لا يظن أحمد بأن ستيف جوبز يستحق كل هذا التقدير الذي قوبل به في حياته وبعد موته؛ كما ويسرد بعض الاعتراضات على الطريقة التي كان يدير بها شركة أبل مثلا:
"ليس غرضي التقليل من نجاح ستيف جوبز وربما لدي حساسية زائد من “تقديس” الأشخاص، غير أنني أجد تناقضا بين المبادئ التي تبناها ستيف جوبز وممارسات شركة آبل. فمثلا مبدأ “فكر مختلفا” ربما كان مناسبا عندما كانت الشركة صغيرة، لكن حينما أضحت تحتكر نسبة كبيرة من سوق الموسيقى ومشغلات إم بي 3 فإن ذلك المبدأ يدعو إلى البحث عن منتجات أخرى".
ويتابع:
"منطق التفكير الحر وتشجيع الإبداع يقتضي من الشركة أن تعطي لموظفيها فرصة لإنجاز مشروعات مختلفة (كما هو الأمر عند غوغل) والإستماع إلى رغبات المستعملين، غير أن ستيف جوبز جعل كل الشركة وآلاف الموظفين وملايين المعجبين أسرى لرؤيته الأحادية لما يجب أن تكون عليه الأمور، فهو يشتغل بسرية تامة على عدد محدود من المنتوجات ولا يستطلع آراء الزبائن إلا بعد إخراج المنتوج إلى السوق، لهذا أخفقت كثير من منتجاته غير أن الحظ حالفه في مرات أكثر".
ولكن أحمد لا ينفي أن للرجل ميزاته أيضا:
"بالنسبة لي الأمر الأكثر إلهاما في حياة ستيف جوبز هو روح المبادرة، ويشترك في ذلك مع آخرين من مقاولي وادي السليكون من أبناء جيله ومن أتى من بعدهم والذين فطنوا إلى قدرة الكمبيوتر على تغيير العالم، فتركوا دراستهم الجامعية واشتغلوا من “كراجاتهم”، وتنافسوا فيما بينهم و تعلموا من بعضهم. نجاحهم مكن شخصا مثلي أن يحرر هذه المقال وينشره بأدنى تكلفة في مدونة تصل إلى أغلب بلدان العالم".
ومن جهة أخرى؛ فإن سلطان صاحب مدونة مفازة يعتقد بأن البوعزيزي كان أكثر تأثيرا من ستيف جوبز في سير أحداث العالم:
"كان البوعزيزي كادحا، لا صانعا ولا عاملا. كان يبيع الخضار، من أجل أن يجد قوت يومه، ويعيش حياته داخل دورة من الحياة البيولوجية مرتبطة بحاجات الحياة الأساسية من سد جوع وغيره، كان يكدح لكي يستمر بالحياة فقط. بالمقابل، كان ستيف جوبز صانعا، أو مخترعا كما نقول في أيامنا هذه، وبمجرد (صناعته) للحاسوب الشخصي، تحول إلى رجل أعمال ينتقل من نجاح إلى نجاح في إدارة الشركات".
ويتابع شرحه لفكرته:
"لو أن البوعزيزي عندما صودرت عربته خضع وحاول التفتيش عن طريقة أخرى يكدح من خلالها، لما كان بالإمكان مقارنته بجوبز، بل لعلنا لم نكن قد سمعنا باسمه حتى الآن. لكن عوضا عن ذلك، قرر أن يقوم بـ (عمل)، أن يحرق نفسه أمام الناس. وهذا الانتقال وحده من (الكدح) إلى (العمل)، هو الذي سيحفظ اسمه خالدا خلود الجبال الراسخات. فما فعله بعود ثقابه الذي أشعل به جسده: عمل عظيم، لكنه أيضا زائل، ينتهي بمجرد أن تخمد النيران في جسده. لكن عظمة فعله التي ثقبت الزمان، كان بالإمكان أن يتم سدها، لولا أن عشيرته (عملت) لتزيد سعة فتحة الزمان اتساعا للمرحلة التي انفصل فيها الماضي عن المستقبل الذي بات الآن رهينا لأعمال الناس، لبداياتهم، لحريتهم التي ابتدأها البوعزيزي".
يؤكد سلطان في النهاية على عظمة محمد البوعزيزي مقارنة بستيف جوبز:
"لو أن البوعزيزي لم يفعل ذلك، لما كان أحد العظماء الذي بعمل واحد قضى نحبه بعده، قام بما لم يستطع ستيف جوبز أن يفعله، إذ أن هذا الأخير ظل طول حياته رهينة لغاياته التي حددت أفعاله كصانع. مات البوعزيزي حرّا، في دولة مستبدة، في حين أن جوبز مات عبدا لغاياته في دولة يقال لنا أنها حرة".
 
  هل التونسي محمد البوعزيزي أعظم من ستيف جوبز؟
 
     
                   
   
   
   
   
  