المحتجون يخشون انتقام مبارك اذا ظل في السلطة

تاريخ النشر: 09 فبراير 2011 - 01:05 GMT
رحيل مبارك اصبح مسالة حياة او موت بالنسبة للكثير من المحتجين
رحيل مبارك اصبح مسالة حياة او موت بالنسبة للكثير من المحتجين

المشهد الزخرفي لحركة الاحتجاج المصممة- هتافات واعلام وقبضات مرفوعة- تملأ ميدان التحرير، الجيب الذي استولى عليه المطالبون بتغيير النظام بصعوبة. لكن البعض هناك يخشى من وجود عدو بين الصفوف.

اجرأ تحد يواجهه الرئيس المصري حسني مبارك منذ ثلاثة عقود من الحكم الاستبدادي فشل حتى الان في تحقيق هدفه الوحيد، وهو اقصاء مبارك فورا.

وبعد نشوة اولية حيال تحديهم لدولة كان ينظر اليها يوما باعتبارها لا تقهر، ينتاب القلق المتظاهرين من ان يتمكن مبارك والقادة الذين اختارهم من البقاء في السلطة.

واذا ما فعلوا ذلك، فان هناك خوفا متناميا من ان يحاول النظام المترسخ الانتقام منهم بذات الطريقة التي فعلها مرات عديدة- اعتقالات جماعية واساءة معاملة المعتقلين.

العديدون في ميدان التحرير، مركز زلزال المتظاهرين في القاهرة، لاحظوا ان هناك البعض ممن لا يبدو انهم من خارج المكان. انهم يحملون اجهزة هواتف خلوية فوق الرؤوس، ويسجلون فيديوهات للمشهد العام.

ويشتبه المتظاهرون في كون هؤلاء شرطة سريين يوثقون للحاضرين في الاحتجاجات، ويخشون من انهم ان لم يحصلوا على التنازلات بعيدة المنال التي يسعون اليها في وقت قريب، فان المؤسسة الامنية التي لا ترحم، ستتعرف عليهم وستعتقلهم واحدا بعد الاخر.

يقول صالح عبدالعزيز (39 عاما) والذي انضم للتظاهرات في الميدان لاول مرة في 28 كانون الثاني/يناير، اي بعد يوم من الصدامات العنيفة مع شرطة مكافحة الشغب "سمعنا عن رجال امن في ملابس مدنية يحومون وسط الحشود".

ويضيف "نحن حذرون ازا ما نقول لبعضنا. ولا نتحدث في السياسة كثيرا لاشخاص لا نعرفهم".

قانون الطوارئ

لعقود، عانى المصريون من القسوة والفساد على ايدي الشرطة، والخوف جزء من نسيجهم المجتمعي.

تقول معلمة مدرسة في الثلاثين من العمر كانت التقى مع مسؤولين حكوميين لبحث الاصلاحات ان احد المطالب الرئيسية للاحتجاجات هو الغاء قوانين الطوارئ القمعية، والتي وعدت الحكومة في نهاية المطاف بان تقوم بالغائها.

وتوضح المعلمة التي لم تعط سوى اسمها الاول، هبة، خشية تعرضها لعقاب الحكومة "هذا يجب ان يحصل، والا فسوف لن نكون في امان، يمكن اعتقالنا في اي وقت".

وكانت قوانين الطوارئ قد فرضت عقب حادثة اغتيال الرئيس المصري السابق انور السادات عام 1981، وهي الحادثة التي قادت الى وصول مبارك الى الحكم.

وقال موظف في منظمة هيومان رايتس ووتش انه سمع عن اعتقالات حصلت مؤخرا وتتعلق بـ"تحرشات من مستويات منخفضة" تعرض لها اشخاص يصلون الى ميدان التحرير وهم يحملون بطانيات ومؤونة، او بسبب خرقهم لحظر التجول الليلي.

وقالت الشبكة المصرية لمعلومات حقوق الانسان ان مدونا مصريا شهيرا مفقود منذ الاحد الماضي.

وقال جمال عيد الناشط في الشبكة ان المدون عبدالكريم نبيل اختفى بعد مغادرته ميدان التحرير.

وكان نبيل اخلي سبيله في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بعد اربع سنوات في السجن بسبب كتابات اعتبرت مسيئة للاسلام وبسبب وصفه حسني مبارك بانه "رمز للطغيان".

