وسائل الإعلام الاجتماعية تخلق فرصاً جديدة لشركات التأمين

تشكل وسائل التواصل الاجتماعي فرصة هائلة لشركات التأمين التي تمتلك رؤية ودافعاً لتسخير شبكات التواصل الاجتماعية، التي تشهد انتشاراً عالمياً واسعاً من خلال مواقع مثل "فيسبوك" و"تويتر" و"لينكد إن" وغيرها، لخدمة مصالحها، وذلك وفقاً لدراسة أجرتها مجموعة بوسطن للاستشارات مؤخراً.
في ضوء تنامي انتشار وسائل الاعلام الاجتماعية بين مختلف الفئات العمرية تقريباً، قامت مجموعة بوسطن للاستشارات مؤخراً بإجراء دراسة عالمية حول تلك الوسائل الإعلامية نظراً لصلتها بقطاع التأمين. شملت الدراسة إستطلاعاً لآراء المستهلكين بهدف تقييم دور هذه القنوات في عملية شراء التأمين. ركز الاستطلاع أيضاً على قياس مدى تأثير وسائل الاعلام الاجتماعية على التفاعل بين شركات التأمين والوسطاء والمستهلكين، وكيف تؤثر هذه الشبكات الجديدة على مستوى رضا العملاء. كانت النتائج محط اهتمام الأطراف الفاعلة في هذا القطاع. من ضمن التصورات الرئيسية التي خلص إليها الاستطلاع:
47 في المئة من المستهلكين الذين يستخدمون وسائل الاعلام الاجتماعية يفعلون ذلك من أجل الحصول على رأي أصدقائهم وزملائهم.
64 في المئة من المستهلكين الذين يختارون شركة التأمين بناء على نصيحة الاصدقاء راضون عن اختيارهم، مقارنة بـ 56 في المئة من أولئك الذين لا يعتمدون على أصدقائهم.
14 في المئة من المستهلكين يتواصلون مع وسطاء التأمين المتعاملين معهم عن طريق الـ"فيسبوك" أو "تويتر" أو "لينكد إن"، و25 في المئة من هؤلاء المستهلكين يتواصلون مع وسطائهم عن طريق موقعين أو أكثر لشبكات التواصل الاجتماعية.
وعلق د. سفن أولاف فاتجي، الشريك والمدير الإداري لمجموعة بوسطن للإستشارات في أبوظبي: "يتمثل العامل الأساسي المهم في أن وسائل الإعلام الاجتماعية تثبت حضورها كقناة تواصل تحقق منافع كبيرة لشركات التأمين. إنها تعزز التوصيات في الأعمال القائمة أساساً على التوصيات. إضافة إلى ذلك، يتجه المستهلكون نحو التواصل مع شركات التأمين والوسطاء من خلال الشبكات الاجتماعية. وعندما يفعلون ذلك، فإنهم يظهرون قدراً متنامياً من الارتياح والرغبة في الشراء والرغبة في ترشيح وسطائهم إلى أصدقائهم. من الواضح أن هذا النوع من الاتصال لايزال في مراحله الأولى. وحقيقة أن 14 في المئة فقط من المستهلكين المستطلعين يتواصلون مع وسطائهم عن طريق الانترنت تشير إلى الإمكانات الهائلة لم تتحقق بعد."
إن الانتشار العالمي لوسائل الاعلام الاجتماعية وفقاً لأي من المعايير يعدُّ ظاهرة مذهلة حقاً. في بعض الاقتصادات المتقدمة، تصل نسبة مستخدمي أجهزة الكمبيوتر الشخصية الذين لديهم عضوية في مواقع التواصل الاجتماعية إلى 80 في المئة، ويقضون 25 في المئة من إجمالي وقت استخدامهم للانترنت وهم على اتصال بهذه الشبكات.
