بول سالم في يوم آبائها المؤسسين: الأميركية فتحت باب التفكير العقلاني في المنطقة

احتفلت الجامعة الأميركية في بيروت بيوم الآباء المؤسسين، والذي يصادف مرور 146 عاماً على تأسيس الجامعة. وقال خطيب الاحتفال الدكتور بول سالم، مدير معهد كارنيجي للشرق الأوسط، أن الجامعة طوال سنواتها المديدة ساهمت بالتحولات السياسية والاجتماعية التي شهدها الشرق الأوسط تكراراَ، عبر 82000 من خريجيها في مئة بلد وفي مراكز قيادية، وعليها اليوم أن تتحلى بإيمان الآباء المؤسسين لمساعدة المنطقة التي تشهد تغيرات سريعة على مواجهة تحدياتها المتجددة.
وأضاف سالم: "دانيال بلس كان شجاعاً. هو ورفاقه آمنوا بالحاجة إلى التقدم والتغيير والتزموا بزرع بذور التغيير الذي يستجلب التقدم. جهودهم حررت المئات ثم الألوف من الأدمغة التي فتحت باب التفكير العقلاني والعلوم والتعلم على مصراعيه. وبعد أن خرجت هذه العقول من القمقم، لم يعد من الممكن استعبادها مرة اخرى". واستخلص: "قوة آلاف العقول التي تعمل وتنمو باستقلالية ساعدت في تغيير العالم العربي".
وأبرز كيف ساهم أساتذة الجامعة وخريجوها قبل مدة طويلة من انطلاق الربيع العربي الحالي باطلاق ربيع عربي قبل 150 عام حين بدأ المفكرون العرب اعادة النظر في مقارباتهم للدين والسياسة واللغة والثقافة والتنظيم الاجتماعي.
وقال سالم: "إن أفراداً مثل الكاتبين الشيخ بطرس البستاني وناصيف اليازجي، تعاونا بشكل وثيق مع المبشّر الأميركي والباحث في الثقافة العربية كورنيليوس فان دايك وساعداه في وضع نظم وتحديث اللغة العربية التي هي وسيط الفكر والتواصل في منطقتنا اليوم". وقال إنه، بعد الحرب العالمية الثانية، أصبحت الجامعة الأميركية في بيروت مركزاً للحركات الوطنية العربية والتيارات الاشتراكية وحركة التحرر الوطني الفلسطيني. وأضاف أن الجامعة تستمر اليوم بتزويد العالم العربي بقادة في السياسة والعلوم والاعمال يضخون أفكاراً جديدة في بيئاتهم.
وتابع سالم قائلاً إن التعليم والفكر الليبرالي ساعدا في تحرير عقول آلاف الخريجين من الجامعة الأميركية في بيروت كما ساهمت الثورات العربية مؤخراً في تحريرملايين الممواطنين العرب الذين احتجزوا في زنزانات الخوف والسلبية واليأس ورفضوا الظروف السياسية والاجتماعية التي لا يمكن تحملّها والتي اضطروا للعيش تحتها.
واستدرك أن التغيير السياسي ليس بالأمر اليسير وأوضح: "إن خلع طاغية قد يكون صعباً وشاقاُ لكنه أسهل من الاتفاق على الدستور وعلى خطة تقدّم ديموقراطية". وقال إنه لهذا السبب لا تزال دول عربية عديدة تواجه الاضطرابات وسفك الدماء والخلافات القوية حول المواد الدستورية، ودور الدين في السياسة وممارسة السلطة في الحكم.
وجاء خطاب الدكتور سالم في الاحتفال الذي أقيم في قاعة الأسمبلي هول. وقد بدأ بدخول موكب الاساتذة بزيّهم الأكاديمي مع عزف لرمزي صبرا على الأرغن، فيما قُرع جرس كولدج هول ايذاناً ببدء الاحتفال. وأنشدت جوقة الجامعة بقيادة توماس كيم النشيد الوطني اللبناني ونشيد الجامعة.
وقد تكلم في بداية الاحتفال رئيس الجامعة الدكتور بيتر دورمان الذي أبرز التزام الجامعة بالتربية الليبرالية والتفكير الخلاق الذي يمكّن الطلاب من جعل رحلتهم التعليمية رحلة مدى الحياة. وقال دورمان إن الجامعة تؤمّن لطلابها ملاذاُ آمناً يستكشفون فيه الأفكار الجديدة ويتعرفون على إناس مختلفين عنهم ويعيشون تجارب جديدة.
وفي لفتة مميزة هذه السنة إلى الأب المؤسس دانيال بلس، وزعت الجامعة كتيبا حوى مقتطفات عن كتابه رسائل من جامعة جديدة والذي جمع رسائل الأب المؤسس بين 1873 و1874، وهومن نتاج طلاب صف الدكتورة رولى بعلبكي للترجمة وقد جاء بعضهم في زي من القرن التاسع عشر. كما وزّع برنامج الاحتفال الذي طبع بلون بني محروق يوحي بالقِدم. ووزعت فواكه مجففة ومربيات من النوع الذي كان الأب المؤسس يستطيبه. وكذلك عرضت للبيع كتب عن الجامعة من انتاج منشورات الجامعة قرب مكان الاحتفال.
وقد أعلن الدكتور دورمان أسماء الفائزين الثلاثة بمسابقة يوم الآباء المؤسسين الأدبية السنوية الرابعة عشرة للطلاب وموضوعها عبارة للأب المؤسس دانيال بلس يقول فيها: "حين نكون جاهلين بشيء، نسعى لمعرفته". وقد فاز بالمركز الأول بالتساوي الطالبان زينب محمد بيلون ومحمود قمبريس، فيما حُجب المركز الثاني وفازت سمر ميشال سمعان بالمركز الثالث.
وقد قرأ الفائزان بالمركز الأول مقالتيهما.
وقد أقرت زينب بيلون أنها قد تقول مثل جبران خليل جبران: " أنا جاهل بالحق المطلق، غير أنني أشعر بالضّعة أمام جهلي، وفي هذا موضع فخري وجزائي ."
وطلبت من زملائها ان يجعلوا الجهل شرارة ليسعوا إلى الادراك.
أما محمد قمبريس فقال أن من لا يعرف نفسه قد لا يعرف شيئاً على الاطلاق. وأردف أن "معرفة الذات تبدأ بفهم العالم من حولنا".
وستنشر المقالتان الفائزتان بالمركز الأول على موقع الجامعة الالكتروني.
واختتم الاحتفال بإنشاد الحضور مع جوقة الجامعة لنشيد الجامعة، وخروج موكب الأساتذة مع عزف على الأرغن لرمزي صبرا.
خلفية عامة
الجامعة الأمريكية في بيروت
الجامعة الأمريكية في بيروت هي جامعة لبنانية خاصة تأسست في 18 نوفمبر 1866، وتقع في منطقة رأس بيروت في العاصمة اللبنانية، وبدأت الكلية العمل بموجب ميثاق منحها إعترافا حصل عليه الدكتور دانيال بليس من ولاية نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية. افتتحت الجامعة أبوابها في 3 ديسمبر عام 1866 لتمارس نشاطها في منزل مستأجر في أحد مناطق بيروت.
تعتمد الجامعة معايير أكاديمية عالية وتلتزم مبادىء التفكير النقدي والنقاش المفتوح والمتنوع. وهي مؤسسة تعليمية مفتوحة لجميع الطلاب دون تمييز في الأعراق أو المعتقد الديني أو الوضع الاقتصادي أو الانتماء السياسي، وهذا ما أرساه مؤسسها الداعية الليبيرالي دانيال بليس.