ندوة في الأميركية: أضرار صحية وبيئية واقتصادية لزراعة التبغ

أقامت كلية العلوم الصحية في الجامعة الأميركية في بيروت ندوة بعنوان: "بدائل زراعة التبغ: العقبات أمام سياسات الصحة العامة".
وقد حاضر في الندوة الاختصاصي واردي ليبان، خبير محاربة التدخين في مركز أبحاث التنمية الدولية الكندي. وأقيمت الندوة في قاعة محاضرات الكلية في مبنى فاندايك.
وفال ليبان:" لسنوات عديدة وشركات التبغ تستخدم كل خدعة ممكنة لتقويض الأدلة الصحية المتزايدة عن مضار تدخين التبغ. لكن الصلة بين التبع والأمراض القاتلة باتت مثبتة ولا يمكن دحضها. لقد أصبح من المعروف الآن أن ما يقارب ستة ملايين إنسان ماتوا في العام 2010 من أمراض مرتبطة بالتدخين، ومن المرجح أن يرتفع هذا العدد إلى ثمانية ملايين إنسان سنويا بحدود العام 2030".
وقال المحاضر إن نحو 70 بالمئة من هذه الوفيات تحدث في البلدان ذات الدخل المنخفض أوالمتوسط مثل لبنان، حيث تقيم غالبية المدخنين.
وقال إن هذه الدول باتت تواجه الآن فوق أعبائها عبئاً إضافيا من الأمراض غير المعدية التي يسببها التبغ. ولفت إلى أن تدخين التبغ ليس وحده الذي يضر بالصحة والاقتصاد، بل كذلك زراعته. وقال إن شركات التبغ فشلت في إقناع الرأي العام بأن التدخين عادة غير ضارة وجذابة، فتحوّلت إلى إظهار زراعة التبغ كدخل أساسي للدولة.
وراحت تحاول تخويف واضعي السياسات من تنفيذ قوانين تهدف إلى الحد من التدخين، مثل إنشاء أماكن عمل خالية من التدخين، وحظر الإعلان عن التبغ، وزيادة الضرائب على منتجات التبغ. وقال إن ادعاؤهم استند على أن إنتاج التبغ لديه فوائد اقتصادية من حيث الصادرات والعمالة. ولفت إلى أنه، في الواقع، خلق ارتفاع نسبة الأمراض غير المعدية التي يسببها استهلاك التبغ تأثيراً اقتصادياً سلبياً على هذه الدول.
وأضاف ليبان على سبيل المثال أنه في العام 2007 في الهند، أدّت أمراض القلب والسرطان والسكتة الدماغية المرتبطة بالتبغ، إلى خسارة تناهز ستة مليارات دولار.
وقال ليبان إنه حتى الإدعاء بأن التبغ يخلق العديد من فرص العمل وينتج المحصول الأكثر ربحاً بالنسبة لصغار المزارعين ليس دقيقاً.
ففي كثير من الحالات، لا يسجل المزارعون أرباحاً على الإطلاق على الصعيد الاقتصادي. وفي لبنان، على سبيل المثال، لا يتمكن المزارعون من تغطية خسارتهم إلا بسبب دعم الريجي لهم. وفي العديد من البلدان، تتعاقد شركات التبغ مع المزارعين لزراعة التبغ. وتقدم لهم القروض ومن ثم تبتاع محصولهم بأسعار بخسة مدعية أنه أقل جودة مما هو عليه حقا، وبالتالي أقل قيمة. ونتيجة ذلك غالباً ما يقع المزارع فريسة دوامة الديون المفرغة.
وكان ليبان يتحدث خلال الندوة الأخيرة التي نظمتها كلية العلوم الصحية، والتي لديها عدد من الدراسات والأبحاث التي يمولها مركز بحوث التنمية الدولية.
وأشار ليبان إلى أن الأبحاث التي يدعمها مركز بحوث التنمية الدولية وغيره من المؤسسات، والتي تُجرى في جميع أنحاء العالم، تشير إلى أن صغار المزارعين يشكون من الآثار الصحية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية لزراعة التبغ. وهي تشمل:
مرض التبغ الأخضر الناتج عن التسمم بسبب امتصاص الجلد للنيكوتين أثناء معالجة أوراق التبغ.