وعلى نحو مشابه، لايزال استخدام وسائل الاعلام الاجتماعية ينمو بوتيرة متسارعة في دول الخليج العربية. من المتوقع أن يشهد عام 2011 وجود أكثر من 7 ملايين مستخدم لموقع الـ"فيسبوك" في دول الخليج العربية، جميعهم من العملاء المحتملين لشركات التأمين. ومع ذلك، تبقى هذه الإمكانات الهائلة لنمو أعمال شركات التأمين غير مستغلة على الوجه الأكمل حتى الوقت الراهن.
تقول د. كريستيان مويك، رئيسة مشروع في مجموعة بوسطن للاستشارات في دبي: "رغم أن المبيعات عبر الإنترنت تكتسب أهمية بالنسبة لمنتجات التأمين "العادية"، مثل تأمين السيارة أو تأمين المنزل، نادرا ما يتم دعمها عبر نهج التواصل التفاعلي مع العملاء الحاليين والمحتملين من خلال وسائل الاعلام الاجتماعية." ويضيف د. فاتجي قائلاً: "معظم شركات التأمين الشرق أوسطية تستخدم مواقعها على شبكة الانترنت لتقديم معلومات حول المنتج فقط، وليس لديها أي حضور إلى الآن في مواقع وسائل الإعلام الاجتماعية."
تؤكد مجموعة بوسطن للاستشارات بأن الخطوة الأولى لشركات التأمين الراغبة في الاستفادة من مبادرة وسائل الاعلام الاجتماعية هي أن يكون لديها أهداف واضحة وأن تحدد كيف ستتلاءم جهودها المبذولة مع أولويات التسويق واستراتيجية التوزيع الشاملة.
وعلى العموم، إن الفرصة سانحة لشركات التأمين وفق ثلاثة مستويات أساسية. من خلال قيام شركات التأمين بالاستخدام الحذر والاستراتيجي لوسائل الإعلام الاجتماعية، ستتمكن من التوصل إلى طرق مبتكرة لإشراك قاعدة عملائها وتعزيز إمكانات وسطائها وتطوير أعمال التوزيع بالجملة.
إشراك قاعدة العملاء
العنصر الأساسي هو الانتقال من مرحلة تأسيس حضور بسيط على مواقع وسائل الاعلام الاجتماعية إلى إتاحة تواصل سريع وسهل، ليس فقط بين المستهلكين والشركة، بل في أوساط المستهلكين أنفسهم. تقول مويك "في الشرق الأوسط أيضاً، باشر العملاء مسبقاً في إنشاء ملفاتهم الشخصية وإضافة تعليقاتهم وملاحظاتهم حول شركات التأمين التي يتعاملون معها اليوم. سيتعين على الشركات دعم وتشجيع هذه الحوارات ودمجها في خطط التسويق والمبيعات لديها بوعي تام. وفي حين بدأ العملاء نوعا ما تمهيد الطريق نحو تلك القنوات، سيتطلب الأمر من شركات التأمين بذل جهود كبيرة لربط أنشطة وسائل الاعلام الاجتماعية الخاصة بها مع المحتوى الحالي."
نظراً لإمكانات الذاكرة الواسعة التي تمتلكها وسائل الاعلام الاجتماعية، فإن شركات التأمين بحاجة إلى إبداء تعامل واضح بشأن من سيتولى الرد على الاستفسارات والشكاوى من ضمن فريق المشروع وماذا يمكن أن يقال. يجب أن تكون ردود الشركة مكتوبة بشكل واضح ومتجانسة ومفهومة.
إن أي شركة تأمين تحاول تأسيس حضور لها في وسائل الاعلام الاجتماعية تحتاج أيضاً إلى النظر في مسألة أساسية هي: ماذا نفعل عندما نتلقى تعليقات سلبية من المستهلكين عن الشركة؟ من المؤكد أن بعض الشركات تحاول تجنب التعرض للتعليقات السلبية عن طريق العزوف عن تأسيس أي حضور لها في وسائل الاعلام الاجتماعية. ومع ذلك، يدل سلوك المستهلكين في القطاعات الأخرى إلى أن هذا النهج غير فعال نسبيا. سيتم نشر الملاحظات السلبية عن الشركات في وسائل الإعلام الاجتماعية في كل الأحوال، والخيار يدور حول ما إذا كانت تلك الشركات ستلعب دوراً فاعلاً في التعامل مع تلك الملاحظات أم لا.