وقال عيد ان شبكته سجلت منذ 28 كانون الثاني/يناير اختفاء نحو اربعين شخصا، وتعتقد انهم قيد الاعتقال. واوضح ان هذه القائمة ليست شاملة، وان شبكته لا تزال تقوم باستكمال البيانات حول الاشخاص المفقودين.

اختطاف

يوم الاثنين، اطلقت الحكومة سراح وائل غنيم، المدير التنفيذي في شركة غوغل، والذي يقف وراء صفحة فيسبوك التي حشدت للتظاهرات الاحتجاجية.

ووعدت الحكومة باطلاق سراح بقية المحتجين المعتقلين، لكنها لم توضح اعداد واماكن احتجاز هؤلاء.

وفي حديثه لقناة دريم التلفزيونية وصف غنيم لقاءه مع الرئيس الجديد للحزب الوطني الحاكم بعد اطلاق سراحه، وحثه له على الاستقالة بسبب ان حزبه "متعفن".

وفي المقابلة قال غنيم مازحا "يبدو انني يمكن ان اختطف ثانية بعد هذه" المقابلة.

ورغم انهم لم يبلغوا هدفهم النهائي وهو دفع مبارك الى التنحي، الا ان التظاهرات التي دخلت اسبوعها الثالث قد جاءت بتنازلات هي الاقصى التي قدمها النظام.

فقد اقال مبارك حكومته وعين اخرى جديدة، كما عين نائبا لاول مرة. ووعد بان لا يسعى لترشيح نفسه مجددا في الانتخابات الرئاسية المقررة في ايلول/سبتمبر هذا العام، كما طمانت حكومته المتظاهرين بان ابنه جمال مبارك لن يترشح كما كان يخشى الكثيرون. وقد جرى تطهير قيادة الحزب الحاكم.

وبالاضافة الى ذلك، فقد وعد نائب الرئيس عمر سليمان باطلاق حزمة اصلاحات تتضمن تعديل الدستور لافساح مساحة اكبر من الحريات السياسية والتنافسية في الانتخابات التشريعية والرئاسية. لكن الكثير من المحتجين يتشككون في هذه الوعود.

احمد حسني (38 عاما) رجل معوق، قال انه فقد ساقه في حادث عام 2003 بسبب انه جرى نقله الى مستشفى لم تكن فيه معدات كافية لعلاجه من اصابة بسيطة وجرى تركه ينزف.

يقول حسني "لا نستطيع مغادرة الميدان لاننا لا نثق في النظام..لثلاثين عاما لم نثق في النظام، اذا  غادرنا، ستعود الشرطة".

ولا يعتقد الكثيرون ان الحكومة ستفي بوعودها. لقد سمعوا وعودا مماثلة من قبل، لكن التغييرات لم تحصل.

تفكيك النظام

ويرى المتظاهرون معضلة اساسية في الوعود بالاصلاح: كيف يستطيع هؤلاء الذين خلقوا نظاما تسلطيا مبنيا على امتيازات قلة وقمع اكثرية ان يكونوا مسؤولين عن تفكيك هذا النظام؟.

وخلال نفس الاسبوع، قدمت الحكومة تعهدات غير معتادة بان لا تقوم بمضايقة المتظاهرين وبان تحقق في تزوير الانتخابات والفساد الرسمي في حين المحت الى نفوذ اجنبي في التظاهرات.

كانت تلك بمثالة صفعة للحركة التي، بكل المقاييس، نشأت محليا رغم انها مستلهمة من الثورة التونسية.

وعمر سليمان الذي يدير الازمة الان، هو امتداد للمشكلة كما يراه الكثير من المعتصمين في ميدان التحري. وهم يقولون ان المدير السابق للمخابرات والجنرال العسكري باعتباره نسخة من رئيسه.

وفي هذه المساحة المتغيرة، من الصعب على المتظاهرين معرفة ما اذا كانوا يفوزون ام يخسرون، وما اذا كانت التنازلات ستصل حد الانتصار الحقيقي ما دام الرئيس في مكانه.

يقول احمد عصام (31 عاما) وهو مهندس كان يرتدي بدلة وربطة عنق وجاء الى ميدان التحرير بعد انتهاء دوامه في العمل "ما دفعني واناسا اخرين كثيرين هو جعل مبارك يرحل".

ويضيف "بعدها اظهرت محاولات مسح الادمغة والشائعات والاعلام ان النظام لم يتغير". (الاسوشييتد برس)