قطر والإمارات... خصائص تمويلية أكثر استقراراً

تاريخ النشر: 25 سبتمبر 2011 - 09:59 GMT
لا بد أنَّ الخليج محمي إلى حد ما من الصدمات التي يواجهها الاقتصاد العالمي، إلا أنه ليس محصنا ضدها
لا بد أنَّ الخليج محمي إلى حد ما من الصدمات التي يواجهها الاقتصاد العالمي، إلا أنه ليس محصنا ضدها

تعتبر أسواق الائتمان الخليجية في موقف قوي نسبياً لمواجهة التقلبات في الأسواق العالمية. فموارد الهيدروكربونية الغنية في دول الخليج تؤمِّن لها فوائض كبيرة في الحسابات الجارية، مما يجعلها مصدراً صافياً لرأس المال، كما أنَّ أنماط تجارتها الخارجية أكثر ارتباطا ًبآسيا. وهو ما يتناقض مع بلدان الاقتصادات الناشئة في أوروبا الوسطى والشرقية التي تعاني من عجز في الحسابات الجارية، مما يجعلها تعتمد على رؤوس الأموال الأجنبية للحفاظ على ميزان مدفوعاتها. فضلاً عن أن صادراتها تعتمد بصورة كبيرة على الطلب من الاتحاد الأوروبي، حيث النمو الاقتصادي ضعيف وحالة عدم اليقين عالية.

وتتمتع الميزانيات العمومية للبنوك في الخليج، لاسيما في الإمارات وقطر، بخصائص تمويل أكثر استقرارا، مقارنة مع وضعها في عام 2008. إذ زادت السيولة بصورة ملحوظة في العام الماضي. وتراجع إجمالي نسب القروض إلى الودائع في قطر والإمارات دون %100، مما يشير إلى قاعدة واسعة من الودائع لتمويل محافظ القروض لدى البنوك. بل إن بنك قطر المركزي اتخذ تدابير هذا العام لسحب بعض السيولة الزائدة، بما فيها بيع سندات لأجل قصير المدى.

أما في الإمارات، فإنَّ القطاع المصرفي أصبح أقل اعتمادا بكثير على التمويل من الخارج مما كان عليه الأمر قبل ثلاث سنوات، إذ بلغ صافي اقتراض بنوك الإمارات من البنوك الأجنبية %1 من إجمالي الأصول وفقا لأحدث الأرقام الرسمية الصادرة في مايو الماضي، مقارنة مع%8 في نهاية 2008. ولم يعد يعاني الاقتصاد بنطاقه الأوسع من المضاربات المتقلبة لقطاع العقار المحموم أو التدفق الكبير للأموال الساخنة التي تراهن على فك ارتباط العملة مع الدولار، كما حدث في عام 2008. الائتمان الإقليمي وقد كان أغسطس شهراً متقلباً فيما يتعلق بالائتمان الإقليمي، على الرغم من الأداء الجيد للسندات عالية التصنيف.

وزادت مقايضات العجز عن سداد الائتمان من جانب دبي 70 نقطة أساس الشهر الماضي، إلا أنَّها لاتزال دون المستويات المرتفعة التي وصلت إليها في مارس، في ذروة الاضطرابات السياسية في منطقة الشرق الأوسط. كما أن العائدات على السندات السيادية لأبوظبي وقطر التي تحمل تصنيف - AA قريبة من معدلاتها المنخفضة التي بلغتها خلال العام، مستفيدة من انخفاض أسعار الفائدة على الدولار، وهي العملة التي تقوم بها معظم إصدارات السندات الإقليمية. وشهد الشهر الماضي اهتماما قويا بشراء سندات جهات منتقاة في أبوظبي وقطر. ومع ذلك، كان التدفق على صناديق السندات المقومة بالعملات الصعبة في الأسواق الناشئة ضئيلا خلال الأسابيع الأخيرة، مما يشير إلى أنَّ عمليات الشراء الأخيرة تمثل إعادة تمركز للأموال الحالية المخصصة للأسواق الناشئة، ولم تكن تدفقاً لرؤوس أموال جديدة.

