تقسم الأمراض الى قسمين رئيسيين، هما الأمراض الجسمية أوالعضوية والأمراض النفسية أوالوظيفية، وقد اختلفت الآراء في تقييم هذه الثنائية والى أي مدى تستثني احداهما الأخرى أوتتبادل التأثير والتفاعل عند الانسان الواحد، والذي نراه أننا لا نستطيع أن نفصل هذين الجانبين أحدهما عن الآخر.
وعلى هذا فإن مراعاة الجانب النفسي والانتباه اليه والتدخل في تفاصيله له دوره العلاجي بل والوقائي أيضا في كثير من الحالات المرضية. فالمحور النفسي بما يحمله من جوانب وأبعاد محور أصيل في كيان الانسان وله دوره المؤثر سواء كان على المدى القريب أوالبعيد، وأي اغفال لذلك يكون على حساب النتائج المتوخاة من علاج المريض وتقدير مآل المرض. والملاحظ أن هذا الاغفال حسب صحيفة الخليج، قد يكون من جانب الطبيب تشخيصا وعلاجا كما قد يكون من جانب المريض في عدم مراعاة أ وربط هذه العوامل بعضها ببعض في علاقتها بالمرض.
وقد اهتم الطب الحديث اهتماما خاصا للأمراض الجسمية التي يلعب فيها العامل النفسي دورا خاصا في حصول المرض وتحديد شدته ومساره ومن ثم مآله فأطلقوا تسمية “الأمراض النفسجسمية” Psychosomatic diseases كما أطلقوا على ذلك الفرع من الطب النفسي الذي يساهم في ابتكار الطرق المناسبة في علاجها وتخفيف معاناة أصحابها “الطب النفسي الساند” في علاج هذه الأمراض Liaison psychiatry.
ان النظر الى المريض من خلال الفصل بين ما هونفسي وما هوجسمي يفوت علينا فرصة الأخذ بالأسباب المهمة والفاعلة التي تؤثر فيه ويحرمنا من نعمة ومتعة التواصل الانساني حيث المريض في أحوج حالاته اليه، ويفقد الطبيب صفة الحكمة التي طالما وصف بها في تراثنا الطبي القديم ليتحول الى جامع للأعراض والعلامات وواصف للأدوية والعقاقير.
وفقا لدراسة جديدة أجريت مؤخرا في جامعة ايموري الأمريكية، فان المحافظة على صحة نفسية جيدة وذهن صاف يعتبر من أهم العوامل الحيوية، إلى جانب الرياضة والغذاء الصحي، للوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية، وخصوصا بين النساء اللاتي تجاوزن سن الخامسة والأربعين.
فقد وجد الباحثون، بعد متابعة الصحة النفسية لعدد من الأشخاص المصابين بأمراض القلب الوعائية ومزاجهم وحيويتهم وقدرتهم على المشاركة في النشاطات الحياتية، أن نفسياتهم أثرت بصورة مباشرة على حالتهم الصحية.
ومن جانب آخر فقد تبين أن زيادة الضغط النفسي والعاطفي تلعب دورا ملموسا في دفع مرضى القلب إلى حتفهم. ولاحظ العلماء أن معدلات الوفيات بين مرضى القلب الذين يعانون في الوقت نفسه من ضغوط نفسية وعاطفية تزداد بثلاثة أضعاف عن أقرانهم من نفس المرضى ممن لا يعانون من ضغوط مشابهة.
ومن المعروف على نطاق واسع أن الحالة النفسية المتردية تلعب دورا واضحا في التأثير على الحالة الصحية للأبدان، ولها وقعها القوي عليها. ومن شأن الضغط النفسي التسبب في تقليص الأوعية الدموية ورفع ضغط الدم وزيادة عدد ضربات القلب، وبالتالي ارتفاع حاجة القلب للأوكسجين. ومن نتيجة هذا تعرض عضلة القلب إلى نقص في الدم المتدفق إليها، وهي حالة طبية تعرف باسم "احتباس عضلة القلب".
قال الدكتور ديفيد شيبس من مركز العلوم الصحية بجامعة فلوريدا إن الصلة بين الضغط النفسي والعاطفي على صحة المصاب بأمراض متصلة بالأوعية الدموية.
ويقول متحدث باسم جمعية القلب البريطانية، إن النتائج الأخيرة تضيف إلى الدلائل المتزايدة التي تفيد بأن من يتعرض لضغوط العمل والاكتئاب، ومن هو سريع الغضب ومن يقلق بسهولة، يكون عرضة أكثر من غيره لأمراض القلب والأوعية الدموية. ويشير إلى أن هؤلاء الناس يجدون أنفسهم وهم ينجرون إلى الإدمان على عادات سيئة صحيا مثل التدخين والميل إلى تناول الطعام السيئ غير الصحي_(البوابة)