النظرة العالمية لبنك ساراسين: العاصفة لم تنته بعد

توقع محللو بنك ساراسين من خلال آخر تقرير عالمي حول آفاق الإستثمار أن يؤدي تصاعد أزمة الديون في الربع الثاني من العام 2012 إلى تبديد آفاق الإنتعاش خلال الأشهر المقبلة مع إحتمال حدوث تقلبات في الأسواق الناشئة خلال النصف الثاني من العام الجاري مع توقعات بأن يؤثر تباطؤ النمو سلباً على عائدات الأصول ذات المخاطر المرتفعة خلال الربع الثالث من هذا العام. وستؤدي إنتكاسات أسوق الأسهم، إلى توفير مزيد من الفرص في أسهم الأسواق الناشئة مع بقاء السندات الحكومية الآمنة غير جاذبة في المستويات الحالية حيث العائدات منخفضة، لكن تبقى سندات الشركات أكثر جاذبية. بالإضافة إلى ذلك أشار التقرير إلى أن أسواق المال والأصول العقارية هي بدائل هامة في ضوء المخاطر الإقتصادية المتزايدة.
تفاقمت أزمة ديون اليورو بشكل كبير في الربع الثاني من العام 2012 الأمر الذي سوف يتطلب مبادرة بعيدة المدى من قبل واضعي السياسات للحفاظ على الملاءة المالية لدول منطقة اليورو واستكمال الوحدة النقدية ودرء زحف أزمة الإئتمان إلى أوروبا. إن تباطؤ النمو الإقتصادي في الولايات المتحدة والأسواق الناشئة سوف يتطلب قريباً سياسة التدخل السريع. مع ذلك فإن الآثار المترتبة على إجراءات السياسات النقدية والمالية سوف تأخذ في كثير من الأحيان فترة زمنية. وبالتالي ليس هناك أي أمل لأوروبا بالعودة إلى مسار النمو قبل عام 2013. تتجه المخاطر الإقتصادية الآن بشكل واضح باتجاه نزولي. وعلى الرغم من التوسع الضروري في ميزانيات البنوك المركزية إلا أن بنك ساراسين لا يرى أي خطر للتضخم طالما أن الحكومات والأفراد يقومون بتقليص الديون.
في إطار تعليقه على التقرير، قال السيد جان أمريت، رئيس قسم الأبحاث وكبير الخبراء الإقتصاديين في بنك ساراسين: "منطقة اليورو بحاجة إلى تحول كبير من قبل صناع القرار لوقف هذه الدوامة. تتوقف الدورة الإقتصادية في بقية أنحاء العالم إلى حد كبير على مثل هذ التدخل، ولكن هناك حاجة أيضا إلى إجراءات مصاحبة من جانب البنوك المركزية في الولايات المتحدة والاقتصادات الناشئة لوقف الانكماش الوشيك".
من جانبه، قال السيد فليب بايرستشي، كبير الاستراتيجيين في بنك ساراسين: "مع إحتمالية إنخفاض حجم المخاطر يتعين على المستثمرين إتخاذ إجراءات دفاعية لتجنب النكسات الكبرى. ومع ذلك فإن الإضطرابات الكبرى في الأسواق ستفتح فرصاً في قطاعات الأسهم وسندات الشركات، وعلى المستثمرين إغتنامها".
أزمة الائتمان في منطقة اليورو والولايات المتحدة:
مع توقعات بخروج اليونان من منطقة اليورو وتزايد حالات الإعسار في البنوك الإسبانية، قامت البنوك في البلدان الأسياسية بخفض ضمانات الإئتمان التجاري في الربع الثاني من العام 2012 وتقوم الآن بجمع السيولة النقدية . وبينما تشير المؤشرات الإقتصادية الرائدة إلى أن إسبانيا وإيطاليا قد إنزلقتا إلى حالة من الركود فإن إحتمال سقوط الدول الأسياسية مثل ألمانيا في الدوامة آخذ بإزدياد. ومن أجل كسر الحلقة المفرغة بين الحكومات فإن الحاجة إلى إنشاء إتحاد للمصارف باتت ملحة وبأسرع وقت ممكن. وبات إندماج الديون الحكومية بشكل جزئي أمراً لا مفر منه. وفي هذه الأثناء تبدو موجة المد الأوربية قد وصلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
يشير مؤشر معهد إدارة الإنتاج التصنيعي بوضوح إلى أن مناخ الأعمال في الولايات المتحدة الأمريكية قد دخل في حالة الإنكماش مجدداً كما هو الحال في ألمانيا. في الوقت نفسه امتد الركود أيضاً إلى سوق العمل الأمر الذي من شأنه أن يطال ثقة المستهلكين.
الصين والهند لم تسقطا بعد:
لا تزال البيانات الإقتصادية حول الإقتصاد الحقيقي في الصين، تظهر تباطؤاً في النمو كما ولا تزال الصين غير قادرة على تحويل نموذجها الاقتصادي من الصادرات إلى الإستهلاك المحلي. بعد سلسلة التخفيضات في نسب الإحتياطي فقد خفض بنك الشعب الصيني الآن سعر الإقراض ومعدلات الفائدة على الودائع. وفي غضون ذلك تسارعت وتيرة نشاط الإقراض مما زاد الآمال بأن يكون هناك هبوط ناعم في وقت قريب على الرغم من أن الإنتظار لايزال مستمراً إلى الوقت الراهن. أما الهند وفضلاً عن حدوث تباطؤ في النمو فإن الهبوط الحاد في قيمة الروبية من شأنه أن يخفف من حدة الإنكماش.
