
وتحظى قطر خلال السنة المالية الحالية، بفائض قدره 22 بليون ريال قطري، وتركز معظمه على التعليم والصحة ومشروعات البنية الاساسية، والتي ستجذب العديد من المستثمرين الأوروبيين خلال السنوات المقبلة. وعقدت قطر مؤخرًا استثمارات ثنائية مع دول أوروبا، منها 3 بلايين يورو مع إسبانيا في أغسطس الماضي، واستحوذت قطر على 10% من شركة بورش للسيارات في عام 2009، كما استحوذت في ديسمبر من العام نفسه على 17% من شركة فلوكس فاجن.
وأعلنت شركة قطر ايرويز للطيران في مارس الماضي، عن تمديد رحلاتها إلى ألمانيا، كما أنها وقعت في فبراير الماضي صفقة مع "سنتريك" البريطانية لشراء 4.2 مليون طن من الغاز المسيل من شركة قطر غاز سنويًا. وإذا كان الاقتصاد العالمي، من المتوقع أن ينمو بحوالي 3.4% هذا العام، برغم مخاطر الديون السيادية، لاسيما في منطقة اليورو، لكن نمو اقتصاد منطقة "مينا" من المتوقع أن ينمو بحوالي 2.4% هذا العام، برغم الاحتجاجات العنيفة التي تجتاح ليبيا وسوريا واليمن، وانكماش السياحة في مصر وتونس.
ولكن الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة الخليج من المتوقع أن يسجل زيادة قدرها 29% بالأسعار الحالية عن نظيره في العام الماضي، بفضل اتجاه السياحة من شمال أفريقيا وشرق آسيا إلى دول الخليج، لدرجة أن ميزان الحساب الجاري لمنطقة الخليج سيقفز إلى 124% من ناتجها المحلي الإجمالي بالأسعار الحالية خلال هذا العام.
وأدى تحسن التوقعات الاقتصادية لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي هذا العام، والتقدم الذي أحرزته دبى في إعادة هيكلة ديونها وإصدار السندات من قبل حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخرًا، إلى زيادة ثقة المستثمرين الأجانب في اقتصاد الخليج. ويؤكد بنك "HSBC"، أن مؤشر ثقة رجال الأعمال في منطقة "مينا" ارتفع بحوالي نقطتين خلال الربع الثاني من العام الحالي، وذلك مع تزايد الاستثمارات الأجنبية التي تتدفق على دول الخليج بصفة خاصة.
ومؤشر ثقة البيزنس لمنطقة الخليج، بدأه بنك "HSBC" منذ فبراير عام 2007، لدراسة تأثر التوترات السياسية في المنطقة على ثقة البيزنس العالمي، وذلك من خلال مسح على حوالي 1500 - 2000 شركة عالمية. ويؤكد تقرير "هذا المؤشر"، والصادر خلال الشهر الحالي، والذي قام بمسح 1696 شركة في السعودية والإمارات وقطر وعمان والكويت والبحرين، أن المؤشر سيسجل ارتفاعًا أيضًا خلال الربع المقبل، وأداء أفضل مع حلول العام المقبل.