يكمن الهدف الأمثل في ضرورة إنشاء جمعيات حماية المستهلك نيابة عن الشركة.
تعزيز إمكانات الوسطاء
تحظى شركات التأمين التي لديها ارتباط مع وسطاء دائمين ويعمل لديها فريق مبيعات براتب شهري بفرصة غير مسبوقة لتعزيز انتشارها وحضورها على شبكات التواصل الاجتماعية، وذلك عن طريق مساعدة وسطائها على استخدام منابر وسائل الإعلام الاجتماعية.
هناك فرصتان رئيسيتان. أولاً، بإمكان الوسطاء توسيع وتعزيز إجراءات جذب واكتساب العملاء، وذلك باستخدام مواقع الشبكات الاجتماعية لتحديد الآفاق الجديدة والحصول على معلومات قيمة حولهم. ثانياً، يمكن للوسطاء استخدام الشبكات الاجتماعية لخلق وتوطيد العلاقات مع العملاء بأقل جهد وأقل تكلفة ممكنة. كلا الفرصتين المذكورتين تحدثان تغيرات ثقافية حاسمة في طريقة التشغيل المتبعة من قبل الوسطاء، أي الانتقال من الاستخدام المقيد أو المحظور لوسائل الإعلام الاجتماعية، إلى استخدامها كأداة رئيسية في أنشطة المبيعات وإدارة علاقات العملاء.
بالرغم من أن هذا النوع من التسويق هو في مراحله الأولية - الكثير من شركات التأمين ليس لديها وسطاء يمثلونها في وسائل الاعلام الاجتماعية – تبقى هناك حقيقة واضحة وهي أن حضور الوسطاء على هذه المواقع سيصبح في نهاية المطاف العنصر الأساسي في قوة المبيعات مستقبلاً. وسيكون هذا الأمر وثيق الصلة بنمو وتطور الأعمال. يقول د. فاتجي: "في هذه المرحلة، من الممكن أن تساهم استراتيجية وسائل الإعلام الاجتماعية التي يتم وضعها بعناية فائقة لتحديد أنشطة تواصل الوسطاء عبر تلك القنوات، في تحقيق ميزة تنافسية. ومن المرجح أن تتضاعف المنافع التجارية للشركات التي تتحول إلى هذه القنوات مبكراً في السنوات القادمة."
تشير دراسة مجموعة بوسطن للاستشارات أنه عندما يتواصل العملاء مع وسطائهم من خلال وسائل الاعلام الاجتماعية، يتشكل لديهم مستوى أعلى من الشعور بالرضى والارتياح حول مجمل منتجات وخدمات الشركة. ويتكون لديهم ايضاً قدر أكبر من الثقة في شركة التأمين التي يتعاملون معها، مما سيشجعهم في كثير من الأحيان على تزكية هذه الشركة لأصدقائهم. ولعل الأمر الأكثر أهمية أن هؤلاء العملاء يصبحون بمثابة أهداف مثمرة لدعم أعمال البيع المتقاطع. يجب على شركات التأمين ووسطائها الحصول على الأدوات والاستراتيجيات المناسبة اللازمة لتحقيق أقصى استفادة من هذه الفرصة القيمة.
