أوباما يتجنب "الخط الأحمر" الذي وضعه نتنياهو لإيران خلال زيارته لإسرائيل

تاريخ النشر: 16 مارس 2013 - 02:33 GMT
ارشيف/ رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو مع الرئيس الاميركي باراك اوباما
ارشيف/ رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو مع الرئيس الاميركي باراك اوباما

يزور الرئيس الأمريكي باراك أوباما إسرائيل الأسبوع الجاري مع بداية فصل الربيع وهو موعد "الخط الأحمر" الذي سبق أن حدده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لشن هجوم على المواقع النووية الإيرانية اذا تجاوزته طهران.

ولكن الحرب بين إسرائيل وإيران لا تبدو وشيكة وهي بمثابة كابوس لواشنطن في الوقت الذي تسعى فيه إلى تقليص التزاماتها الدفاعية في الخارج وتجنب أزمة نفطية خليجية طاحنة.

ويقول بعض المسؤولين والمحللين إن إيران تحاشت التهديد الإسرائيلي من خلال الحد من تخصيب اليورانيوم الى المستوى المتوسط ومن ثم لا تنتج وقودا كافيا لتصنيع أول قنبلة نووية وهو الحد الذي حذر منه نتنياهو في كلمة ألقاها أمام الأمم المتحدة في سبتمبر أيلول.

وطرح نتنياهو أسوأ السيناريوهات استنادا إلى تقارير المفتشين النووين التابعين للأمم المتحدة. ورغم ذلك كشف أحدث هذه التقارير عن تباطؤ نمو مخزون اليورانيوم المخصب الى مستوى 20 بالمئة لمواجهة الشكوك الغربية المتزايدة تجاه أنشطة طهران النووية. وتقول إيران إن التخصيب جزء من برنامج سلمي تماما.

ولم يعلن نتنياهو عن تعديل موعد حلول "الخط الأحمر" الذي يتراوح بين ربيع وصيف عام 2013. غير أن عدة مسؤولين إسرائيليين أقروا بتأجيل هذا الموعد وربما لأجل غير مسمى.

وقال أحد المسؤولين الإسرائيليين لرويترز "لم يكن الخط الأحمر موعدا نهائيا قط."

وشكك رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي في قدرة إسرائيل على الحاق ضرر دائم بالمنشآت الإيرانية النائية المحصنة. وفي نفس الوقت لا يخفي نتنياهو سرا أنه يفضل ان تتولى واشنطن القيادة في أي حرب.

ورغم ان إدارة أوباما تحشد قواتها في الخليج وتقول إنها مستعدة لاستخدام القوة العسكرية كملاذ أخير بعد نفاد جميع الحلول الأخرى إلا أنها رفضت دعوات إسرائيل بإعطاء طهران إنذارا أخيرا واضحا.

وفي مقابلة مع القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي يوم الخميس عبر أوباما بحذر عن أمله في أن تحد المفاوضات التي استؤنفت الشهر الماضي بين الولايات المتحدة وخمس قوة عالمية أخرى وإيران من المساعي النووية للجمهورية الإسلامية.

وقال أوباما للقناة الإسرائيلية "هناك مساحة - ليست فترة محددة - ولكن مساحة من الوقت يمكننا خلالها حل ذلك بالطرق الدبلوماسية وهو ما يصب في صالحنا جميعا."

وصرح أوباما بأن "الخط الأحمر" الأمريكي يتمثل في اقتراب إيران من امتلاك قنبلة نووية مضيفا "يستغرق ذلك أكثر من عام أو ما يقرب من ذلك... ولكننا بوضوح لا نريد الانتظار حتى آخر لحظة."

والثقة في أوباما ليست محل إجماع بين أفراد الدائرة المقربة من نتنياهو. وبينما قال مسؤول إسرائيلي لرويترز طالبا عدم ذكر اسمه إن "الرؤساء الأمريكيين لا يهوشون" وإنه يجب الثقة في أوباما يشعر آخرون بالقلق من أن تستطيع إيران المراوغة والتهرب من عمليات التفتيش والمراقبة وتسرع في اكتساب القدرة على تصنيع أسلحة نووية.

وقال السفير الإسرائيلي لدى واشنطن مايكل أورين للصحفيين "القضية ليست متى ستمتلك إيران قنبلة ولكن متى لا يصبح بإمكاننا الحيلولة دون امتلاك إيران لهذه القنبلة."

