العائلات يشعرون بالفخر لمشاركة ريم الجنيبي وميثاء الكعبي ضمن البعثة المتوجهه إلى انتارتيكا

حين استمعت عائلات الطالبتان لخبر رغبتهما في المشاركة ضمن البعثة المتوجهه إلى انتارتيكا، تملكهم نوع من الحيرة حول ماهية طبيعة تلك الرحلة ومدى صعوبتها.

وما أن تم الإعلان رسميا عن اختيارهما ليكونا ضمن البعثة المتوجهه للقطب الجنوبي، تمازجت مشاعر الأهل مابين السعادة والحيرة والقلق. فالسماح لهن بخوض تلك التجربة المجهولة تفاصيلها بالنسبة للعائلات لم يكن قرارا سهلا، ولكن تمسك الطالبتان بحلمهن والأصرار وراء مواصلة الطريق نحو المستقبل مكنهن في النهاية من إقناع الأهل وطمأنتهم.

ريم الجنيبي وميثاء الكعبي، الطالبتين بمعهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا، لديهما أهداف بحثية مختلفة، ولكن يجمعهما القطب الجنوبي كمكان تجرى فيه تلك الأبحاث. وقد أظهرا التزاما وعزيمة على الوصول لهذا المكان وممارسة أعمالهن البحثية بشكل قوي وراسخ.

على الرغم من أن وقوع الاختيار على الطالبتين من قبل معهد مصدر قوبل بمزيج من مشاعر الاعتزاز المشوبة بحذر بالنسبة للوالدين، الا أن خبراتهن السابقة كانت مؤشر على تمتعهما بالرصانة وحسن التصرف. ففي العام الماضي، قضت ريم ستة أيام في قرية نائية في ماليزيا لايمكن الوصول إليها إلا من خلال المشي لمسافات طويلة تمتد لأكثر من أربع ساعات للوصول إلى قمة الجبل، و لم يكن لديها كهرباء ولا أي وسيلة اتصال مع العالم الخارجي. أما ميثاء هو لاعبة محترفة في رياضة القفز الحر.

يصف جمعة الجنيبي، والد الطالبة ريم، مشاعره حين علم بالخبر قائلا: "لقد كان لدي فكرة عامة عن بعثة القطب الجنوبي، وأنا أتفهم صعوبة ذهاب مرافق مع أبنتي، ولكن في نفس الوقت، كنت مدرك لمدى الفائدة العلمية والحيايتية التي ستعود على ريم في هذة الرحلة. وأعتقد أن المشاركة في هذا الحدث فرصة فريدة لن تتكرر الا مرة واحدة في العمر، وثقتي في ابنتي ومعرفتي لمدى قوتها وشجاعتها جعلتني أوافق وأنا مطمئن البال. أنا بكل اخلاص داعم ومشجع لها على عدم تفويت هذه الفرصة ".

أما موزة خميس المقبالي، والدة الطالبة ميثاء، فتقول انها كانت في غاية السعادة والفخر عندما سمعت نبأ اختيار ابنتها الصغرى للمشاركة في هذه الرحلة، وتضيف: "بالطبع كنت وما زلت أشعر بالقلق حيال أبنتي من تركها وحدها في مشوار إكمال مهمتها، حتى بعد أن شرحت لي ميثاء كافة احتياطات وأجراءات السلامة المتبعة خلال الرحلة إلا إنني مازلت أشعر بالخوف عليها، فأنا أم وأنت تعرف قلب الأم ".

في نفس الوقت، كان محمد عبد الله بطي الكعبي، والد ميثاء، سعيد ومرتبك في آن واحد. وعبر عن ذلك قائلا: " بالطبع أنا لا أريد أن أكون أب قاسيا، وبالتأكيد لن أكون أبدا عقبة أمام تحقيق أحلام أبنتي. أشعر بالفخر بأبنتي ميثاء، وما يدخل الطمأنينة إلى قلبي أنها دائما ما كانت ومازالت تتمتع بعقلية وتوجهات مختلفة عن أخواتها. فبعد أن أكملت ميثاء تعليمها الجامعي، فضلت مواصلة مشوارها في التعليم العالي على أن تتولي أي مهام وظيفية. أنها تعشق التعلم وتحترم العلم وتقدر العلماء ".