تطوير أعمال التوزيع بالجملة
بالنسبة لشركات التأمين التي لديها قنوات توزيع مستقلة (مثل التوزيع عن طريق الوسطاء في الشرق الأوسط)، أمامها فرصة هائلة لتوسيع نطاق أعمال البيع بالجملة لديها من خلال قنوات وسائل الاعلام الاجتماعية. هناك المزيد من المجتمعات المهنية المتخصصة في طريقها إلى التشكل، مما سيؤدي إلى نشوء الكثير من الفرص الجديدة المتاحة لتحديد كل من الشبكات والمؤثرين فيها، ولإشراك مجتمع الوسطاء والوكلاء المستقلين بشكل استباقي. بالرغم من أنه ينبغي النظر إلى هذه المبادرة على أنها مشروع طويل الأمد، يجب على شركات التأمين أن تبدأ من الآن بالتفكير في كيفية التعامل معها.
وفي نهاية المطاف، ينبغي أن يكون التساؤل حول ما إذا كان لدى كبرى شركات التأمين القدرة على عدم اغتنام الفرصة التي تقدمها شبكات التواصل الاجتماعية، ولا ينبغي أن يدور التساؤل حول ما إذا كانت تلك الشركات تستطيع القيام بذلك. وخلصت د. مويك إلى القول: " قبل 10 سنوات مضت، تساءلت العديد من شركات التأمين حول ما إذا كانت هناك حاجة بها للتواصل مع عملائها بواسطة البريد الإلكتروني أو صفحات الإنترنت، وهو أمر أصبح اليوم بديهياً."
يحظى تنامي استخدام وسائل الاعلام الاجتماعية بالأهمية ذاتها بالنسبة لشركات التأمين، وذلك بحسب د. فاتجي. وقال د. فاتجي: "في بعض دول الشرق الأوسط، تكتسب وسائل الإعلام الاجتماعية ثقة أكبر في هذه الآونة أكثر من أي مصدر آخر للمعلومات. ستحتاج كل شركة تأمين إلى تبني استراتيجية واضحة وإجراءات إنجاز محددة بدقة ونظم حوكمة قوية لتحقيق أقصى استفادة من فرصة الاستثمار في وسائل الإعلام الاجتماعية. ولكن الوقت هو جوهر المسألة. إن شركات التأمين التي لا تتخذ المبادرة حيال ذلك أو التي تتحرك بخطى بطيئة، قد تواجه تراجعاً في نمو أعمالها الجديدة. على عكس نظيراتها من الشركات التي تثبت حضورها في تلك المنابر الاجتماعية في وقت مبكر عبر برامج تفصيلية، الأمر الذي يمنحها التقدم بسرعة."
خلفية عامة
مجموعة بوسطن للإستشارات
مجموعة بوسطن للإستشارات هي شركة عالمية رائدة في الاستشارات الإدارية واستراتيجيات الأعمال. نعقد الشراكات مع العملاء في جميع القطاعات والمناطق لتحديد فرص لهم ذات القيمة العالية والتصدي لأكثر التحديات الحرجة التي يواجهونها وتحويل أعمالهم. يجمع نهجنا المخصص بين الرؤية المتعمقة في ديناميات الشركات والأسواق مع التعاون الوثيق على جميع مستويات المؤسسة الخاصة بالعميل. ويضمن ذلك لعملائنا تحقيق ميزة تنافسية مستدامة وبناء مؤسسات ذات إمكانات أعلى وتأمين نتائج دائمة. تأسست مجموعة بوسطن للإستشارات في عام 1963 وهي شركة خاصة تملك 74 مكتباً في 42 بلداً.
تقدم مجموعة بوسطن للاستشارات خدماتها في الشرق الأوسط انطلاقاً من أبوظبي ودبي. كما تلعب مكاتبها الرئيسية المتمركزة هناك، بالتعاون مع مكاتب بوسطن للاستشارات في الدار البيضاء، دوراً بارزاً في خدمة عملائها في منطقة الخليج السريعة التطور والنمو، هذا إلى جانب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. تمكنت مجموعة بوسطن للاستشارات حتى اليوم من إحراز إنجازات قياسية على صعيد خدمة شريحة واسعة من عملائها من مختلف القطاعات، بما فيها الحكومية والمالية والطاقة والمنتجات الصناعية والاتصالات والعقارات والرعاية الصحية.