واتهم إيران بالتخطيط للتحرك في "مسار أقصر" ومتسارع تجاه تصنيع الأسلحة النووية "في الخفاء لكونه تحت الأرض."

وقال تقرير للأمم المتحدة صادر في 21 فبراير شباط الماضي إن إيران لديها 167 كيلوجراما من اليورانيوم متوسط التخصيب على شكل غاز بعد أن حولت بعض مخزونها إلى وقود صلب للمفاعلات. ويقول خبراء إن طهران ستحتاج إلى ما يتراوح بين 240 و250 كيلوجراما من المادة الغازية لتصنيع قنبلة رغم أنه سيتعين عليها تخصيب الوقود إلى درجة نقاء أعلى تبلغ 90 بالمئة.

ويقول دبلوماسيون إن إيران تقوم أيضا بزيادة عدد أجهزة الطرد المركزي ومن ثم يمكنها تسريع وتيرة التخصيب المتوسط لليورانيوم إذا أرادت ذلك.

ولمح نتنياهو إلى تلك التطورات في الرابع من مارس آذار عندما أكد على "الخط الأحمر" في كلمة ألقاها أمام جماعة ضغط موالية لإسرائيل في واشنطن قائلا إن إيران "تضع نفسها في موقف يجعلها تتجاوز هذا الخط بسرعة شديدة بمجرد أن تقرر ذلك."

وأشار مسؤول إسرائيلي إلى أن إيران يمكنها جمع ما بين 230 و240 كيلوجراما من اليورانيوم متوسط التخصيب - وهو ما يقل قليلا عن الكمية اللازمة لتصنيع قنبلة - على أن تنتج الكيلوجرامات القليلة المتبقية لاستكمال الكمية المطلوبة بين الزيارات الأسبوعية التي يقوم بها المفتشون لمحطات التخصيب.

وقال المسؤول إن إيران يمكن أن تنقل جميع المواد بعد ذلك إلى موقع سري لمعالجتها في وقت لاحق وتحويلها إلى وقود يستخدم في تصنيع الأسلحة مما يجعل الجمهورية الإسلامية "قوة نووية كامنة."

وأضاف "نعرف الان المواقع التي يمكن استهدافها بالضربات العسكرية ... فهل يمكن لأي منا - حتى الأمريكيين - أن يضمن هذه المعرفة التامة (بالمواقع) في المستقبل؟"

وتبدو الولايات المتحدة أكثر ثقة بشأن عمليات التفتيش النووية والمراقبة المخابراتية للإيرانيين وكذلك قدرتها على التدخل العسكري السريع.

وقال مدير المخابرات القومية الأمريكية جيمس كلابر يوم الثلاثاء "نعتقد أن إيران لا يمكنها ان تنقل المواد الخاضعة لضمانات وإنتاج كمية من اليورانيوم عالي التخصيب تكفي لتصنيع أسلحة قبل أن يتم اكتشاف هذا النشاط."

وعبر مارك فيتزباتريك المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأمريكية عن شكوكه في ان تحاول إيران المراوغة للالتفاف على "الخط الأحمر" الذي وضعه نتنياهو وما إذا كانت إسرائيل سترد على ذلك بشن هجمات.

وقال فيتزباتريك الذي يرأس برنامج منع الانتشار ونزع السلاح في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن "لن يتخذ أحد قرارا بشأن الحرب أو السلام بناء على كيلوجرامات قليلة من اليورانيوم المخصب عند مستوى 20 بالمئة."

وأضاف "لا يعلم أحد ما هو الخط الأحمر الإسرائيلي الحقيقي. ولا أعتقد أن إسرائيل تعرفه أيضا."

وعاب فيتزباتريك على نتنياهو لتركيزه على اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمئة قائلا إن ذلك قد يصرف الأنظار عن التقدم المستمر في نواحي أخرى خطيرة لبرنامج ايران النووي مثل تطوير أجهزة الطرد المركزي وأطنان اليورانيوم منخفض النقاء.

غير أنه رأى مكسبا تكتيكيا لنتنياهو "في تذكير العالم بوجود خطر ملموس هنا بعد أن سمع العالم كثيرا قرع طبول الحرب من جانب إسرائيل."