نشرت وصية الصحفي الفلسطيني أنس الشريف، مراسل قناة الجزيرة في قطاع غزة، عقب استشهاده مساء الأحد، في قصف استهدف خيمة للصحفيين قرب مستشفى الشفاء بمدينة غزة، في جريمة جديدة تُضاف إلى سلسلة استهدافات الاحتلال الإسرائيلي للصحفيين والشهود.
وفي منشور مؤثر نشر عبر منصاته الرسمية، خاطب الشريف العالم بكلمات وداع حملت الكثير من الوجع والوفاء لفلسطين، قائلاً: "إن وصلتكم كلماتي هذه، فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي."
استهل الشريف رسالته بتأكيد التزامه برسالته الإعلامية والإنسانية، مشيرًا إلى أنه بذل ما يستطيع ليكون صوتًا لأبناء شعبه، منذ نشأته في أزقة مخيم جباليا للاجئين، وأن أمنيته الكبرى كانت العودة إلى بلدته الأصلية عسقلان (المجدل)، لكن مشيئة الله كانت أسبق، وحكمه نافذ.
في كلماته الأخيرة، استعرض الشريف مشاهد الألم التي عاشها خلال العدوان، مؤكدًا أنه ذاق الوجع والفقد مرارًا، لكنه لم يتوان عن نقل الحقيقة كما هي، دون تحريف، على أمل أن يكون الله شاهدًا على من سكتوا ومن قبلوا بقتلنا.
في رسالته، أوصى الشريف بفلسطين، واصفًا إياها بدرة تاج المسلمين ونبض قلب كل حر في هذا العالم، كما أوصى بأهلها وأطفالها الذين سُحقت أجسادهم بآلاف الأطنان من القنابل والصواريخ الإسرائيلية. ودعا العالم إلى ألا تسكتهم القيود ولا تقعدهم الحدود، بل أن يكونوا جسورًا نحو تحرير الأرض والإنسان، حتى تشرق شمس الكرامة والحرية على البلاد.
تحولت الوصية إلى لحظة إنسانية مفجعة حين كتب الشريف عن عائلته، موصيًا بالخير لزوجته، ووالدته، وابنته الصغيرة شام التي قال إنه لم يُمهل ليراها تكبر، وابنه صلاح الذي تمنّى أن يكون له سندًا في الحياة.
كتب الشريف عن والدته بحب وامتنان، مشيرًا إلى أن دعواتها كانت حصنه ونور طريقه، كما حيّا صبر زوجته التي وصفها بأنها بقيت على العهد، صابرة لا تنحني، وحملها الأمانة في غيابه بكل إيمان. وطلب من الجميع أن يكونوا لهم سندًا بعد الله.
اختتم الشريف وصيته بتسليم مطلق لقضاء الله، قائلاً: "إن متّ، فإنني أموت ثابتًا على المبدأ، وأُشهد الله أني راضٍ بقضائه، مؤمنٌ بلقائه، ومتيقّن أن ما عند الله خيرٌ وأبقى." وطلب من الجميع السماح والدعاء، مردفًا: "مضيتُ على العهد، ولم أُغيّر ولم أُبدّل. لا تنسوا غزة… ولا تنسوني من صالح دعائكم."
وقد فجّرت وصية أنس الشريف موجة من الحزن والغضب على منصات التواصل، حيث تم تداولها على نطاق واسع، واعتبرها كثيرون وثيقة تاريخية تلخص معاناة صحفيي غزة وشهادتهم الأخيرة على المجازر والانتهاكات المستمرة بحق المدنيين.