ريم، هي الأولى في العائلة التي تشارك في بعثة بهذا الحجم، ويتركز بحثها حول وجود مصادر مختلفة للطاقة، والطاقة المتجددة على وجه التحديد، مع دراسة تأثير سلوكها المتقطع على الشبكة الكهربائية.

ومثل أي أب، كان جمعة الجنيبي فخور جدا بأبنته كونها واحدة من القلائل الذين يحصلون على فرصة للذهاب الى القارة القطبية الجنوبية. ويضيف: "يتملكني يقين بأن تلك الرحلة ستضيف الكثير إلى حجم المعرفة لديها وسوف تكون بداية جيدة لحياتها المهنية في المستقبل".

ينبع التزام ميثاء تجها أعمالها البحثية من رغبتها في مساعدة دولة الإمارات العربية المتحدة ودعمها في الجهود المبذولة حول صناعة تحلية المياه ومساعدة والدها في ايجاد وسائل للحد من ملوحة الأرض في مزارع انتاج التمور التي يمتلكها. تأمل ميثاء من خلال رحلتها للقارة القطبية الجنوبية بأن ترى عملية ترسيب الملح وماهية درجات الحرارة التي تتسبب في ذلك، وهذا مبدأ أساسي في بحثها. وهي مؤمنة بان أبحاثها سوف تعود بالنفع على مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة.

وقد فرغت الطالبتان من عملية وشراء المعدات والتجهيزات اللازمة، وهما الآن في مرحلة الاستعدادات البدنية والذهنية للحفاظ على كامل لياقتهن استعداد لرحلة شاقة.

وترى عائلة ريم أن المنظمين لتلك الرحلة لديهم الخبرة المهنية الضرورية في تنظيم تلك النوعية من الرحلات المتوجهة إلى أماكن بعيدة ذات طبيعة مناخية صعبة، الأمر الذي سهل على ريم عملية التجهيز والاستعداد.

ويشعر والد ميثاء بالسعادة البالغة لرؤية ابنته على استعداد تام للرحلة. ويضيف: " لقد ذهبت ميثاء مع شريكتها ريم الجنيبي وسارة الصايغ، الموظفة لدى معهد مصدر، لشراء المعدات اللازمة. لقد شاهدت ميثاء وهي تقوم ببعض التمارين الرياضية، ورأيتها وهي تمارس رياضة الركض حول فناء المنزل في وقت مبكر جدا من الصباح. فهي، وكما قالت، في حاجة الى ان تكون لائقة بدنيا لهذه الرحلة. أستطيع أن أرى حماسها الطاغي تجاه ذهابها ضمن هذة البعثة. "

ميثاء ليست بجديدة على المغامرات والمهام الشاقة، فهي تمارس رياضة القفز الحر والقفز بالمظلات، وهذا هو السبب الذي يجعل والد ميثاء يؤمن بقوة ابنته وتأصل روح المغارة في وجدانها بشكل يجعلها مستعدة تماما لخوض تحديات تلك الرحلة.

ويقول محمد عبدالله بطي الكعبي : "أعتقد أن لدي أولادي جميعهم، شباب وبنات، عشق المغامرة. وشخصيا أحب التحديات الصعبة ، فأنا أقوم بتسلق الجبال بحثا عن العسل. ولكن لم أكن أعرف أن ميثاء هي الأكثر جرأة وشجاعة في خوض المغامرات، فقد تشككت حين أخبرتني بأنها ذهبت العام الماضي ومارست القفز بالمظلات ولم أصدق الا حين شاهدت مقاطع الفيديو التي التقطت لها وهي تقفز من الطائرة على ارتفاع 13000 قدم. ووصفت تلك التجربة بأنها متعة حقيقية. أعرف أن ميثاء دائما ما تحب تجربة تحديات ومغامرات جديدة ".