سعر صرف اليورو مقابل الدولار:
يرى المحللون في بنك ساراسين أن الدوولار الأمريكي لن يستفيد من أزمة اليورو سوى لفترة وجيزة وفي الواقع فإنه قد يصبح عملة " أكثر قبحاً " بحلول نهاية العام الجاري. وبعد إستمرار هذه الظاهرة يصبح السؤال الأكثر إلحاحاً إلى متى سيبقى الدولار يشكل بديلاً حقيقياً لليورو. يمكن أن يدفع التباطؤ الإقتصادي مجلس الاحتياطي الاتحادي لتوسيع السيولة الدولارية أو أن يجدد الخلاف حول سقف ديون الولايات المتحدة الأمريكية يمكن أن يزعزع ثقة المستثمرين. سيقوم البنك الوطني السويسري بالمحافظة على سعر صرف الفرنك السويسري مقابل اليورو وسيمنع اي محاولات لزيادة قيمة الفرنك السويسري كما يمكن أن يدخل البنك الياباني مقابل الين القوي خلال النصف الثاني من هذا العام. وسيكون الجنيه الإسترليني عرضة للمخاطر السلبية على الإقتصاد. بشكل عام وعلى الرغم من تداخل واختلاف القوى المؤثرة في العملات إلا أنه من المرجح أن تعوض بعضها البعض. لذلك لا يتوقع بنك ساراسين أي تحركات في العملات قبل نهاية عام 2012.
مخاطر الهبوط تهيمن على أسواق الأسهم:
أزمة الديون الأوروبية وآفاق النمو الضعيفة تلقي بظلالها على النظرة السوداوية تجاه سوق الأوراق المالية. وعلى الرغم من أن المخزونات نسبية وغير مكلفة، فإن محللو بنك ساراسين يعتقدون أن تقديرات الأرباح تبدو على وشك الهبوط وبالتالي توليد الضغوط على التقييمات. يرى بنك ساراسين أن وسط هذه البيئة يجب تفضيل الأسواق الدفاعية مثل سويسرا والمملكة المتحدة. ولهذا السبب ايضاً من المحتمل أن تتفوق، القطاعات الدفاعية، مثل قطاعات الرعاية الصحية، تكنولوجيا المعلومات، والعقارات، على القطاعات الدورية في الربع الثالث من عام 2012. كما يرى محللو بنك ساراسين أن الخطر الأكبر يكمن في حدوث إنتكاسات في أسهم القطاعات المالية والصناعية الأمريكية. يوصي بنك ساراسين إلى مزيد من الإستثمار في أسهم الأسواق الناشئة بعد الدورة الدولة الإقتصادية الأولى.
العوائد الحقيقية السلبية على الديون السيادية جعل سندات الشركات ملاذا آمنا
على خلفية أزمة الديون في منطقة اليورو وتباطؤ النشاط الاقتصادي، ستقوم البنوك المركزية في البلدان الصناعية والأسواق الناشئة بتخفيف سياساتها النقدية في النصف الثاني من عام 2012. ويرى بنك ساراسين أن عوائد السندات السيادية ستبقى منخفضة. وما هو أكثر من ذلك فإن العوائد الحقيقية على الديون السيادية لا تزال سلبية إلى الوقت الراهن الأمر الذي جعل كثير من المستثمرون ينظرون إلى سندات الشركات على إعتبارها ملاذاً آمناً حيث أنها أيضاَ أظهرت مرونة ملحوظة خلال النصف الأول من العام 2012، ولكن بالرغم من العوامل الداعمة وقوة الطلب فإن أزمة الديون ومخاوف الركود الإقتصادي يمكن أن تؤدي إلى إرتفاع مخاطر الإئتمان في النصف الثاني من هذا العام. لكن على التقييمات الأكثر جاذبية وتمركز القطاعات الدفاعية، أن تمنع عمليات البيع الواسعة من جانب المستثمرين. ومن جهة أخرى يمكن لسندات الأسواق الناشئة أن تتراجع على المدى القريب نتيجة إنخفاض العملة المحلية، لكن على المدى الطويل ستبقى الديون السيادية في الأسواق الناشئة أكثر جاذبية على ضوء العوامل الأساسية القوية في المنطقة.
الأسهم ذات الإيرادات المستقرة
إسراتيجيات الإستثمار التي تركز على الأصول ذات العوائد المستقرة نسبياً مطلوبة أكثر من غيرها وفقاً لذلك فإن الشركات التي لديها نسبة عالية من الايرادات التي تتكرر سنوياً تكون جاذبة. فعلى سبيل المثال يكون تمويلها لنفسها غير مكلف ولديها موقعها بين الفائزين في ظل ظروف القمع المالي. ووفقاً لقائمة بنك ساراسين حول الأسهم ذات العوائد العالية المتكررة أوالمستقرة نسبياً فإن هذه الأسهم جذابة من حيث قيمة الأرباح التي تبلغ 12 ضعف متوسط السعر مع معدل توزيعات في الأرباح تصل إلى 3%. تشمل قائمة الأسهم الموصى بها: أكتيليون (سويسرا)، اير ليكيد (فرنسا)، باسيليا (سويسرا)، إيكولاب (الولايات المتحدة)، فريزنيوس ميديكال كير (ألمانيا)، أنترتك (المملكة المتحدة)، موبيمو (سويسرا)، بيريللي (إيطاليا)، ريكسام (المملكة المتحدة)، سوديكسو (فرنسا) وسويس برايم سايت (سويسرا).