مشاكل في الجهاز التنفسي بسبب استنشاق الدخان أثناء عملية التجفيف، واستنشاق غبار التبغ من التبغ المجفف الذي غالباً ما يتم تخزينه في المنزل بسبب عدم وجود مساحة للتخزين. (64 بالمئة من المزارعين في جنوب لبنان يخزنون التبغ في منازلهم).
الإفراط في التعرض للمبيدات الكيميائية التي تتطلبها زراعة التبغ بوفرة. كما أن الجريان السطحي لهذه المبيدات يؤثر على صحة الأنهار والتجمعات السمكية.
التبغ معروف بامتصاص العناصر الغذائية من التربة مما يؤدي إلى الانخفاض البطيء في خصوبتها.
تجفيف التبغ يتم في الأفران وهذا يتطلّب حرق كميات ضخمة من الخشب مما يؤدّي إلى اضمحلال الغابات في مناطق زراعة التبغ وفي جوارها.
تتطلّب صناعة التبغ في كثير من الأحيان عمل النساء فوق طاقتهن ومغادرة الأطفال للمدرسة للمساعدة في جني المحاصيل، وهي عملية تستلزم عدداً كبيراً من العمال.
واعتبر ليبان أن السبب الوحيد الذي لا يزال يجتذب المزارعين لزراعة التبغ هو أنها النوع الوحيد من الزراعة الذي يوفر المساعدة والإرشاد للعاملين به، وحيث هناك بنية تحتية متقدمة للسوق. وأضاف أن الأبحاث قد أظهرت أن المزارعين حريصون على التحول عن هذه الزراعة ولكنهم غير متأكدين من البدائل ولا من كيفية الانتقال من هذه الزراعة.
وألقى ليبان الضوء على بعض الحلول التي تم التوصل إليها في بعض البلدان، فعلى سبيل المثال، مزارعو التبغ في غرب كينيا تحولوا إلى الخيزران، وفي مالاوي نوعوا زراعة الفستق، وفي بنغلادش تحولوا إلى المحاصيل الغذائية العضوية المتعددة. وأشار إلى أن النجاح في المشاريع كان سببه التشاور مع المزارعين ومشاركتهم في بحث البدائل وتطويرالبنى التحتية البديلة للسوق.
وخلص ليبان إلى أن تكتيكات تخويف شركات التبغ لا معنى لها. وقال إن وضع تشريعات للحد من الطلب على منتجات التبغ لن يسبب الشقاء للمزارعين، ومعظم هؤلاء هم بائسون للغاية بالفعل ويرغبون في إجراء التغيير اليوم قبل الغد.
يحمل واردي ليبان شهادات عليا في الهندسة والتنمية، وعمل في مجالات الأمن الغذائي وسلامة المحيطات والطاقة قبل أن ينضم إلى مركز أبحاث التنمية الدولية الكندي في العام 1995.
خلفية عامة
الجامعة الأمريكية في بيروت
الجامعة الأمريكية في بيروت هي جامعة لبنانية خاصة تأسست في 18 نوفمبر 1866، وتقع في منطقة رأس بيروت في العاصمة اللبنانية، وبدأت الكلية العمل بموجب ميثاق منحها إعترافا حصل عليه الدكتور دانيال بليس من ولاية نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية. افتتحت الجامعة أبوابها في 3 ديسمبر عام 1866 لتمارس نشاطها في منزل مستأجر في أحد مناطق بيروت.
تعتمد الجامعة معايير أكاديمية عالية وتلتزم مبادىء التفكير النقدي والنقاش المفتوح والمتنوع. وهي مؤسسة تعليمية مفتوحة لجميع الطلاب دون تمييز في الأعراق أو المعتقد الديني أو الوضع الاقتصادي أو الانتماء السياسي، وهذا ما أرساه مؤسسها الداعية الليبيرالي دانيال بليس.