ولم يكن لدى عائلة ميثاء أي علم مسبق بالمستكشف القطبي أو بعثة القطب الجنوبي الدولية. وفي هذا الإطار يقولون: "لم نكن نعرف شيئا عن (السير روبرت سوان)، ولكن صباح، معلمة الفيزياء والشقيقة الكبرى لميثاء، كانت قد ذكرت في أحدى المرات انجازاته كمستكشف قطبي رائد. ومع ذلك، لم نكن نتوقع أن ميثاء ستكون في أحد الأيام ضمن بعثته الدولية . انها حقا فرصة عظيمة لها، نحن نؤيدها وندعهما ونتمنى لها التوفيق ".

يرى جمعة الجنيبي أن موضوع مصادر الطاقة المتجددة هو أمر جديد وأن أي دراسة حول هذا الموضوع ستكون مفيدة جدا للبشرية نظرا لوجود الكثير من التساؤلات في هذا المجال التي لم تجد لها إجابة حتى الآن. ويضيف: "ريم لديها الحماسة ودائما ما تتحدث معنا حول الاستدامة، وعلى الرغم من الاستدامة ليست من المواضيع المعتاد التحدث فيها أثناء التجمعات العائلية، الا أن ذلك ساعدنا كثيرا على تفهم قضية غاية في الجدية وجعلتنا نشعر بالمسؤولية وندرك دورنا في الحد من تأثيرنا على البيئة ".

ويقول والد ميثاء أنه فخور جدا بانبته، حيث يرى أنها تجسد نموذج المرأة الإماراتية التي نادى بها الأب المؤسس لدولة الإمارات العربية المتحدة، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. ويضيف محمد عبدالله بطي الكعبي "ميثاء دائما ما كانت تشعر بالفخر حين كان يطلقون على الغفور له لقب " قائد البيئة ". وقالت انها تريد ان تكون ابنته التي تمشى على خطاه في هذا المجال. إنها تمتلك رغبة جامحة في تحويل الصحراء إلى أراضي خضراء والحفاظ عليها نظيفة ".

ويعتقد والد ريم ان رحلة إلى القارة القطبية الجنوبية ليست سوى بداية لريم سمتكنها من إحداث تغيير حقيقي في المجتمع. ويقول جمعة الجنيبي: " أنا متأكد من أن رحلة بهذا الحجم ستبنى مستقبل مشرق يعزيز من طريقة رؤيتها للعالم وكيفية التعامل مع مسؤولياتها تجاه بلدها والمجتمع".

تتجه كل الأنظار حاليا نحو أوشوايا، البلدة النائية في الأرجنتين، والتي ستبدأ منها رحلة استكشاف القارة القطبية الجنوبية في الـ 27 من شهر فبراير الجاري. وتستغرق الرحلة 16 يوما ستمكن طالبتان معهد مصدر من إجراء البحوث الخاصة والتعود على نمط العيش المستدام، واستخدام الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى المساهمة في نشر الوعي حول الحفاظ على القارة معزولة وإبقائها على حالتها حتى بعد انتهاء معاهدة القطب الجنوبي في 2041.

تتطلع الطالبتان إلى خوض غمار تلك الرحلة بشغف لقناعتهما بأن من شأنها أن تساعدهما في مشاريعهما البحثية، كما أنهم يشعرون بأن تلك المشاركة تعد بمثابة فخر لهما ولمعهد مصدر، وستعود نتائجها بالنفع على دولة الإمارات العربية المتحدة والمنطقة.

أنشئ معهد مصدر بالتعاون مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، وهو يدمج ما بين النظرية والممارسة ويعمل على احتضان ثقافة الابتكار وروح المبادرة، والعمل على تطوير التفكير النقدي والاعداد لقادة الغد. ويلتزم المعهد بإيجاد حلول لتحديات الطاقة النظيفة وتغير المناخ، متسلحا بأعضاء هيئة التدريس على أعلى مستوى وطلبة من الدرجة الاولى.