ومن المرجح أن تظل ظروف إصدار السندات الجديدة صعبة خلال بقية العام. وتباع إصدارات السندات الكبيرة من الخليج إلى الجمهور العالمي، وتعتمد المبيعات الناجحة عادة على مشاركة المستثمرين الأوروبيين وأميركا الشمالية. ولا تبدو البنوك الغربية حاليا في وضع يمكنها من زيادة انكشافها على الأسواق الناشئة، كون المخاوف بشأن النمو العالمي والغموض فيما يتعلق بمنطقة اليورو يدفعها إلى تقليص الاقتراض والمخاطر في ميزانياتها العمومية، فضلاً عن أنه رغم جهود البنوك المركزية الأميركية والأوروبية لتوفير سيولة استثنائية، تواجه المؤسسات المالية صعوبة في جمع التمويل بالدولار وتدفع المزيد للقيام بذلك، وهو أمر لا يبشر بالخير بالنسبة للطلب على الأصول الدولارية الجديدة. وحتى في حال وجود اهتمام كاف بصفقات بعينها، فإنه من المرجح أن تكون العائدات أعلى. ونتيجة لذلك، على الأرجح أن تلجأ المؤسسات والكيانات الخليجية الى القروض المصرفية بدلا من إصدارات السندات الدولية لتقليص تكاليف الفائدة والاستفادة من ظروف السيولة المحلية القوية.

وقد أجَّلت كل من شركة أبوظبي لتطوير السياحة والاستثمار وشركة دولفين للطاقة ومجموعة ماجد الفطيم في دبي خططا لبيع سندات هذا الصيف، ولجأت إلى البنوك من أجل تأمين بعض احتياجاتها التمويلية. العلاقات مع آسيا وقد توفر بعض الأسواق المتخصصة وسيلة للجهات الخليجية المصدرة للسندات للمضي إلى الأمام، إذ أنَّ هناك اهتماماً قوياً في أدوات الصكوك المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية من جانب البنوك الإقليمية والأفراد من ذوي الدخل المرتفع، فضلاً عن المؤسسات الآسيوية، إذ باع بنك الخليج الأول ومقره أبوظبي صكوكاً لأجل خمس سنوات بقيمة 650 مليون دولار في يوليو، كان معظمها في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا. كما تتيح السندات المقومة بالعملات المحلية الآسيوية إمكانية الوصول إلى الأسواق التي فيها طلب على الأوراق المالية الإقليمية، إذ باع بنك أبوظبي الوطني ما يعرف باسم سندات الساموراي في يوليو الماضي بقمة 10 مليارات ين، وهو الإصدار الأول من نوعه من جهة خليجية. كما باعت مؤسسة الخليج للاستثمار ومقرها الكويت في أغسطس صكوكا بقيمة 750 مليون دولار ماليزي، وهو الإصدار الرابع في ماليزيا منذ عام 2008، وبحث عدد من المؤسسات الخليجية بيع سندات تقليدية وإسلامية في ماليزيا في الفصول المقبلة.

وقد تركت الظروف العالمية أثرها على سوق الائتمان في المنطقة وعلى الطلب على الإصدارات الجديدة، غير أن شرائح معينة حافظت على تماسكها وثباتها. وهكذا يبدو أنَّ الخليج محمي إلى حد ما من الصدمات التي يواجهها الاقتصاد العالمي، إلا أنه ليس محصنا ضدها. إحدى النتائج المحتملة التي قد تظهر هذا العام هي أن منطقة الخليج ربما تطور روابط وعلاقات أكثر عمقا مع أسواق السندات الآسيوية بعد التحولات في أنماط التجارة التي حدثت في السنوات الأخيرة.