شباب الايمو... خذلهم المجتمع فقرروا الانتقام من أجسامهم

تاريخ النشر: 08 فبراير 2011 - 05:38 GMT
ايمو
ايمو

شيماء عبدالرحمن:

حينما دخلت الى عالم شباب "الايمو" تأكد لي ثلاث حقائق, الأولى: أن هؤلاء الشباب ليس لهم أي انتماء لدين سماوي أو أرضي, وأن ما يفعلونه مجرد رغبة في الاختلاف, أما الحقيقة الثانية فهي أن تقليد الشباب في العالم الغربي هو الدافع وراء تفشي هذه "الموضة" المدمرة.. وتتمثل الحقيقة الثالثة في أن هؤلاء يفتقدون مشروعا فكريا وثقافيا وسياسيا يلتفون حوله ويفرغون فيه طاقاتهم. وللعلم فان الايمو "emo  " اختصار لكلمة "emotion  " التي تعني الانفعال والاحساس.. فالايمو ثقافة فرعية ضد ثقافة الجماعة المتعارف عليها وترتبط بالمراهقين من سن 14 الى 19 سنة.

ثقافة الايمو من موسيقى البانك الأكثر انتشارا في بريطانيا والتي ترتبط بالأشكال الموسيقية الصاخبة والحزينة ومضادة للمتعارف عليه من الكلمات والألحان كما أنها ترتبط أيضا بموسيقى الروك والميتال الصاخبة.

وتظهر على الايمو صفات عدة هي الاكتئاب والحزن والخجل والتشاؤم والصمت ويطلق عليهم في علم النفس  Punk  Hardcore Driven Emotive   وتعني بالعربية "ذو نفسية متمردة حساسة".

والايمو حالة تمرد سلبي على الآخرين والانسحاب بعيدا عنهم, ولهم ممارسات كثيرة ومتعددة وثقافة تميزهم عن الآخرين.

 

 

   الايمو ثلاثة أنواع, فالنوع الأول يرون الانتحار وسيلة للتعبير عن حزنهم وغضبهم ويعتقدون أن الانتحار سوف يخرج الحزن منهم كما يعتقدون أنهم ذاهبون الى الموت بجميع الطرق وقد ظهر ألبوم في العام 2009 بعنوان

    Parade Black The   لفريق romance Chemical   يتناول انتحار الايمو ويدعو الى اتخاذ الانتحار عبادة, وهذه الطائفة من الايمو موجودة في مصر وهم من أصول انكليزية ويونانية وبولندية.

ويتفرع من هذا النوع قسم يكره العالم وهم من الشواذ جنسيا ويجرحون أنفسهم, وهذه الطائفة غير منتشرة في مصر, وهناك النوع الثاني الذي ينتمي له أغلب ايمو مصر وينظرون الى الحياة على أنها سبب وصولهم الى مرحلة "الايمو" ويكونون أكثر حساسية من الناس العاديين, ومشكلاتهم تكون أكثر تأثيرا عليهم من أي شخص عادي فعندما يحبون يحبون بجد وعندما يتألمون يشعرون بألم نفسي وعذاب ضمير, وأيضا يقومون بجرح أنفسهم.

النوع الثالث وهو ما يسمى "Kids Sense  " وهم دائما مبتسمون ويحبون التقاط الصور لهم ويحبون المظهر أكثر من ايمانهم بأفكار ومعتقدات الايمو.

مظهر الايمو المصري وتسريحة شعرهم وملابسهم واكسسواراتهم لا تختلف كثيرا عن الايمو الغربي, فالشعر الطويل الذي يغطي العين يعني أن هذا الشخص لا يريد أن تراه جيدا لأنه في حالة اكتئاب شديدة وهناك من يغطي عينًا ويترك عينًا ويعني ذلك أن تراه بعين واحدة.

وملابس الايمو لا تختلف بين الذكور والاناث وهي عبارة عن بنطلونات ضيقة جدا أو فضفاضة جدا وتي شيرتات تحتوي على أسماء الفرق الموسيقية المشهورة التي تنتمي للايمو وغالبا ما تكون الملابس باللون الأسود لأنهم يشعرون بالظلام والحزن بداخلهم.

وأهم اكسسوارات الايمو المصري الأحزمة وأساور اليد العريضة التي تغطي معظم المعصم وعليها رسومات جماجم بالاضافة الى النظارات العريضة السوداء, والبنات يضعن فيونكات كبيرة على شعرهن ومناديل مرسوما عليها هياكل عظمية, كما أن قصات الشعر لها صالونات معينة تقوم بتنفيذها وتوجد في مناطق مصر الجديدة والمهندسين وهي قصة موحدة بين كل الايمو, يكون فيها الشعر طويلا من الأمام ويغطي جزءا من العين ويتم صبغ بعض الخصل باللون الأزرق والزهري والأخضر.

