خبير في حمد الطبية يطرح حلولاً لمعالجة ظاهرة انتشار البدانة بين الأطفال

في وقت باتت فيه ظاهرة البدانة بين الأطفال معضلة تؤرق الكثيرين من الناس حول العالم ، أصبح لزاماُ على الوالدين أن يؤدوا الدور المترتب عليهم تجاه هؤلاء الأطفال والحد من تفاقم هذه المعضلة. هذا ما أكده البروفيسور عبدالبديع أبو سمرة - رئيس قسم الأمراض الباطنية في مؤسسة حمد الطبية.
ويشير تقرير لمنظمة الصحة العالمية الى أن 43 مليون طفلاَ ممن هم دون الخامسة من العمر قد عانوا من البدانة أو الزيادة المفرطة في الوزن في العام 2010، كما ورد في هذا التقرير أنه في حال فشل الإجراءات الوقائية في الحد من هذه المشكلة؛ فإن عدد الأطفال المعنيين مرشح للارتفاع الى ما يقرب من 60 مليون طفل بحلول العام 2020ز
ويقول البروفيسور عبدالبديع أبو سمرة أن سبب انتشار البدانة بين الأطفال يعود بالدرجة الأولى الى بعض العادات المرتبطة بأساليب الحياة اليومية لهؤلاء الأطفال ؛ مثل قلة النشاطات الرياضية وارتفاع السعرات الحرارية فيما يتناولونه من أطعمة ومشروبات. ويضيف البروفيسور أبو سمرة أن أفضل السبل للوقاية من تعرّض الأطفال للبدانة يتمثل في منح هؤلاء الأطفال الفرصة لممارسة بعض التمارين الرياضية التي تتطلب مجهوداً بدنيا ، الأمر الذي سيترك أثراً ايجابياً على أوضاعهم الصحية، وتقع مسئولية حث الأطفال وإشراكهم في مثل هذه النشاطات على عاتق الوالدين والمدارس.
ويرى البروفيسور أبو سمرة أن الأطفال لا يدركون مخاطر ارتفاع نسبة السعرات الحرارية في الأطعمة والمشروبات التي تناولونها على صحتهم، وقال : " يلعب الوالدين دوراً محورياً في وقاية أبناءهم من مخاطر البدانة كونهم أصحاب القرار في اختيار الأطعمة التي يشترونها - من حبوب وخضار وفواكه ..الخ - ولا يسع الأطفال إلا أن يتناولوا ما يحضّر لهم من هذه الأطعمة. ويتعين على الوالدين الحد من استهلاك أطفالهم للمشروبات الغازية والصناعية التي تحتوي على كميات كبيرة من السكر وبالتالي تعمل على تراكم الدهون لديهم".
يذكر أن فريق أبحاث البدانة الدولي قد نشر في تقرير له أن نسبة البدانة بين الأطفال في دولة قطر قد بلغت 30% بين الذكور و 20% بين الإناث.
الجدير بالذكر أن البدانة عبارة عن تراكم للدهون الزائدة في الجسم وتكون في الغالب ناجمة عن أسباب نمائية وبيئية وأحياناً عن عوامل وراثية، ويتم تشخيص الحالة من خلال قياس مؤشر كتلة الجسم حيث يتم تصنيف حالات البدانة الى عدة فئات تبعاً لمقياس مدرّج من (1) الى (40) وتعتبر القيمة المثالية للجسم الصحيح على هذا المقياس ( 18- 24,5) في حين تعتبر القراءات التي تتجاوز (40) على هذا المقياس إشارة الى أن البدانة التي تم تشخيصها هي في الواقع حالة مرضية تنطوي على مخاطر كثيرة قد تصل بالمريض الى العجز أو حتى الى الوفاة المبكرة.
وأوضح البروفيسور أبو سمرة أن قراءات مؤشر كتلة الجسم لدى الأطفال التي تتراوح أعمارهم بين عامين وثمانية عشر عاماً تتباين بشكل واضح تبعاً لمراحل النمو التي يمرون بها، لذا لا بد من الربط بين قراءة مؤشر كتلة الجسم وعمر الطفل لكي يتسنى للمختصين تشخيص حالات البدانة لدى الأطفال، وأن الآثار المترتبة على بدانة الأطفال كثيرة ومتشعبة وقد ينجم عنا إصابة الطفل بمختلف الأمراض الأيضية، ناهيك عن كون هؤلاء الأطفال عرضة للإصابة بمرض السكري من الفئة الثانية وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والربو وانقطاع التنفس أثناء النوم.