أما ماكياج الايمو فهو ليس مقصورا على البنات فقط انما للجنسين وغالبا ما يكون كثيفا حول العين الى أن يصل الى الحواجب ويتناسب مع ملابس الايمو ويكون لونه أسود ولا يوجد مانع من وضع التاتو على وجوههم على شكل نجمة أو جمجمة كما أنهم يفضلون استخدام التاتو على جميع أجزاء الجسم.

تقول شيري مجدي (18 سنة) احدى عضوات جماعة الايمو, عن سبب انضمامها منذ نحو عامين الى ال¯ (emo  ) وهو اعجابها الشديد ب¯¯  emo Style    أنه غير منتشر بين الشباب في الجامعة وهذه الملابس تجعلها مميزة وسط زملائها .. بالاضافة الى طريقة التفكير في التعبير عن مشاعرها بحرية تامة بمعنى عندما تبكي تبكي أمام الناس لا تخجل من ذلك وعندما تضحك تضحك بصوت عال, وتضيف أنها تعرضت لفشل في علاقتها مع حبيبها وكانت تمر بحالة احباط شديدة ما جعلها تفكر في الانتحار, وبدأت في العزلة عن الناس المحيطين بها والاتجاه الى ال¯ Internet  Chat   وعرفت ال¯(emo  ) عن طريق الانترنت, ووجدت مجموعة على( Facebook  ) للايمو وبدأت تهتم بهم وتبحث عنهم وقد أيقنت تماما أن الحالة النفسية التي تمر بها يشعر بها ال¯ (emo ) ويبادلونها نفس المشاعر الحزينة, ومن ذلك الوقت قررت أن تكون فتاة ايمو  girl emo, وعن تعذيب نفسها بالموس أو السكينة تقول شيرى انها لم تجرب ذلك لكن تعرف أن أصدقاءها ال¯ (emo) يعذبون أنفسهم, لكن كل ما تفعله هي سماع موسيقى ال¯ (emo) بصوت عال وتبكي على حالها وأحيانا تدخن السجائر فقط وترقص على الموسيقى.

يقول محمود بنراوي (20 سنة) انه انضم الى الايمو منذ 3 سنوات قبل أن يدخل مصر أو يعرفه أحد وعرف الايمو عندما كان يقوم بتحميل أغاني Rock ووجد موسيقى اسمها ايمو لفتت انتباهه وأعجبته وقرر أن يبحث عن معنى كلمة (emo) على الانترنت فوجد أنها جماعة منتشرة في أميركا وأوروبا وآسيا وأعجبته فكرة التعبير عن المشاعر بارتداء ملابس بألوان غامقة والموسيقى الايمو لأنها تعبر عن الحالة التي يعيشها.

وأضاف: في البداية كنت أجد صعوبة ارتداء الملابس الخاصة بالايمو لأنها غريبة عن المجتمع وغير متوافرة في المحلات, أما الآن فبدأت الموديلات تنتشر في الأسواق وأصبحت ملابس الايمو مألوفة في المجتمع.

وقال انه قام بجرح يده بالموس وكانت تجربة مؤلمة جدا لكنه عندما شعر بألم في يديه وجسده شعر براحة نفسية غريبة لم يشعر بها من قبل.

يقول محمد حلمي 19 سنة انه معجب بالايمو لأنه ستايل غريب ولافت للنظر ليس أكثر, "فمنذ أصبحت ايمو وكل البنات في الجامعة بيجروا ورايا وهايموتوا ويكلموني لأني مختلف".

وتؤكد لبنى عادل 18 سنة أن ستايل الايمو راق جدا.

ويقول أحمد علي (19 سنة) الايمو مهم جدا لأي شخص أو شاب عنده اكتئاب أو يمر بمشكلة أو أزمة لأنه سيجد أصدقاء يتحدث اليهم ويفهمونه. والمشكلة لو أنني أظهرت أمام المجتمع الذي أعيش فيه أنني مكتئب أو حزين سيقولون عني أنني ضعيف أو انني "مش راجل" مع أن ذلك خطأ ما يجعلني اهتم بأشياء أخرى مثل الادمان, فقرار انضمامي للايمو أعتبره طريقة لأعبر فيها عن مشاعري من دون خجل, بملابسة معينة وموسيقى معينة من دون أن أجد من يستهزئ بمشاعري.

ويشير أحمد خالد (17 سنة) الى أنه حزين جدا لما يسمعه عن الايمو من أنهم شواذ جنسيا وعبدة شيطان وينتحرون في النهاية ويقول ان عبدة الشيطان لهم طرق مختلفة عن الايمو وهي الاستحمام بالدم وسماع الموسيقى مصحوبة بأصوات ال¯ (Dennim) لكننا نعبر عن مشاعرنا الحزينة بطريقة الفضفضة لمن يشبهنا في مشاعرنا وملابسنا وستايلنا... يكفي فقط المزيكا التي نؤلفها ونلحنها ونحكي فيها ما يضايقنا, ففكرة الايمو وتأسيس مجموعة على ال¯( Facebook) هو لايجاد حل لمشكلاتنا والتي يجهلها الجميع.

ويقول شريف عرابي (19 سنة) الأب الروحي للايمو في مصر وهو صاحب اقتراح تجمع شباب الايمو في مصر وعقد اجتماعات فيما بينهم بصفة دورية... أن معرفته بالايمو جاءت عن طريق الصور على الانترنت ثم تطور الأمر الى البحث عن معلومات عنهم "عشان أعرف ايه نظام الايمو", وقراءة الكتب والمقالات عن الايمو ومشاهدة الكليبات عنهم... كما أنه بدأ التعرض للمواقع التي توضح كيف تصبح ايمو?

ويقول شريف انه لم يعرف أن في مصر (emo) الى أن تعرف على فتاة ايمو تعيش في مصر ومن هنا جاءت فكرة انشاء مجموعة على ال¯( Facebook). ويقول انهم ينظرون الى الحياة باعتبارها هي التي جعلتهم ايمو فنحن والناس العاديون ليس هناك أي اختلاف بيننا سوى أننا "حساسين زيادة عن اللزوم" ولدينا مشكلات كثيرة, فنحن عندما نحب نحب بصدق واخلاص وعندما نتألم نتألم بشدة ويظل الألم النفسي مرافقنا لمدة طويلة.

وتشرح رولا هشام (16 سنة) أنها أصبحت ايمو, لأن الايمو "ناس حساسون جدا" ومختلفون عن بقية الأفراد الذين يعيشون في المجتمع, لأنهم ليس لديهم مشاعر أو احاسيس.. فقد انضمت الى الايمو لكي تخرج ما بداخلها من طاقة خاصة بعد صدمتها بأصدقاء عمرها وتخلوا عنها وتركوها وحيدة كما فشلت في قصة حب حيث كانت تعيش قصة حب من طرف واحد وبعدها شعرت باحباط شديد. وتعرفت على الايمو في مصر عن طريق ال¯( Facebook) لكنها كانت تعرف الايمو عن طريق أصدقائها في اليونان... وقد قررت الانضمام اليهم منذ 3 شهور خاصة أن ستايل اللبس والماكياج والموسيقى وطريقة التعبير عن الاحاسيس والمشاعر تناسب الحالة النفسية السيئة التي تمر بها.

وتصف د. حنان سالم أستاذ علم الاجتماع ظاهرة الايمو في مصر بأنها ظاهرة خطيرة يمر بها المراهقون ولابد أن تخضع

للدراسة, والايمو عبارة عن تعبير عن عواطف مثل الحزن والاكتئاب والخجل والتشاؤم والصمت وكلها صفات يتسم بها المراهقون في هذه المرحلة.

والايمو منفذ للتعبير عما بداخلهم, إما عن قطع اليد بمشرط أو تعذيب الجسد وجرحه فهذا مرض نفسي حاد ناتج عن الاكتئاب, كما أن هؤلاء المراهقين يشعرون بأنهم غير مرغوبين فيحاولون لفت الانظار ما يجعلهم يرغبون في الانسحاب من الثقافة المحيطة ولا يجد الايمو سوى جسده كفضاء ذاتي يمكنه أن يتعامل معه كما يريد, ومن هنا تظهر ثقافة الوشم التي أصبحت سائدة بدرجة كبيرة بين المراهقين والشباب ونظرا لانتماء الشباب للايمو فهم عرضة لجميع التحولات الفكرية والثقافية بسهولة.

ويقول د. هشام عادل صادق أستاذ الطب النفسي ان الايمو ظاهرة تخص المراهقين ومشكلاتهم التي يمرون بها في مرحلة المراهقة وذلك لاهمال الأسر المراهقين وعدم التعامل معهم بشكل جيد وعدم اكتراث هذه الأسر بالمراهقين واحتياجاتهم المعنوية والمادية المختلفة فحساسية المراهقين الشديدة تدفعهم الى اعتناق أي فكر أو أي ثقافة جديدة سواء في المجتمع المحيط أو ثقافة غريبة عن المجتمع وعلى الوالدين مصاحبة أولادهم في سن المراهقة فالأم لابد أن تأخذ ابنتها صديقة لها وتتحدث معها وكذلك الأب يجب أن يتحدث مع ابنه كصديق, ولكن للأسف نرى العكس عندما يصل الابن الى سن المراهقة يتعامل معه بعنف شديد ويضربه ويفرض عليه أوامره, ولا يعلم أن ابنه يمر بمرحلة حساسة وللأسف يصاب المراهقون في هذه المرحلة بالاكتئاب. السياسة.