وفي إشارة الى بعض المارسات الخاطئة في أوساط الوالدين قال البروفيسور أبو سمرة : " لا ننصح بمكافأة الطفل ببعض الحلوى أو الشوكلاته على عمل جيد قام به لأن قطعة الحلوى أو لوح الشوكولاتة، على الرغم من صغرها، تحتوي على 200- 300 سعر حراري وإذا ما تناولها الطفل أربع مرات في اليوم فإنه بذلك قد تناول من السعرات الحرارية ما يحتاجه الإنسان البالغ من هذه السعرات ليوم كامل، وكبديل لهذه الممارسات الخاطئة ننصح باصطحاب الأطفال الى المتنزهات والملاعب أو الشواطىء..
وهناك العديد من الوسائل التي يمكن من خلالها الحد من بدانة الأطفال والتي من بينها:
التقليل من ارتياد المطاعم، خصوصاً المطاعم التي تقدم الوجبات السريعة التي تحتوي على الكثير من الدهون والسعرات الحرارية.
تجنب وجبات الأطعمة الجاهزة مثل الأطعمة المعلبة والفائر المحلاة والعكرونة سريعة التحضير ورقائق البطاطا المقلية.
التقليل من الوقت الذي يقضيه الأطفال في مشاهدة التلفاز وممارسة ألعاب الفيديو واستخدام أجهزة الحاسوب المحمولة و اللوحية لأن من شأن هذه الوسائل تشجيع الطفل على الكسل وعدم الإقبال على النشاطات البدنية.
ممارسة الوالدين للنشاطات الرياضية ومشاركتهم في الفعاليات التي تقام في مختلف مناطق الدولة.
احترام رغبة الأطفال في عدم تناول المزيد من الطعام عندما يعبرون عن شعورهم بالشبع ، فالجوع والشبع يعتبران من الضوابط النفسية لإبقاء الوزن تحت السيطرة. و لا ينبغي إرغام الطفل على الأكل إذا كان يشعر بالشبع.
وطالب البروفيسور أبو سمرة المدارس بتشجيع الأطفال على تناول الأطعمة الصحية من خلال تقديم الوجبات الصحية في كافتيريا المدارس ومنح الأطفال المزيد من الوقت لممارسة التمارين والنشاطات الرياضية وبشكل يومي والحرص على إشراك جميع الأطفال في هذه النشاطات.
ونوه البروفيسور أبو سمرة الى ضرورة قيام الوالدين باستشارة أخصائئي التغذية بشأن الحصول على المشورة الصحية وتعديل الحميات الغذائية للأطفال الذين يعانون من زيادة الوزن.
يذكر أن خدمات التغذية الصحية متوفرة للمرضى المحولين في كل من مستشفى حمد العام ومستشفى الخور، كما يتوفر عدد من أخصائيي التثقيف في مجال التغذية الصحية من ذوي الكفاءة في قسم الأطفال التابع للمركز الوطني لعلاج السكري في الطابق الثاني من مبنى العيادات الخارجية في مستشفى حمد العام لخدمة هؤلاء المرضى المحولين.
خلفية عامة
مؤسسة حمد الطبية
تعتبر مؤسسة حمد الطبية المؤسسة الأولى غير الربحية التي توفر الرعاية الصحية في دولة قطر، وقد تم تأسيسها بموجب مرسوم أميري في العام 1979، وهي تدير خمسة مستشفيات متخصصة هى: مستشفى حمد العام، ومستشفى الرميلة، ومستشفى النساء والولادة، ومستشفى الأمل، ومستشفى الخور، وقد شهدت المؤسسة منذ تأسيسها تطوراً متسارعاً في مختلف مرافقها الطبية، مما مكنها من توفير خدمات تشخيصية وعلاجية عالية الجودة لمختلف الأمراض والتي لم تكن متاحة من قبل إلا في مراكز طبية خارج الدولة.